عن صورة البرلمان

صورة برلماننا بدت، خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأخيرة بمجلس النواب، مثيرة لحزننا، وباعثة على الامتعاض و…القرف.
أعضاء فريق نيابي يحملون داخل قاعة الجلسات يافطات ورقية للاحتجاج على اعتقال أحد قياديي حزبهم على خلفية مابات يعرف بقضية سلا، ونواب فرق أخرى يرفضون هذه الممارسة الاحتجاجية، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان يخرج ليقول للصحفيين بأن ذلك يسيء لصورة المؤسسة التشريعية ويمس بمصداقيتها، ووزارة العدل تصدر لاحقا بيانا تصف فيه ما حصل بكونه وسيلة للتأثير على استقلال القضاء والمساس بهيبته، وتستغرب لاستخدام وسائل الإعلام والبلاغات السياسية في «قضية جنائية عادية معروضة على القضاء»، أما مكتب مجلس النواب فقد انتقد هو الآخر احتجاج النواب واعتبر ذلك مسا بحرمة الجلسات، ويحولها إلى منبر للاحتجاجات ليس هذا مكانها.
الجلبة تعم المكان، والصراخ ينوب عن الجميع في التعبير، والتلفزيون ينقل…»لايف»، والفرجة على عورات حياتنا البرلمانية والسياسية متاحة للكل وبـ»بلاش»…
هل دخل مشهدنا البرلماني والسياسي مرحلة جيل جديد من الانحرافات؟ كما عبر عن ذلك نبيل بنعبد الله أول أمس في خطابه بمهرجان الكتلة بالرباط.
هل وصلنا بعض جواب عن التساؤلات التي حملها هذا العمود في عدد أمس؟ وهل ليس من حقنا كلنا أن نخاف ونضع اليد جهة القلب عندما تأتي مثل هذه الأجوبة بهذه السرعة؟ وهل ما جرى في جلسة مجلس النواب سبب أم نتيجة لانحرافات أكثر «جدية» تحيط بحقلنا السياسي والديمقراطي؟
لقد بات الكل يحس، اليوم، باختلالات فضائنا السياسي، وبحاجة مشروعنا الديمقراطي إلى دفعة قوية، وإلى فتح آفاق، وإن ما يجري تحت قبة البرلمان، في الجلسة الأخيرة أو في جلسات سابقة، وما يحيط بعديد جماعات محلية ومجالس مدن هذه الأيام، يمثل أكبر عناوين ما يحدق بنا من مخاطر، ومن ثم فإن عدم وضع حد لكل هذه الانحرافات من شأنه أن يزيد من عزوف وفرار شعبنا وشبابنا عن السياسة وعن الهيئات السياسية، ويحول دون تأهيل أحزابنا وبالتالي الرفع من قيمة العمل السياسي وتفعيل جيل جديد من الإصلاحات.
إن تجاوز ماعاشته جلسة مجلس النواب الأربعاء الماضي والحرص على عدم تكراره، يبقى أمرا جيدا على كل حال، وأيضا التئام مختلف أطراف العملية البرلمانية بغاية وضع ضوابط لعملها، وتطوير الأداء، لكن مع ذلك يجدر التذكير أن هذا الكلام قيل آلاف المرات، وبات بمثابة نص إنشائي لا معنى له، وصارت المهمة اليوم هي ضخ نفس حقيقي في مسارنا الديمقراطي، وبلورة إصلاحات حقيقية، حتى نعالج أسباب ما نعيشه اليوم من نتائج.

Top