يهدد استمرار تدمير غابات الأمازون تطبيق الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي وتجمع السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية «ميركوسور»، والتي ربط تطبيقها بحماية البيئة وضمان تنمية مستدامة للمنطقة.
وتساور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «شكوك كبيرة» إزاء تطبيق الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي وتجمع السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية «ميركوسور» في ضوء الوضع في منطقة الأمازون.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت في برلين، الجمعة، إن الحكومة الألمانية تتابع ببالغ القلق إزالة الغابات وتهديدات تعرضها للحرق.
وأضاف: «وفي هذا السياق تبرز تساؤلات جدية حول ما إذا كان تطبيق الاتفاقية بالروح المقصودة سيكون مضمونا في الوقت الحالي.. ننظر إلى الوضع بتشكك».
وذكر المتحدث أن هناك «من منظور اليوم، تشككا كبيرا حول ما إذا كان يمكن تطبيق الاتفاقية على النحو المنشود بالنظر إلى التطورات الحالية والخسائر الفادحة للغابات التي يجب أن نأسف لها».
وأوضح زايبرت أن تدقيق الإجراءات القانونية جار في الوقت الحالي وسيُجرى تقديمه إلى مجلس الاتحاد الأوروبي للتصويت عليه وبدء عملية التصديق.
وقال: «بالطبع يجب ملاحظة ما إذا كانت الشروط الإطارية للتوقيع مستوفاة على طول هذا المسار بالكامل… وتلتزم الحكومة الألمانية بروح ومقاصد اتفاقية التجارة الحرة.. والآن يتعين النظر بعناية في هذا الاتفاق، وهنا تطرح الأسئلة نفسها».
وعقب لقاء مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الخميس، قالت ممثلات عن حركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل» المعنية بالبيئة إن المستشارة تعهدت بعدم توقيع الاتفاقية في شكلها الحالي.
وكتبت الناشطة الألمانية لويزا نويباور، الجمعة، على «تويتر» أن ميركل أعلنت أن الاتفاقية «لا يمكن توقيعها بالتأكيد».
وقال زايبرت أنه لن يدلي ببيانات عن محادثات سرية.
استمرار عمليات الحرق
وعلى الرغم من مرور شهر على قرار حظر حرق الأراضي في غابات الأمازون البرازيلية، إلا أن المنطقة لا تزال تسجل عددا كبيرا من الحرائق غير المشروعة، حسب ما أفادت وكالة بلومبرج للأنباء الأمريكية الإثنين الماضي.
وقالت كريستيان مازيتي المتحدثة باسم حملة «جرين بيس برازيل» في منطقة الأمازون، إن «الأرقام توضح أن استراتيجية الحكومة ليست فعالة في وقف تدمير الغابات التي تضم بين جنباتها أكبر تنوع بيولوجي على هذا الكوكب».
وكشف المعهد الوطني لأبحاث الفضاء، الذي يحلل بيانات الأقمار الاصطناعية، عن 20.473 ألف حريق بين 16 يوليوز الماضي، و15 غشت الجاري.
وفي الأيام الـ15 الأولى من غشت وحده، كان هناك أكثر من 15 ألف حريق.
ويمثل هذا انخفاضا ضئيلا بنسبة 8% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي لم يكن هناك حظر على عمليات الحرق ولم ترسل الحكومة الجيش للانضمام إلى عمليات مكافحة النيران.
وفي 16 يوليوز الماضي حظرت الحكومة البرازيلية حرق الأراضي في منطقة الأمازون وفي منطقة بانتانال، أكبر مستنقعات في العالم، لمدة 120 يوماً.
غير أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت البرازيل ستكثف بالفعل من جهودها لوقف الحرائق.
ويعد الرئيس جاير بولسونارو من دعاة الاستغلال الاقتصادي للأمازون، وتخطط حكومته لنشر القوات المسلحة للبلاد في منطقة الأمازون بحلول عام 2022.
ووفقا لما ذكره خبراء البيئة، فإن القوات المسلحة التي كانت على الساحة منذ مايو الماضي يمكنها فقط إيقاف عمليات التدمير غير القانونية للغابات لفترة قصيرة، لكنها لا يمكن أن تقوم بعمل سلطات البيئة التي أضعفها بولسونارو.
ضغوط قوية
ويبدو أن الحكومة البرازيلية بدأت اعتماد نهج مغاير، لكنها لا تزال تحت الاختبار بانتظار ترجمة أقوالها إلى أفعال، لمواجهة الضغوط القوية من مستثمرين يطلبون «نتائج» ملموسة في مكافحة عمليات قطع الأشجار في الأمازون، وفي نهاية يونيو الماضي، هدد صناديق استثمارية من أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية تدير أصولا بأربعة آلاف مليار دولار بسحب استثماراتها.
ويقول الخبير الاقتصادي في شركة «نيكتون» الاستشارية أندريه برفيتو لوكالة فرانس برس «أن يأتي الضغط من مستثمرين لا من قادة دول يغير المعادلة».
وتأخذ الحكومة البرازيلية تهديدات المستثمرين على محمل الجد، إذ إنها ستحتاج لأكثر من أي وقت مضى إلى استثمارات خارجية لإعادة إطلاق الاقتصاد المحلي بعد التبعات الثقيلة لوباء كوفيد-19.
وبنتيجة ذلك، عاشت البرازيل أسوأ شهر في يونيو الماضي منذ 13 عاما على صعيد حرائق الغابات التي غالبا ما يتسبب بها مزارعون بهدف الزراعة أو رعاية الماشية.
وبينت دراسة نشرت نتائجها مجلة «ساينس» الأميركية الخميس أن 20% من صادرات الصويا واللحوم من البرازيل إلى الاتحاد الأوروبي مصدرها أراض شهدت عمليات قطع أشجار غير قانونية.
«أكذوبة»
ووصف الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو الانتقادات لسياسات الدولة بشأن البيئة بأنها غير مبررة.
وجاءت تعليقاته خلال فيديو كونفرانس مع مسؤولي الولايات البرازيلية في منطقة غابات الامازون في الأسبوع الماضي.
وأضاف» هذه القصص بشأن احتراق غابات الأمازون أكاذيب، وعلينا أن نواجهها بالأرقام الصحيحة».
وكانت الدول الإقليمية، وتشمل البرازيل، قد وقعت وثيقة في سبتمبر الماضي تطالب ببذل جهود مشتركة من أجل حماية البيئة وضمان تنمية مستدامة للمنطقة.
وأشار بولسونارو إلى أن المصالح التجارية وراء هذه الانتقادات، وترجع جزئيا إلى مكانة البرازيل كدولة منتجة رئيسية للغذاء.
وكانت جماعات حماية البيئية أكثر المنتقدين لبولسونارو، حيث يتهمونه بالسماح بتدمير الغابات لإيجاد مزيد من الأراضي للزراعة.
غابات الأمازون تهدد اتفاق التجارة بين أوروبا و«ميركوسور»
الوسوم