فضيحة دستورية في التلفزيون

المقالة التي ننشرها في نفس هذه الصفحة حول التصريحات الخطيرة واللامسؤولة لعضو قيادي من الاتحاد الدستوري تابعها المغاربة عبر القناة التلفزيونية الأولى في برنامج «قضايا وآراء» تسائلنا جميعا.
لقد كشفت التصريحات المشار إليها كيف أن التفكير المتطرف والأصولي أصبح جاذبا حتى لمن يدعون تبني الليبرالية، وهنا مكمن الخطورة بحيث يمتطي السباب والتشنيع ظهر الدين والفهم الغبي لنصوصه، وتنزل علينا «الفتاوى» من حيث لم نكن نتوقعها…
إن ليبراليي زماننا المغربي هذا لم يهتدوا لتقنية تتيح لهم توسل المشاركة في الحكومة، غير استهداف حزب التقدم والاشتراكية الذي لم يكن حاضرا في الحوار التلفزيوني، ولم يجد عقلهم القاصر من عبارات الشتم سوى تصعيد «البارة» واللجوء إلى التكفير والتحريض على الحزب ومناضليه، دون أن ينتبهوا إلى أن «البارة» ذاتها قد تهوي على رؤوسهم، وتفضح غباءهم وبؤس القناعات لديهم.
في العهد المغربي الذي تخلص منه المغاربة بنضالهم وبتضحياتهم، كان رد أسياد صاحبنا الليبرالي على كل مطلب يتعلق بحقوق المرأة هو الارتماء في منغلقات الفهم النكوصي لتعاليم الدين، لكن عندما اختلفت الأزمان وتباينت السياقات وسهل فتح كل الأفواه، ولم يعد مثل هذا الرد مقنعا، صدمنا بأصولية غارقة في الرجعية تتشكل وسط خيمة الليبراليين المزعومين، وجاء أحد أشبالهم إلى التلفزيون مهرولا ليرمي المغاربة بالتهم إياها، وبالكلمات نفسها التي كانت تقال ذات عقود..
إن ورطة الدستوريين هذه تفرض اليوم الوعي بأن مقاومة الحرية والانفتاح يمكن أن تخرج من كثير أوكار وجيوب، حتى ولو صبغت وجهها بليبرالية بلا حريات وبلا مساواة وبلا حرية تعبير، وهنا الحاجة إلى الكثير من الانتباه والتصدي لرجعيينا القدامى والجدد.
حزب التقدم والاشتراكية لم يقطر به سقف السياسة البارحة، فقد صمد لأزيد من ستة عقود، ونضاله من أجل المساواة وحقوق المرأة والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتقدم، طيلة تاريخه لم يكن خفيا أو مستترا، إنما في مجالات كثيرة كان تأسيسيا.
وإن مناضلات هذا الحزب ومناضليه اليوم يسخرون من كلمات التحريض والتفاهة التي ترد على لسان أمثال «زعيم» ليلة الثلاثاء الماضي، الذي أنتجته لنا برامجنا التلفزيونية، ويصرون على مواصلة نضالهم، في كل الواجهات، من أجل قيم التحديث والدمقرطة والعقل، ولا يبالون بسخافة الهجومات الورقية التي يقودها مناضلو الساعة الخامسة والعشرين.
يحتاج أمثال صاحبنا المفتي الجديد إلى بعض حياء، وقليل من الخجل، لأن أمعاءهم الحزبية طافحة بما لا يمكن حصره من فضائح، وتشوهات في الخلق السياسي وفي الخليقة الحزبية…

[email protected]

Top