فضائح التسويق الشبكي/الهرمي في المغرب..

الاحتيال يلبس جلباب التجارة

شهدت مكاتب النيابة العامة لدى محاكم عدد من المدن المغربية، خاصة مدينة الدار البيضاء في الآونة الأخيرة، تقاطر سيل من شكايات ضحايا نوع من التسويق دخل للمغرب تحت مسميات «التسويق الشبكي»أو «التسويق الهرمي» ، وهي يافطات عديدة تحجب نشاطا مبهما وغير واضح سواء من الناحية القانونية أو الأخلاقية.
وتعددت أسماء الشركات التي تنشط في هذا النوع من التسويق، كما تعددت عناوين الشعارات والهدف واحد.
ومنذ تفجرملف شركات التسويق الهرمی، وتكاثر شكايات الضحايا دخلت السلطاتا لقضائية والبنكية على الخط ما أدى إلى تجميد الحسابات البنكیة لبعض الشركات العاملة في المجال، من أجل إجراء تدقيقات وافتحاصات لماليتهاا لتي وصلت إلي عشرات مليارات السنتيمات.
هذه الشركات قدمت إلى عملائها وعودا بتحقيق أرباح مغرية، ما يدفع الباحثين عن الكسب السريع إلى الانسياق وراء هذه الدعاية، في غياب أي إطار قانوني يحميهم من مخاطر الوقوع في فخ وحالة من النصب والاحتيال يتوهمون أنه باب للاستغناء والهروب من وضعية الفقر والهشاشة. لكن، ومع الأسف، فهذا الفخ وقع فيه عشرات المآت بل الآلاف من المغاربة قبل أن يستفيقوا من حلمهم على وقع تحقيقات قضائية وتجميد لحسابات بنكية بمليارات السنتيمات بل، واعتقالات تلتها محاكمات. فما هو التسويق الشبكي والتسويق الهرمي؟ وكيف دخل المغرب؟ وماهي «نظرية بونزي» في الاحتيال التي يستند إليها؟. وكيف انتهت أحلام عشرات الآلاف من المغاربة  البسطاء من معانقة فردوس الاغتناء السريع إلى دهاليز الشرطة القضائية وردهات المحاكم؟

الحلقة 11

التركيز على العمولة ستار وهمي لمشروع احتيالي

في سياق تشخيصه لشبكات البيع الهرمي يلاحظ الأستاذ ياسين عسيلة، عضو هيأة المحامين بالدارالبليضاء، أن التسويق الشبكي الهرمي العنكبوتي يركز على قضية العمولة و يهمل الكلام عن العقد الأساسى، وعن المقتضيات القانونية لعقد ” وضع منتوج رهن إشارة شركة مستغلة له ” أو عقد تمويل هذه العملية.
 كما يعتبر أن النشاط المتمتل في ” وضع منتوج رهن إشارة شركة مستغلة له” ما هو إلا ستار وهمي  لمشروع إحتيال هرمي مبني على التدليس على الناس، و على إظهار هذا النشاط وكأنه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك.
و من أهم مميزات هذا التسويق الهرمي هو حصول المسوق الهرمي على عمولاته من سعر اشتراك هؤلاء الذين قاموا بالاشتراك من بعده, وليس من سعر ” وضع منتوج رهن إشارة شركة مستغلة له “, لأنه في الأساس لا يوجد أي عقد أو منتوج.
 وتقوم شبكات النصب بجذب الشباب الحالم بالثراء الموعود عبر الإنترنت و  تعمل على إقناعهم بالاشتراك و المساهمة بمبلغ مالي” لوضع منتوج رهن إشارة المستغلين له “, و تجتمع بهم في فنادق مصنفة.
وبإزدياد أعداد المشتركين فإنهم يحصلوا على مبالغ مالية كبيرة،  لا سيما و أن كل مشترك يقنع مقربيه و عائلته بالاشتراك في التسويق مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد في قائمة الأعضاء.
 و يقوم المشترك فى البداية بفتح حساب فى المـــــــوقع الإلكتروني   للشــــــــركة النصب الشبكي، وكلما تمكن هذا المشترك من إقناع أحد بالدخول إلى الشبكة و الموقع، يحسب له نقطة. وإذا لم يتمكن من جلب المزيد من الأعضاء فلا نقطة.
إن هذا النوع من المعاملات الربوية مبني على النصب و الإحتيال، ذلك أن مقصود المعاملة هو العمولات وليس ” وضع جهاز تقني رهن إشارة شركة مستغلة له”.  إن هذا التسويق الهرمي هو، حسب رجل القانون، نموذج عمل غير مستقر هدفه جمع المال من اكبر عدد من المشتركين والمستفيد الاكبر هو الشركة.
ذلك أن المجرمين يحتالون عبر التسويق الشبكي الهرمي العنكبوتي باسم شركات لا تملك أي مقر إجتماعي قار و منها من يستوطن بشكل مؤقت بالمغرب, وذلك من خلال إيهام المواطنين بقدرتها على تحقيق أرباح مالية ضخمة عن طريق المساهمة في الانضمام للشبكة, و جلب أعضاء جدد عبر الموقع الإلكتروني على شبكة الإنترنت بشكل متسلسل.
 ويضيف أن هذا النوع من التسويق صورة من صور الغش و التدليس و التغرير, وبيع للوهم والاحتيال التجاري و أنه غير قابل للاستمرار حيث إنه، بشكل غير مبرر، غالبا ما يتوقف نشاط الشركة الإجرامي و يتعطل موقعها الإلكتروني, و تنقطع أخبارها و يتعذر الإتصال بها و يتعذر إسترجاع مبالغ الإشتراك المؤداة.
و  يبدو جليا أن “دعوات الإكتتاب العمومي الإلكترونية لجمع  أموال الإشتراكات ” تتم عبر مواقع الأنترنيت دون ترخيص مسبق صادر عن سلطات الرقابة المالية.  و تجذر الإشارة إلى أن طرق الأداء هي في الغالب تتم نقدا  دون حصول المشترك على وصل إبراء أو ما يفيد تحويل هذه الأموال في حساب الشركة. و من المرجح أن توظف هذه أموال الإشتراكات في مصارف خارج المغرب.
ويرى عضو هيئة المحامين بالدارالبيضاء أن الطلبات المستمرة لإبرام عقود التمويل أو الإستثمار لصالح شركات المساهمة لا يجب أن تحول دون تطبيق التشريعات المتعلقة بالمحافظة على مصالح المسثتمرين  المالية و على حقهم في الحصول على كافة المعلومات القانونية. و في هذا الإطار تقوم السلطات المالية المكلفة بالرقابة المالية في فرنسا, و لجنة الرقابة المالية باللوكسمبورغ بإطلاق عدة تحذيرات بخصوص شركات النصب الهرمي.
كما   نثير الإنتباه، يقول الأستاذ عسيلة، إلى أنه بمقتضى القانون الأساسي لشركات النصب الشبكي فإن النشاط التجاري قد يشمل ممارسة وسيط  أو مستشار في توظيف القيم المنقولة و هو نشاط  مالي تستلزم ممارسته الحصول على ترخيص مسبق صادر عن السلطات المشرفة على الرقابة على السوق المالي.
  إن هذا «التسويق الشبكى الهرمي» العابر للقارات هو نوع من أنواع «النصب» الذى يستهدف الشباب الراغبين فى الثراء السريع، و ضحاياه هم أطباء و حقوقيون, وهو جريمة يعاقب عليها القانون بتهمة النصب واستعمال وسائل احتيالية، و بتهمة الغش التجارى.
ويظل تكاتف و تنسيق جهود السلطات المكلفة بالرقابة المالية و السلطة القضائية الممثلة في جهاز النيابة العامة هو الحل الكفيل بإيقاف النشاط الجرمي المتسلسل  لشــركات النصب الشبكي وإيقاف المسؤولين عنها، يضيف عضو هيئة المحامين بالدارالبيضاء.

عبدالحق ديلالي

Related posts

Top