عرت قضية احتجاز الصحفيين المغربيين لحسن تيكبادار ومحمد السليماني في تيندوف، ومنعهما من ممارسة عملهما المهني، طبيعة النظام الجزائري، وحقيقة موقفه من الصحافة ومن الصحفيين، ما يجعل القضية اليوم تعني كافة هيئات الصحفيين عبر العالم، ومنظمات حقوق الإنسان، وتتعلق بالحق في الإعلام، وبحق الجمهور في معرفة ما يجري داخل مخيمات تيندوف. المدافعون عن حرية الصحافة مطالبون اليوم بالتوجه نحو النظام الجزائري، الذي تقع تيندوف تحت نفوذه الترابي والقانوني، وإفهامه أن الزمن اليوم هو لتداول المعلومة، ولحق الجميع في الوصول إليها، بما في ذلك في الجزائر ومن داخل تيندوف.
لقد نددت «مراسلون بلا حدود» و «الفيدرالية الدولية للصحفيين»، وهيئات أخرى بما حصل، لكن على الجميع أن يبقى مركزا على مواصلة الضغط على النظام الجزائري دفاعا عن حرية الصحافة والصحفيين، وعن الحق في العمل بحرية، بما في ذلك في مخيمات تيندوف.
من جهة أخرى، إن الشراسة التي تعاملت بها أجهزة الأمن والاستخبارات الجزائرية مع صحفيي جريدة «الصحراء الأسبوعية»، تثير الانتباه إلى كون العملية مقصودة من البداية، خاصة أن السلطات الجزائرية أبدت في الأول موافقتها على قدوم الصحفيين، وتركتهما يدخلان الجزائر وينتقلان منها نحو تيندوف بسلام، وفقط عندما حلا بمطار هذه الأخيرة، كشفت الأجهزة الجزائرية عن حقيقة نواياها تجاههما.
وعندما تتزامن الحكاية مع اعتقال مصطفى سلمى ولد مولود، ومع حالة الاستنفار والاعتقالات الجارية داخل مخيمات تيندوف، يتبين أن الأمر يتعلق ب «سلة إجراءات»، مفكر فيها سلفا.
المسألة الثالثة، والتي عرت عنها قضية زميلينا تيكبادار والسليماني، هي أنه لا يمكن للنظام الجزائري أن يصاب بكل هذا الهلع، ويقوم بكل هذا التضييق في حق صحافيين مغربيين، لو لم يكن يخفي شيئا داخل المخيمات.
وهذا سؤال جوهري اليوم على مفوضية اللاجئين والأمم المتحدة طرحه، ويعني بالضبط هذا الشيء المراد إخفاؤه، والذي يتم منع الصحفيين من بلوغه.
إن سلوك السلطات الجزائرية يؤكد فعلا أن الواقع بداخل المخيمات هو وضع كارثي ومأساوي، وأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان هي عملة رائجة هناك، ويبين أيضا أنها لم تعد مطمئنة لمواقف وقناعات الناس في المخيمات، ولذلك اختارت التعتيم عليهم والحيلولة دون جعل أوضاعهم مكشوفة أمام وسائل الإعلام المستقلة.
إذ نهنئ إذن زميلنا السليماني وزميلنا ورفيقنا تيكبادار على سلامة العودة، فإننا أيضا نشكرهما على كونهما مكنا العالم من كشف حقيقة العقلية المتحكمة في النظام الجزائري.