شرع المغرب في تجهيز وتحديث ملاعبه، في أفق احتضان التظاهرات الدولية الكبرى، أبرزها مونديال 2030، بعد تقديم ترشيح ثلاثي يجمعه بإسبانيا والبرتغال.
قبل المونديال المرتقب، هناك كأس أمم أفريقيا لسنة 2025، حيث الملف المغربي الأقوى على الصعيد القاري، والمؤهل أكثر من غيره، لكسب شرف التنظيم بالنظر تجربته الغنية وقوة التجهيزات التي يقدمها، ليس فقط على مستوى الملاعب، ولكن هناك أيضا المطارات والفنادق والطرق السيارة؛ وغيرها من المرافق الأساسية التي تجعله قادرا على احتضان العالم.
وحتى يبقى المغرب مؤهلا كالعادة للوفاء بكل التزاماته، بالرغم من الإشادة التي تحظى بها تجهيزاته الرياضية، فإنه وضع مخططا قويا للتحديث والعصرنة، وفق معايير أكثر تطورا وحداثة… حتى يبقى دائما بمركز الريادة، مقدما نموذجا ناجحا، يستحق الإنصاف من طرف الأجهزة الدولية.
ويأتي مركز محمد السادس في مقدمة هذه التجهيزات التي تنال كل عبارات الثناء إلى حدود الإبهار، ولعل إشادة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني ايفانتينو، أكبر دليل على هذه القيمة الاستثنائية…
إلا أنه مقابل هذا التفوق في تقديم تجهيزات من الجيل الجديد، هناك ملاعب أخرى تنتمي لمدن مهمة، عرفت أخطاء كبيرة في طريقة التصميم والإنشاء والهندسة، ليتأكد أن الجهات التي اشتغلت على بعض الملاعب، أو التي انفردت بالصفقات، لم تكلف نفسها عناء أخذ الاستشارة والاستفادة من التجارب، والتكوين الذي يتمتع به خبراء في مجال تخصصهم.
فالملعب أو القاعة أو أية منشاة كانت، تتداخل فيها العديد من التخصصات والمهن والخبرات، وبالتالي، فإن المجال الرياضي له خصوصيات، وشروط دقيقة لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها.
فهناك ملاعب كرة القدم تعاني من اختلالات وأخطاء فادحة، بدء من تواجدها بطرق رئيسية، وصولا إلى سوء تصميم المداخل والأبواب، إلى درجة حولتها إلى مجرد منشأة تعاني اختلالات فادحة، صرفت عليها أموالا طائلة.
هناك ملاعب أخرى صممت بمجرى الرياح، وآخر لم تراع فيه سهولة السير والجولان، سواء من حيث الوصول أو المغادرة، وما تخلفه من عراقيل فادحة للمدن التي تتواجد بها، كما أن واجهات أغلب هذه الملاعب لا تغري الزائر بالتمعن فيها، وأخذ صور بجانبها…
بالإضافة إلى هذه الأمثلة الحية فيما يخص بعض ملاعب كرة القدم، هناك قاعات ارتكبت فيها أخطاء فادحة تستحق المتابعة القضائية، كما هو الحال بقاعات لم يحترم إنشاؤها المساحة القانونية، وما تعرفه من سوء الإنارة، والافتقاد إلى التجهيزات المناسبة والمرافق الحيوية…
كل هذه الأخطاء كان من الممكن تجاوزها، لو تفضل الفائزون بـ “الصفقات”، واستعانوا بخبرة وتكوين متخصصين في مجالات لها علاقة بالمجال الرياضي، كالإخراج التلفزي، والحكام، والصحفيين والتقنيين والمدربين، والمصالح الأمنية، وغيرهم من المتدخلين الأساسيين.
وحين نعدد الأخطاء والهفوات التي تعاني منها بعض التجهيزات الرياضية على الصعيد الوطني، فلأننا نطمح للأفضل والوصول إلى درجة تلامس الكمال الذي نراه بملاعب عالمية، أصبحت تصنف ضمن جيل الـ”سطادات ذكية”.
لكن، مقابل هذا المجهود الخرافي، كان من الضروري إحاطة هذه المشاريع، بكثير من الحرص على نوع من التكامل والدقة، ومراعاة خصوصيات كل مجال، وعدم التفكير فقط في هاجس الاستفادة بكل الوسائل من سخاء الصفقات والانفراد بالمشاريع…
والأكيد أن مثل هذه الأخطاء أصبحت من الماضي، لان هناك حاليا الحرص على تفادي ارتكاب قاتلة، لكون المسؤوليات اختلفت، ولم يعد هناك مجال -في هذا الملف بالذات- لحدوث ممارسات سيئة وبئيسة، ترى في مثل هذه المشاريع مجرد وسيلة للاغتناء غير المشروع…
>محمد الروحلي