عندما تخضع حقوق الشغيلة لتطبيقات حاسوب وزارة الشغل

تقديم

انطلقت عملية انتخابات مندوبي الأجراء لسنة 2021.. فبعد تهييء اللوائح الانتخابية التي تحمل توقيع المشغل وإلى جانبه توقيع مفتش الشغل، تم إلصاقها في أماكن العمل ابتداء من 30 أبريل. وتضم هذه اللوائح الانتخابية أسماء الأجراء الذين أكملوا 16 سنة ويتوفرون على أقدمية 6 أشهر في الشغل والذين لم يصدر عليهم أي حكم نهائي…
ويحق للأجراء داخل أجل ثمانية أيام من 30 أبريل إلى غاية 7 ماي التعرض على اللوائح في السجل المخصص لذلك، ويقوم المشغل بالرد على هذه التعرضات داخل أجل عشرة أيام من 30 أبريل إلى 9 ماي.
كما يحق للأجراء تقديم الطعون في اللوائح الانتخابية لدى المحاكم الابتدائية المختصة داخل أجل عشرة أيام من 10 ماي إلى غاية 17 ماي.
أما الترشيحات لمندوب الأجراء فستقدم لوائحها من 18 ماي إلى فاتح يونيو، ويقوم المشغل بإلصاقها من 2 إلى 9 يونيو، لتجري عملية اقتراع مندوبي الأجراء بين 10 يونيو إلى 20 منه.
ومعلوم أن المادة 433 من مدونة الشغل تحدد عدد مندوبي الأجراء بالمؤسسة على النحو التالي:
– من 10 أجراء إلى 25 أجير: مندوب أصلي واحد ومندوب نائب
 – من 26 إلى 50 أجير: مندوبان أصليان ومندوبان نائبان
– من 51 أجير إلى 100 أجير: 3 مندوبين أصليين و3 مندوبين نواب 
– من 101 إلى 250 أجير: 5 مندوبين أصليين و5 مندوبين نواب
– من 251 إلى 500 أجير: 7 مندوبين أصليين و7 مندوبين نواب
– من 501 إلى 1000 أجير: 9 مندوبين أصليين و9 مندوبين نواب
ويضاف مندوب أصلي ومندوب نائب عن كل مجموعة إضافية تتكون من 500 أجير.
وتنص المادة 437 أنه يتم انتخاب مندوبي الأجراء من قبل هيأة العمال والمستخدمين من جهة، وهيأة الأطر وأشباههم من جهة أخرى، على أنه في هذه المادة لم ترد صيغة هيأتين انتخابيتين بشكل إلزامي ومحصور لأن الفقرة الثانية منها تمنح للمشغلين والأجراء الحق في إمكانية تغيير عدد الهيآت الناخبة وتكوينها سواء بموجب اتفاقية شغل جماعية أو باتفاق يبرم بين الطرفين قصد خلق أكثر من هيأتين. (حسب خصوصية المؤسسات وتنوع الأصناف المهنية)..
وتمنح نفس المادة للمشغلين والأجراء الحق في توزيع المؤسسات بالمقاولة، وتوزيع الأجراء بين الهيآت الناخبة وتوزيع المقاعد بين هذه الهيآت، وعند عدم حصول اتفاق بين الطرفين يتولى مفتش الشغل التحكيم بينهما.

الجزء الأول

إلى هنا تبدو الأمور سلسلة وواضحة، إلا أن هذه السلاسة والوضوح سيربكها – على ما يبدو – تأويل لوزارة التشغيل مفاده أن عدد المرشحين (المقاعد) لا يجب أن يتجاوز ما هو مخصص (ويتناسب) مع العدد الإجمالي للأجراء بالمقاولة والمؤسسة وفقا لما حددته المادة 433 أعلاه. وهو مستجد لم يكن معمولا به في انتخابات 2009 و2015. فقد جرت العادة على أن تتم انتخابات في مؤسسات المقاولة (وكالات، فروع، أوراش…) كلما تجاوز عددها 10 أجراء وهي ممارسة بالتأكيد كانت تعطي عددا أكبر من مندوبي الأجراء مقارنة بما لو تم الأخذ بعين الاعتبار فقط بالعدد الإجمالي للأجراء.
وربما كان هناك تذكير أو تنبيه للنقابات بأن تطبيق حاسوب الوزارة لن يسجل إلا عدد المقاعد المقرون بالعدد الإجمالي للأجراء وبالتالي يجب أن لا يتجاوز عدد المترشحين في الهيآت العدد المخول من المقاعد.
وهذا يعني أن المؤسسة التي يتواجد فيها مثلا 230 أجيرا وهيأتان انتخابيتان: هيأة الأطر وأشباههم 70 أجير، وهيأة العمال والمستخدمين 160 أجير لن يتقبل تطبيق حاسوب الوزارة إلا 5 مندوبين أصليين و(5 نواب)، فيما الذي جرى به العرف في العديد من المؤسسات أن هيأة الأطر (70 أجير) تنتخب 3 مندوبين عنها، وهيأة العمال تنتخب 5 مندوبين على اعتبار أنهما تتكونان من 160 أجير مما يعطينا 8 مندوبين غير أن تطبيق حاسوب الوزارة لن يتقبل إلا خمسة!!!
وقد تكون هناك مؤسسات يتفق فيها المشغل مع الأجراء على خلق أكثر من هيأتين لوجود تخصصات مهنية متنوعة ومشاكل وقضايا تهم كل فئة مهنية على حدة والحاجة القصوى لتواجد ممثلين عن كل هيأة (افتراضا 5 هيآت انتخابية كل واحدة منها يتجاوز عدد أجرائها 10) وبديهي أن عدد المقاعد سيكون أكثر مما هو محدد بالنسبة للعدد الإجمالي للأجراء.
ومادام ليس هناك ما يمنع من اتفاقات في هذا الاتجاه باعتبارها أكثر فائدة للأجراء، ومادام لو تشبتت الوزارة بتأويلها الخاطئ لقانون الشغل فستكون النتيجة تقليص فظيع في إضعاف مندوبي الأجراء وإضعاف للنقابات الأكثر تمثيلية سواء على مستوى المقاولة أو المؤسسة أو على الصعيد الوطني.
ولتوضيح الأمر وتبسيطه على المستوى الوطني سنأخذ مثلا مقاولة بنكية عدد أجرائها بالمملكة هو (890 مثلا) فإن تطبيق حاسوب وزارة التشغيل مبرمج على قبول 9 مندوبين حسب المادة 433.
لكن سنفترض أن لهذه المقاولة البنكية وكالات بعشر مدن مغربية (مثلا) وأن أجراءها موزعون على الشكل التالي: الدار البيضاء 230 أجير – الرباط 130 أجير – مراكش 110 أجير – طنجة 90 أجير – فاس 80 أجير – مكناس 70 أجير- أكادير 60 أجير – العيون 50 أجير – وجدة 40 أجير – بني ملال 30 أجير .
هذا يعني أن مؤسسات هذه المدن يجب أن تتوفر على العدد التالي من مندوبي الأجراء حسب المادة 433:
الدار البيضاء 5 مندوبين- الرباط 5 مندوبين- مراكش- 5 مندوبين – طنجة 3 مندوبين – فاس 3 مندوبين – مكناس 3 مندوبين- أكادير 3 مندوبين – العيون مندوبان اثنان – وجدة مندوبان اثنان – بني ملال مندوبان اثنان.
أي ما مجموعه – وحسب ما جرت عليه الانتخابات في السابق – 33 مندوبا أصليا للأجراء (زائد 33 مندوبا نائبا) .
وهو رقم أي (33) بعيد جدا عن 9 مندوبين الذين سيسمح لهم تطبيق حاسوب الوزارة بامتلاك صفة مندوب للأجراء!!
إذا كان صحيحا أن هذا هو تأويل الوزارة لكيفية توزيع المقاعد واحتسابها فإنه في نظري المتواضع تأويل خاطئ لقانون الشغل وتضييق على تمثيلية الأجراء كما جرت عليه العادة والعرف في بعض المقاولات الكبرى، وذلك للأسباب التالية:
1- توسيع رقعة (عدد) مندوبي الأجراء لا يعتبر مخالفة لمدونة الشغل ولا توجد مادة تعاقب عليه أو تمنعه.
2- توسيع تمثيلية الأجراء بشكل أفقي هو دعم للحوار والتواصل والقرب والدمقرطة والإسراع في حل المشاكل اليومية وعدم تراكمها، والحاجة هنا تنزل منزلة الضرورة كما يقال والأمور بمقاصدها.
3- لا أعتقد أن العدد الذي حددته المادة 433 جاء بصيغة الإلزام والتقيد الحرفي، فالعبرة في المقاصد والمعاني خصوصا وأن مدونة الشغل في مجال العملية الانتخابية حرصت وركزت وكررت الإشارة لاتفاق الطرفين ولم تشر لأي منع في هذا الإطار.
4- وفي سياق الملاحظة الواردة في النقطة 3 أعلاه، فالعقوبات المنصوص عليها في المادة 462 المتعلقة بمندوبي الأجراء حصرت المقتضيات الزجرية فيما يلي (فقط) من المخالفات:
– عدم قيام المشغل بإعداد اللوائح الانتخابية ..
– عدم وضع سجل التعرضات…
– إغفال المشغل إلصاق لوائح الترشيح…
– عدم التقيد بتواريخ العملية الانتخابية…
– عدم وضع مكان مخصص لاجتماعات مندوبي الأجراء…
– عدم إتاحة المشغل لمندوبي الأجراء الوقت اللازم لأداء مهامهم…
– رفض المشغل استقبال مندوبي الأجراء…
– المس بحرية انتخاب مندوبي الأجراء…
– عدم إجراء انتخابات جزئية…
– عدم احترام المسطرة التأديبية في حق مندوبي الأجراء…
– عدم مسك السجل الخاص بمندوبي الأجراء…
– عدم إجراء الانتخابات…
5- المادة 433 توجب (تلزم) بإجراء انتخاب مندوبي الأجراء في كل مؤسسة تشغل اعتياديا 10 أجراء دائمين (ليس هناك كلمة المقاولة).
6- المادة 437 تمنح للطرفين (المشغل والأجراء) الحق  في توزيع المؤسسات بالمقاولة وتوزيع الأجراء على الهيآت الناخبة.
7 – المواد المتعلقة بالعملية الانتخابية كلها تتحدث عن المؤسسة وليس المقاولة، وقد وردت كلمة المؤسسة بالمواد التالية: 
430- 434- 437-438- 439-443- 445-451
8- بل إن مدونة الشغل عندما تطرقت لمهام مزاولة مندوبي الأجراء توضح الأمر ببداهة كبيرة:
– يمكن لمندوبي الأجراء أن يعلنوا بواسطة الملصقات البيانات… في داخل أماكن الشغل (المادة  455).
– …الوقت الكافي لممارسة مهام مندوبي الأجراء داخل المؤسسة أو خارجها (المادة 456).
– استقبال المشغل لمندوبي الأجراء إما فرادى أو بصفتهم ممثلين عن كل مؤسسة أو ورش أو مصلحة أو حسب الاختصاص المهني (المادة 460).
– السجل الخاص بشكاية الأجير أو الأجراء وضروري وضعه رهن أجراء المؤسسة (المادة 461).
فمندوب الأجراء مهامه يومية (التوقيت الخاص به، الاجتماع الشهري مع المشغل أو من ينوب عنه، تقديم الشكايات الفردية)، بينما المشرع يتحدث عن حضور مندوب الأجراء بالمقاولة.
عندما يتطرق للجنة السلامة وحفظ الصحة (المادة 336) وأيضا للجنة المقاولة (المادة 464) مع ملاحظتين أساسيتين:
أن لجنة الصحة تجتمع كل ثلاثة أشهر ولجنة المقاولة كل ستة أشهر، وهي فترات متباعدة. والملاحظة الثانية أن أعضاء اللجنتين يتم انتخابهم من طرف كافة مندوبي الأجراء.
9-  وفي جميع الأحوال يتوجب الرجوع للمادة 11 من مدونة الشغل والتي يمكن اعتبارها صريحة وواضحة في إباحة والسماح بكل إجراء أو حكم يكون أكثر فائدة للأجراء (بما فيه طبعا المؤسسات التمثيلية للأجراء) بحيث ورد فيها حرفيا: “لا تحول أحكام هذا القانون (أي مدونة الشغل) دون تطبيق الأنظمة الأساسية أو عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي أو ما جرى عليه العرف من أحكام أكثر فائدة للأجراء”.
في نظري وتفاديا لأي انزلاقات، يتوجب الوقوف عند ما جرى عليه العرف، فمن الحكمة الأخذ بعين الاعتبار  ما تعارفت عليه بعض النقابات (والأجراء) مع بعض الإدارات (المشغلين) في كيفية انتخاب مندوبي الأجراء كمكسب فعلي وحقيقي وكمظهر من مظاهر الشراكة الاجتماعية والإيجابية والمنفتحة على توسيع تمثيل الأجراء وإيصال شكاويهم ومقترحاتهم ومقارباتهم من خلال حضور مباشر لصيق ويومي بظروف العمل وبغالبية الأجراء. فليس هناك ما يبرر توقيف أو إلغاء عرف أو ممارسات تضمن السلم الاجتماعي من خلال توفر المغرب على مقاولات مواطنة مسؤولة اجتماعيا من جهة، وعلى نقابات ومندوبي أجراء كقوة اقتراحية وشريك اجتماعي.
وعوض أن تتجه الإجراءات إلى تقليص عدد مندوبي الأجراء على الصعيد الوطني، سيكون من الأجدر أن تتكاثف المجهودات الرقابية لإلزام الشركات التي لا تنظم أصلا انتخابات مهنية وهي الغالبية داخل النسيج الاقتصادي، ومن أجل دفع هؤلاء المشغلين الذين يرفضون تواجد مندوبي الأجراء بمؤسساتهم يتوجب تحرير محاضر لمخالفات ضدهم تطبيقا للمادة 463 وذلك على رأس كل شهر على الأقل.
كما يتوجب على النقابات بعد انتخاب مندوبي الأجراء أن تضع لهم برامج تكوينية في قانون الشغل والتواصل والموارد البشرية والجودة ليتمكن هؤلاء المندوبين من القيام بدورهم على أحسن وجه.
يتوجب على طرفي العلاقة الشغيلة أن يرقوا بعلاقتهم الجماعية، فهم ليسو بالضرورة والمطلق خصوما اجتماعيين، بل شركاء اجتماعيين خصوصا في ظل العولمة والمنافسة.

الجزء الثاني

أود التأكيد مرة أخرى، وفي سياق ما أشرت إليه سابقا، أن تطبيق حاسوب وزارة الشغل المتعلق بعملية انتخابات مندوبي الأجراء يخضع (بضم الياء وكسر الضاد) حقوق الأجراء لتركيبته ومنطقه وليس لمقتضيات مدونة الشغل والمكتسبات والأعراف والمنطق.
ومن غرائب هذا التطبيق أنه يقبل عددا أقل من مندوبي الأجراء المشار إليه في المادة 433 من مدونة الشغل! لكنه يرفض إدخال عدد المرشحين إذا “تجاوز” العدد المشار إليه في نفس المادة، وتجاوزا أقول “تجاوزا”!.. وفي هذا السياق كيف لتطبيق حاسوب وزارة الشغل أن يرفض ما يلي:
أولا: اتفاق بين المشغل والأجراء على منح مقاعد تمثيلية “أكثر” رغم تنصيص المادة 230 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: “الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة  إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في “القانون”.
وهكذا فرغم أنف المادة 230 هاته يجوز لتطبيق حاسوب وزارة الشغل أن يلغي اتفاقا بين المشغل وأجرائه!
ثانيا: بنود اتفاقية شغل جماعية، فقد تتضمن هذه الاتفاقية من بين ما تتضمن عددا من مندوبي الأجراء يتجاوز ما هو وارد في المادة 433 من مدونة الشغل. كما قد تتضمن اتفاقيات الشغل الجماعية مجموعة من “الزيادات”: في الأجور، في المنح، في أيام العطل السنوية، في التقاعد التكميلي، في حماية الحقوق النقابية…إلخ. 
وقد يهدف الموقعان على اتفاقية شغل جماعية على زيادة عدد مندوبي الأجراء لمزيد من التواصل والدمقرطة والتمثيلية… وعند تقديم المرشح تطبيق حاسوب وزارة الشغل، ستكون سلطة وقرار هذا التطبيق أقوى من الاتفاقية الجماعية!
ثالثا: عدد مندوبي الأجراء المشار إليه في المادة 433 هو حد أدنى  ولم يرد كحد أقصى بدليلين: الأول ما تنص عليه المادة 11 من مدونة الشغل التي توضح بصريح العبارة أنه يمكن تطبيق أحكام جرى عليها العرف وأكثر فائدة للأجراء. والثاني وهو توضيح من “المفضحات” ما ورد في ديباجة مدونة الشغل: “….وتعتبر الحقوق التي يقرها (قانون الشغل) حدا أدنى لا يمكن التنازل عنه. وفي حالة تنازع القوانين تعطى الأولوية في التطبيق للمقتضيات القانونية الأكثر فائدة للأجراء”، غير أن تطبيق حاسوب وزارة الشغل يمكنه التنازل عن الحد الأدنى بقبول عدد أدنى من مندوبي الأجراء. وهكذا إذا اتفق المشغل والأجراء على “تجاوز” عدد المرشحين فهذا لن يضرهم في شيء، لكن ربما عنصر الضرر لحق بتطبيق حاسوب وزارة الشغل، لذلك فهو لا يتفق على اتفاق الأطراف المعنية!!!
رابعا: أخيرا وليس آخرا !!! أو بداية الخاتمة!
وحتى ندفع النقاش لما هو أعمق، وبقراءة وتأويل مختلفين للمادة 433 التي تحدد عدد المندوبين بالنسبة لعدد الأجراء (من 10 إلى 25 أجير- من 26 إلى 50 أجير – من 51 إلى 100 أجير – من 101 إلى 250 أجير –  من 251 إلى 500 أجير – من 501 إلى 1000 أجير. ويضاف مندوب أصلي ومندوب نائب عن كل مجموعة إضافية تتكون من 500 أجير)… يلاحظ هنا أن كلمة أجير والأجراء لا يتبعها ولا ترتبط بالمقاولة أو بالمؤسسة بل تأتي كتحديد للقاعدة الانتخابية (ولنسميها الهيأة الانتخابية!) بل إن منطق تسلسل المواد بعد 433 يمكن تأويله أن المقصود هو عدد الناخبين في الهيأة أو الهيآت الانتخابية، وهكذا فالمادة 435 في فقرتها الأخيرة تشير إلى ما يلي: “..يمكن إنهاء مهمة مندوب الأجراء بسحب الثقة منه (…) بقرار مصادق على صحة إمضائه يتخذه ثلثا الأجراء الناخبين”. ومن الجلي أن المقصود هنا يتعلق بالناخبين الذين صوتوا عليه في الهيأة.
كما أنه ورد في المادة 436 ما يلي: “إذا توقف المندوب الأصلي عن مزاولة مهامه (…) خلفه المندوب النائب عن فئته المهنية والذي ينتمي إلى لائحته الانتخابية”. هل يمكن أن نستنتج أن عدد الأجراء الذي يتوجب أن نستنتج أن عدد الأجراء الذي يتوجب اعتماده في تحديد عدد مندوبي الأجراء، هو عدد الناخبين بالهيأة وليس العدد الإجمالي للأجراء؟؟
أضع هذا التحليل الشخصي والمتواضع للنقاش، وأتمنى أن أكون مخطئا فيه، وأتمنى أن يتفضل المهتمون بدحض هذه المقاربة، وأتمنى منهم أن يتم تنبيهي لأمور في المدونة لم أنتبه لها في هذه المقاربة… أتمنى بكل صدق أن أكون مجانبا للصواب من أجل أن يرتاح ضميري لكوننا جميعا لم نخطئ طوال نصف قرن، وبأن الانتخابات السابقة احترمت فعلا مقتضيات مدونة الشغل وطبقت تطبيقا صحيحا للمقتضيات المتعلقة بالعمليات الانتخابية المهنية…

< بقلم: سعيد لماني

يتبع….
* مستشار في قانون الشغل والعلاقات المهنية 

Related posts

Top