عند البحث في النصوص الإبداعية الأساسية بالمغرب، يصعب العثور على نموذج مكرس للحديث حول مناسبة عيد الأضحى وما يرافقها من مظاهر وطقوس وعادات.
من المؤكد أن هذه المناسبة جديرة بأن يتم تناولها، ليس فقط من الناحية العلمية والفقهية، ولكن كذلك من خلال الإبداع الأدبي، خاصة ما يتعلق منه بالسرد: القصة، الرواية..
طبعا يمكن للأجناس الإبداعية الأخرى تناول هذا الموضوع: المسرح، الشعر.. بالنظر إلى أنه لا يظل محصورا في أداء الشعيرة الدينية، بل يمتد إلى كل ما يحيط بهذه الشعيرة من وقائع وأحداث وسلوكات وإكراهات..
من بين الأدوار الأساسية للإبداع الأدبي أنه ينقل لنا ما يجري في المجتمع من تحولات وصيرورات، ويمكن أن يرقى تبعا لذلك إلى وثيقة تاريخية، يتم الاعتماد عليها من طرف المؤرخين والسوسيولوجيين وغيرهم من الباحثين، لأجل تحليل وفهم مجتمع معين في عصر معين.
يمكن القول إن الإبداع الأدبي المغربي تخلف عن كثير من الأحداث والمواضيع والقضايا، ولم يقم بتناولها بالقدر الكافي، أو لم يتناولها بالمرة.
هناك بالفعل حضور للمناسبة المشار إليها في بعض النصوص الإبداعية، غير أن الكيفية التي تم بها تناول الموضوع، تعطي الانطباع بأن المؤلف غير مبال، إذ يتم المرور على الحدث مرور الكرام، لا نكاد نعثر على نص مكرس بالكامل لعيد الأضحى. حيث أن الأضحية تصير هي البطل في النص.
من الملاحظ أن فنا أدبيا بعينه هو ما نجده في العادة يتطرق إلى موضوع عيد الأضحى، هذا الفن هو السيرة الذاتية.
إن الأديب المغربي لا يستحضر عيد الأضحى إلا حين يريد التحدث عن طفولته، مع أن إحياء هذه الشعيرة الدينية، يتم كل سنة.
إن علاقة الأديب المغربي بعيد الأضحى هي علاقة طفولية، إذا صح التعبير، بمعنى أن ذاكرته لا تستحضر هذا العيد سوى بارتباطه مع طفولته هو شخصيا، مع أننا بإمكاننا التحدث عن علاقتنا بالعيد في مختلف مراحل العمر، كما أننا يمكن لنا أن نتحدث عن تجارب الآخرين مع هذا العيد نفسه الذي يتكرر كل سنة.
أعتقد أن الفن الوحيد الذي ينشط في هذه المناسبة، هو فن الكاريكاتير، إن كل فنان كاريكاتيري نجد لديه قدرة عجيبة على إبداع رسم جديد كل يوم، حول الموضوع نفسه، رغم الصعوبة التي يطرحها تجسيد السخرية.
لقد حصل تراكم لدى كل فنان كاريكاتيري حول عيد الأضحى، بحيث صار بإمكانه أن يجمع رسوماته في كتاب مستقل، محوره الأساسي هو هذا العيد بالذات. كما أنه بإمكانه أن ينظم حوله معرضا فرديا.
غير أنه غالبا ما يتم الاكتفاء بنشر هذه الرسوم في الصحف والمجلات، وينتهي دورها بمجرد انتهاء فترة العيد.
باستثناء فن الكاريكاتير، فإن مختلف الأجناس الإبداعية الأخرى لم تعط اعتبارا لعيد الأضحى. لقد تم إغفال تناوله بشكل غير مفهوم، سيما إذا أخذنا في الاعتبار ما يحيط بهذه المناسبة من وقائع وأحداث جديرة بالتناول، خاصة من خلال السرد الروائي والقصصي.
لكن السؤال الذي يفرض ذاته بهذا الخصوص:
هل تناول الأدب المغربي فعلا كل القضايا المرتبطة بمجتمعنا حتى نتحدث عن مدى حضور أو غياب عيد الأضحى في هذا الأدب؟
تلك هي المسألة.
عبد العالي بركات