أكد يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، أن الأزمة التي يعرفها قطاع الصحافة بالمغرب، لم تكن وليدة جائحة كورنا، بل هي أزمة بنيوية يعاني منها القطاع منذ أزيد من ثلاث سنوات، وأن جائحة كورونا عرت على واقع هذه الأزمة.
وقال يونس مجاهد الذي كان يتحدث في إطار فعاليات الندوة التي نظمها المجلس الوطني للصحافة، أول أمس الاثنين بالدار البيضاء، حول موضوع “مستقبل الصحافة المغربية بين آثار الجائحة والأزمة الهيكلية، واقع ومستقبل الصحافة” إن “الصحافة المغربية تعيش نوعا من الهشاشة، وبمجرد ما تحل أزمة ما، على غرار ما نعيشه اليوم، تتضاعف الهشاشة، ويظهر أنها لا تملك القدرة على الصمود”، واصفا الدعم الذي قدمته الحكومة للصحافيين، خلال الجائحة، بـ”الإيجابي”، وأنه مكن المقاولات الصحفية من المقاومة، لكن ذلك، في نظره، لا يمكن أن يحل الأزمة البنيوية التي يعرفها القطاع.
وذكر رئيس المجلس الوطني للصحافة أن الأزمة التي يعيشها القطاع هي أزمة مستمر تمس الفضاء العام للصحافة بشكل عام، سواء تعلق الأمر بمستوى المقروئية، أو المطابع، أو تعلق الأمر بالإشكالات التي يعاني منها قطاع التوزيع، بالإضافة إلى تراجع منسوب الإعلانات والإشهار الذي بات يتجه نحو الشركات العالمية الكبرى أو ما يعرف بالـ “GAFA”، مشيرا إلى أنه يتعين الانكباب على معالجة الأوضاع التي يعيشها الصحافيون ومختلف العاملين في القطاع.
من جانبه، أوضح نور الدين مفتاح، رئيس لجنة المقاولة الصحافية بالمجلس الوطني للصحافة، أن جائحة كورونا ضربت القطاع بشكل قوي، مشيرا إلى أن وتيرة عمل الصحافيين ارتفعت، وزادت معها وتيرة المخاطرة خلال الجائحة، وارتفع منسوب المتابعة، لكن في المقابل تراجعت المداخيل، وازدادت أوضاع الصحافيين هشاشة.
وأضاف مفتاح أن الدعم الاستثنائي الذي خصصته الحكومة للصحافة خلال الجائحة، يبقى استثنائيا، لكنه يؤكد أن النموذج الاقتصادي للمقاولات الصحفية سيظل مطروحا، وبإلحاح، من أجل إعادة النظر والبحث عن حلول دائمة لهذه الأزمة الهيكلة التي تعصف بالقطاع، مشيرا إلى أن هذه الندوة التي ينظمها المجلس الوطني للصحافة استطاعت اليوم، أن تجمع كل المتدخلين في القطاع، من ناشرين للصحف وموزعين ومعلنين ونقابيين وخبراء في مجال الصحافة والنشر لمناقشة موضوع واحد وجوهري يتعلق بمستقبل الصحافة في المغرب.
وفي نظر نور الدين مفتاح رئيس لجنة المقاولة الصحافية وتأهيل القطاع للنهوض بالمقاولات الإعلامية، فإن الجزء الأساسي للحلول المقترحة لتجاوز الأزمة التي يعيشها القطاع متضمن في التوصيات التي صاغها المجلس الوطني للصحافة، وفي مقدمتها، دعم الخطة الوطنية للمقروئية التي أطلقها المجلس من خلال تطوير التربية على الإعلام وقراءة الصحف، إلى جانب بناء جسر الثقة بين الصحافة والمجتمع عبر المهنية والتخليق والتكوين وتجميع المقاولات الصغيرة.
وبدوره أكد عبد المنعم دلمي، عضو المجلس الوطني للصحافة، على أن تجاوز الأزمة التي يعاني منها قطاع الصحافة والإعلام يقتضي بالضرورة وضع نموذج اقتصادي خاص بالمقاولات الصحفية، وتعزيز الاستثمار في المقاولات الصحفية والإعلامية من قبل المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين وتقوية رساميل الشركات الإعلامية.
من جانبه، أقر عبد الله البقالي رئيس لجنة البطاقة بالمجلس الوطني للصحافة، بأن جائحة كورنا أثرت بشكل كبير على المقاولات الصحفية التي فقدت جزء مهما من عائداتها، مما أثر بشكل مباشر على وضعية الصحفيين، حيث لم تتمكن المقاولات من تسديد أجورهم كاملة، ولجأ بعضها لتخفيض الرواتب بنسب مختلفة، فيما لجأ البعض الآخر لجأ إلى تسريح الصحفيين إما بشكل مؤقت أو نهائي.
وشدد عبد الله البقالي على ضرورة البحث عن حلول واقعية ومبتكرة للأزمة البنيوية التي يعرفها القطاع، لكن ليس على حساب الصحفيين الذين يشكلون العمود الفقري للمقاولة الإعلامية.
وأجمع باقي المتدخلين على ضرورة العمل الجماعي من أجل تجاوز الأزمة البنيوية التي يعاني منها قطاع الصحافة والإعلام، وحل الإشكالات العميقة المرتبطة بها، سواء في مجال النشر أو التوزيع بالإشهار، مؤكدين على ضرورة تجاوز الآثار العميقة التي خلفتها الجائحة على القطاع الذي تضرر بشكل كبير.
وكان المجلس الوطني للصحافة قد أنجز تقريرا حول الصحافة المغربية وكورونا، أكد من خلاله على أن المقاولات الصحفية فقدت جزءً هاما من عائداتها المالية وعجزت بعضها عن تسديد أجور مستخدميها، وكانت ملزمة بالتأقلم مع الوضع الجديد على مستوى التنظيم والمحتوى.
وسجل التقرير انخفاضا مهما قي العائدات المالية للمقاولة الصحفية بسبب توقف البيع واعتماد المجانية للصحف بصيغة بـ”PDF”. وصاحب ذلك تراجع هام للاستثمارات الإعلانية للمعلنين بلغ ناقص 110 في المائة خلال الفترة ما بين 18 مارس و18 ماي لسنة 2020 بالمقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019.
وخلص التقرير إلى اقتراح ثلاثين إجراء للخروج من الأزمة، في مقدمتها دعم الخطة الوطنية للمقروئية التي أطلقها المجلس من خلال تطوير التربية على الإعلام وقراءة الصحف، إلى جانب بناء جسر الثقة بين الصحافة والمجتمع بالمهنية والتخليق والتكوين وتجميع المقاولات الصغيرة.
< محمد حجيوي