فاعلون حقوقيون وسياسيون وجمعويون في شهـــاداتهم على الواقع الحقوقي بالمغرب سنة 2015

أحمد الهايج: رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

استمرار التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان ومتابعة الصحافيين

إن أهم ما طبع أوضاع حقوق الإنسان ببلادنا سنة 2015، هو استمرار نفس المفارقة التي لازمت وما تزال سياسات الدولة المتبعة في هذا المجال؛ إذ يلاحظ من جهة، أن المغرب يقدم نفسه كبلد ماض في اتجاه استكمال انخراطه في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وفي البناء المؤسساتي للآليات الوطنية الحامية لهذه الحقوق؛ ومن جهة أخرى، فإن سلوك الدولة لم يشهد في هذا الباب تغييرا جوهريا يذكر، بحيث لازال واقع الحقوق والحريات يثير الكثير من القلق وعلامات الاستفهام، خصوصا مع الانتكاسات والارتدادات التي عرفتها المنطقة المغاربية والعربية، في أعقاب ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي، وانبثاق المسخ الإرهابي وما أصبح يحمله من تهديد للعالم قاطبة، يجري استغلاله لتسويغ انتهاكات حقوق الإنسان، والحد من عمل النشطاء المدافعين عنها.
وفي حالة المغرب، فإن السنة الجارية شهدت استمرار التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان، ليتجاوز الإطار الوطني ويشمل منظمات دولية، كما هو الحال بالنسبة لمنظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان HRW؛ بينما عرفت أيضا تواصل استهداف حرية الصحافة ومتابعة الصحافيين، والمنع من السفر لنشطاء وباحثين مستقلين، وتسجيل العديد من حالات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز أو السجون، والاعتداء على الحق في التنظيم والتجمع والتظاهر السلمي، والاعتقال بسبب الرأي والرأي السياسي أو العمل النقابي. هذا في الوقت الذي تتعرض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كالحق في الشغل، والسكن والصحة للمزيد من التدهور، نتيجة السياسات الاجتماعية التي لا تأخذ بعين الاعتبار البعد الحقوقي في ما تتخذه من قرارات وتسنه من تدابير وإجراءات. وإجمالا، يمكن القول بأن هذه السنة أكدت إمعان الدولة في انتهاكها لسيادة القانون، وتحكيمها لتوجهاتها السلطوية والتسلطية، الرامية لحقيق نوع من الإجماع الحقوقي على سياستها، والرافضة للقبول بأي نقد أو انتقاد لممارساتها.

Related posts

Top