عن العنف الشامل واليومي

الحلقة الثانية

أتساءل أحيانا حول الفائدة من إطلاق كلام تنديدي بما أن هذا لا يغير من الأمر شيئا.
 أذهب إلى وكالة هاتفية بطنجة. مشكل الموديم الذي لم يعد يشتغل البتة. أقف في الصف وأنتظر لمدة عشرين دقيقة. أحد الأفراد يقتحم الصف ويمر أمام الجميع وينطلق في عرض مشكله لموظف الوكالة.
 لا أحد يقوم برد فعل. استغربت، بادرت إلى الكلام وطلبت منه بلطف أن يحترم الصف وينتظر إلى حين يأتي دوره.
 ليتني لم أنبس. طفق يصيح كأنني أنا المخطئ. لم أصرخ لكن حاولت أن أشرح له أن أبسط شيء هو الوقوف في الصف مثل الجميع. استمر في الصياح وهددني وهو يرفع يده في وجهي كأنه يريد أن يذهب بعيدا ويعاقبني جسديا.
الأخطر في هذه الحالة التي تشمل بلدنا بكامله، أن لا أحد قام بالتدخل. لم نتعود على هذه اللامبالاة. نؤاخذ الأوروبيين بأنهم أنانيون وفردانيون، وها نحن المغاربة، أكثر سوءا منهم.
أتساءل من أين أتى هذا العنف، هذه الشراسة وأيضا حالة أولائك الذين يتابعون دون القيام بأي رد فعل. ماذا يحدث في بلدنا العزيز الذي نتغنى بقيمه و حلاوة العيش فيه.  
التربية. هذا هو مصدر مآسينا، الصغيرة والكبيرة منها. سواء كانت المدرسة أو الأسرة، لا أحد ينشغل بتلقين أبنائنا أبسط قواعد التربية للعيش المشترك في أدنى مستوى من الاحترام. الجميع انسحب. وبالتالي نستغرب من أن شبانا تم استقطابهم من طرف الجماعات الجهادية، من طرف الهمجية والوحشية.
أفكر في هذا الشخص الذي لا يحترم الوقوف في الصف والذي فوق ذلك لا يتحمل أن يتلقى انتقادات من أحد، هذا الشخص دخل سلفا في منظومة العنف. يعلم أنه عن طريق العنف يمكن له أن يحصل على كل شيء، إلى أن يصل إلى مستوى خطير ومخيف، ليس هناك سوى خطوة تفصله عن اليوم الآتي.
رائع. المجهود الذي تقوم به الشرطة لتفكيك الخلايا الإرهابية. العالم بأسره، يعترف للمغرب بنجاعته ويقظته على هذا المستوى.
 لكن خارج ساحة الشرطة، ألا ينبغي الاهتمام بالتربية، بالنظر لأنها الكفيلة منذ الطفولة لتحصين الطفل من كل ميل نحو العنف وخرق القانون.
إنها مسألة تربة وأخلاق. لا أدري ما يتم تلقينه في المدارس العمومية، لكن يتعين القيام بالتحذير لأن مجتمعنا مهدد بأن يصير جسدا مريضا إذا تم ترك الحبل على الغارب للانجرار نحو ممارسات منحرفة أكثر خطورة.
 نعم، هذا يبدأ بعدم احترام الصف في وكالة ويمكن أن ينتهي إل بعض الأمور الأكثر خطورة، أكثر عنفا، أكثر وحشية. هناك مثل شعبي سيء يقول: “المغربي كيخاف ما كيحشم”.
 خسارة أن مسألة الخوف هاته تتصدر كل ما هو أخلاقي. النساء يتعرضن أحيانا للتعنيف في الشارع. الناس يمرون دون القيام بأي تدخل. التعنيف والسرقة وخرق القانون والافتخار بذلك. إنها بداية الانهيار.
ربما أنني أبالغ لكنني ألاحظ أكثر فأكثر عنفا معبرا عنه مجانيا، خاصة لدى بعض الشبان الذين يعتقدون أن كل شيء جائز.

بقلم: الطاهر بنجلون

ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top