في أول دورة له.. مهرجان مسرح الشباب يطمح لخلق امتداد فرجوي وغرس قيم أبي الفنون في الجيل الصاعد

تختتم يومه الجمعة الدورة الأولى لمهرجان مسرح الشباب الذي تنظمه، بشراكة مع وزارة الثقافة والشباب والتواصل – قطاع الشباب – جمعية أصدقاء محمد الجم، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، أيام 10، 11، 12 ماي الجاري بكل من مسرح محمد الخامس وقاعة با حنيني بالرباط، تحت شعار “الشباب دعامة للنموذج التنموي الجديد”، بعد تقديم 12 عرضا مسرحيا من 12 فرقة مسرحية شبابية من كل جهات المملكة..
ومعلوم أن الستار قد رفع الثلاثاء الماضي لافتتاح الدورة الأولى لمسرح الشباب التي تطمح لخلق امتداد فرجوي في الجيل الصاعد وخلق جمهور متجدد للمسرح قادر على الإبداع والاستمتاع.
هذه التجربة الأولى من نوعها منذ سنوات، يرى الكثير من المبدعين والفنانين الذين شاركوا في حفل الافتتاح الذي احتضنه المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط ليلة الثلاثاء الماضي، أنها تحاكي تجربة مسرح الهواة التي أغنت رصيد المسرح المغربي وساهمت في توهجه في فترات مهمة خلال العقود الماضية.
وأثنى مختلف المتدخلين في الحفل الافتتاحي للدورة الأولى لمسرح الشباب الذي قدمه ونشطه بمهنية وباقتدار كل من الفنانة سعاد خويي والفنان سمير باحاجي، على الدينامية التي يأتي بها هذا المهرجان الذي سبقته مهرجانات إقليمية وجهوية أفرزت فرقة فائزة عن كل جهة من جهات المملكة والتي ستتبارى وطنيا من أجل التتويج بجائزة محمد الجم للمسرح التي تنظم في دورتها العاشرة، حيث اختار المنظمون أن تتزامن هذه السنة مع أول دورة لمسرح الشباب من أجل إعطائه نفسا جديدا ومتجددا.

محمد الجم: التجربة تهدف تنوير الشباب وتوعيتهم وتأطيرهم ومساعدتهم على إظهار مواهبهم

في هذا السياق، قال محمد الجم، رئيس المهرجان والرئيس المؤسس لجمعية أصدقاء محمد الجم للمسرح، إن اختيار إطلاق تجربة مسرح الشباب يأتي بعد سلسلة من التجارب التي أطلقتها الجمعية، وعلى رأسها جائزة محمد الجم للمسرح التي وصلت هذه السنة دورتها العاشرة، فضلا عن تجارب مسرح الطفل التي لاقت نجاحا كبيرا على الصعيد الوطني، وحققت أهدافها على مستوى مختلف جهات المملكة.
وتابع الجم في كلمة افتتاحية للمهرجان إن الجمعية ارتأت أن الوقت قد حان لإخراج مسرح الشباب للوجود وإضفاء بعد آخر لعملها من خلال غرس قيم المسرح في الجيل الصاعد، مشيرا أن نجاح تجربة مسرح الطفل أو المسرح المدرسي أعطى حافزا كبيرا لتوسيع التجربة من أجل أن تشمل الشباب باعتباره ركيزة أساسية في المجتمع.
وأضاف المتحدث أن الدورة الأولى لمسرح الشباب تهدف بشكل أساسي إلى تنوير الشباب وتوعيتهم وتأطيرهم ومساعدتهم على إظهار كفاءتهم وقدراتهم ومواهبهم الإبداعية والفنية والأدبية.
وأكد الجم على أن تجربة مسرح الشباب من شأنها أن تساهم في إحياء تجربة مسرح الهواة، لكون المهرجان ينهل من نفس التجربة، حيث قال في هذا السياق إن الدورة الأولى لمهرجان مسرح الشباب تعد فرصة للشباب من هواة المسرح للاستفادة من التأطير، وهو ما من شأنه إحياء مسرح الهواة الذي يعتبر منبعا حقيقيا للمسرح الاحترافي.
وشدد الجم على أن الجمعية المحتضنة لهذه التجربة وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل ستواصل العمل الحثيث من أجل تطوير أداء المسرح وغرس قيمه في مختلف الشرائح والفئات المجتمعية، وعلى رأسها الفئات الشابة، وذلك في أفق الارتقاء بالمسرح المغربي.

مصطفى المسعودي: الوزارة تسعى لتوفير البنية التحتية اللازمة لمزاولة كافة الأنشطة المسرحية

من جانبه، قال الكاتب العام لقطاع الشباب بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، مصطفى المسعودي، إن الوزارة ومصالحها الوطنية والجهوية تعي أهمية المسرح ودوره في التنشئة، وكذا أهمية هذا النوع من الممارسة الفنية لدى الشباب.
وأكد المتحدث أن اختيار وزارة الشباب والثقافة والتواصل لدعم هذا المهرجان، الذي يعتبر نموذجا يحتذى به للشراكة بين الوزارة والمجتمع المدني، راجع إلى المكانة التي يتبوؤها المسرح بين أوساط الشباب المغربي كأداة للتعبير والتفاعل، وللدور الذي يعلبه المسرح في معالجة القضايا المجتمعية، كونه مرآة تعكس واقع المجتمع، إضافة لمساهمته في تنمية القدرات الفردية الجماعية وتربية الذوق. مضيفا أن هذا المهرجان يشكل تكريسا لاستراتيجية الوزارة في تأهيل وتطوير البنيات التحتية والمضامين التربوية لمؤسسات دور الشباب، لجعلها فضاءات تساهم في تأطير وتشجيع الشباب على إبراز وصقل طاقاتهم وإبداعاتهم في مختلف الأصناف الفنية، من خلال العديد من الأنشطة والبرامج التي تحتضنها هذه المؤسسات عبر التراب الوطني، بما في ذلك نشاط المسرح الذي يعرف إقبالا مهما من طرف الأطفال والشباب والجمعيات. وعبر المتحدث في كلمة باسم الوزارة في حفل الافتتاح عن التزام وزارة الثقافة والشباب بمواصلة التعاون والتنسيق وتطوير الشراكات لتلبية طموحات وانتظارات فئة الشباب، مجددا أهمية ودور الأنشطة المسرحية في التنشئة لما لها من تأثير إيجابي في نفوس مختلف الفئات ولاسيما الأجيال الصاعدة وفي مقدمتها الشباب الذي يعد حسب شعار الدورة “دعامة للنموذج التنموي الجديد”.

هذا وكشف الكاتب العام لقطاع الشباب، في كلمته، عن مجموعة من المعطيات والأرقام المرتبطة بالإعداد لهذه الدورة، منها أن فضاءات دور الشباب بمختلف جهات المملكة احتضنت الإقصائيات الإقليمية لهذا المهرجان بمشاركة 207 فرقة مسرحية تمثل 64 مديرية إقليمية، تأهلت إلى الإقصائيات الجهوية التي أسفرت بدورها على تأهل 12 فرقة للمسابقة الوطنية.
وقد كان توزيع الفرق المشاركة في الإقصائيات الإقليمية، حسب الجهات كالآتي: الدارالبيضاء سطات: 49 فرقة، مراكش آسفي: 26، الرباط سلا القنيطرة: 24، طنجة تطوان الحسيمة: 19، فاس مكناس: 20، الشرق: 12، بني ملال خنيفرة: 11، سوس ماسة: 08، درعة تافيلالت: 08، كلميم واد نون: 15، العيون الساقية الحمراء: 09، الداخلة وادي الذهب: 06.

عبد الكريم برشيد: تجربة مسرح الشباب من شأنها أن تساهم في وضع اللبنة الأساسية لجيل جديد فاعل ومحب للمسرح

من جهته قال الباحث والكاتب المسرحي، عبد الكريم برشيد الذي يرأس لجنة تحكيم الدورة الأولى لمهرجان مسرح الشباب، إن هذه التجربة من شأنها أن تساهم في وضع اللبنة الأساسية لجيل جديد فاعل ومحب للمسرح.
وأبرز الدكتور عبد الكريم برشيد أن تجربة مسرح الشباب ليس من شأنها أن تخرج فرق جديدة وجيلا جديدا من المبدعين على خشبة المسرح فقط، وإنما من شأنها كذلك أن تساهم بشكل كبير في تربية جمهور جديد للمسرح وتعيد للمسرح توهجه، حيث ربط بدوره بين هذه التجربة الجديدة وتجربة مسرح الهواة التي اعتبرها من المحطات الأساسية والمهمة في تاريخ المسرح المغربي.
وسجل برشيد وهو من رواد مسرح الهواة الأوائل، أن ثمار هذه التجربة الفتية ستظهر بعد سنوات قليلة، حيث سيظهر جيل جديد من المبدعين الشباب الذين ستتاح لهم الفرصة، معتبرا أن ما يميز هذا المهرجان هو انفتاحه على جميع جهات المملكة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، مكسرا بذلك تمركز المسرح وانحصاره في مدن معينة.
واعتبر برشيد أن النجاح يكمن في الغنى والتنوع في المشاركات، حيث أن كل فرقة مشاركة في المهرجان تمثل جهة معينة بتراثها وتاريخها وتقاليدها، مشيرا إلى أن هذا بحد ذاته نجاح للمهرجان ونجاح للشباب المشارك الذي استطاع أن يصل للمستوى الوطني وأن يقدم أعماله على خشبة المسرح الوطني محمد الخامس.

احتفاء وعرفان.. الدورة الأولى تحتفي بثلاثة فنانين من رواد الخشبة

افتتاح الدورة الأولى طبعته لحظات مميزة وقف خلالها الجمهور تحية إجلال وتقدير لثلاثة من رواد الخشبة، الذين جرى تكريمهم من قبل المهرجان، ويتعلق الأمر بكل من الفنانة نجوم الزوهرة، والفنان إبراهيم وردة، والفنان المختار الملالي.

وشكلت لحظات التكريم والعرفان لحظة ربط وتجسير العلاقة بين جيل هو نتاج لمسرح الهواة وجيل يتوق للمزج بين تجربته وتحقيق الاستمرارية، حيث غالبت الدموع المكرمين والحاضرين، وألقى فنانون شهادات في حق المكرمين، ليقدم الكاتب والناقد المسرحي الحسين الشعبي شهادة غنية وثرية في حق الفنانة الزوهرة نجوم التي تجر وراءها تاريخا حافلا من العطاء أو كما لقبها هو في شهادته “الزهرة بنت البرنوصي” التي كانت عنوانا لأولى مسرحية الفنانة المكرمة.
بدوره ألقى المخرج المسرحي بوسرحان الزيتوني كلمة في حق المكرم المخرج المسرحي الفنان ابراهيم وردة، وأماط الثام عن تاريخ غني وحافل لمسرح الهواة، بجهة الدارالبيضاء – سطات، وما لعبه الفنان وردة من دور في إشعاع وألق المسرح وتكوين جيل من المبدعين ما زال يشع عطاء.
وفي فقرة تكريم الفنان المراكشي المختار الملالي قدم المؤلف المسرحي عبد اللطيف فردوس نبذة عن مسار حافل بالعطاء بصم عليه الفنان الملالي إلى جانب فرقته المسرحية التي بدأت في وضع لبنات المسرح بمراكش منذ ستينيات القرن الماضي والتي ما تزال مستمرة إلى حدود اليوم في تكوين أجيال من المبدعين.
بدورهم، عبر المكرمون الثلاثة عن إشادتهم بتجربة مسرح الشباب التي تنطلق اليوم، والذين اعتبروها ميلادا جديد يحاكي مسرح الهواة الذي أنتج جيلا من المبدعين والرواد الذي حملوا مشعل المسرح المغربي على مدى عقود وساهموا في توهجه وطنيا ودوليا.

12 فرقة مسرحية تنافس على الجائزة الكبرى للمهرجان

إلى ذلك، يتنافس على الجائزة الكبرى 12 عشرة فرقة مسرحية شابة، كل واحدة تمثل جهة من جهات المملكة، وذلك بعد فوزها بالمرتبة الأولى في المهرجانات الجهوية التي نظمت على امتداد فبراير ومارس الماضيين.
وتتألف جوائز المهرجان الوطني الأول لمسرح الشباب من: الجائزة الكبرى، وهي مساهمة من الفنان محمد الجم (20.000 درهم)، وجائزة التأليف (4000 درهم)، وجائزة الإخراج (4000 درهم)، وجائزة السينوغرافيا (4000 درهم)، وجائزة التمثيل ذكور (3000 درهم)، وجائزة التمثيل إناث (3000 درهم)، وجائزة الأمل (2000 درهم)، إضافة إلى جوائز تقديرية غير مالية تقترحها لجنة التحكيم إذا ارتأت ذلك.

“من يحكي”.. عرض مسرحي افتتاحي وبرشيد على رأس لجنة التحكيم

اللقاء الافتتاحي للمهرجان عرف الإعلان عن لجنة التحكيم التي يترأسها الناقد والباحث المسرحي الدكتورعبد الكريم برشيد، حيث اختارت إدارة المهرجان لجنة تحكيم تتكون من كل من المخرج والممثل عبد الإله عاجل والمخرجة فاطمة الجبيع والممثلة هاجر الحمدي والمخرج بوسرحان الزيتوني والصحافية أمينة غريب.
هذا، وجرى عقب اللقاء تقديم عرض مسرحي، بعنوان “من يحكي”، الذي قدمه شباب من المركز الوطني محمد السادس للمعاقين فرع مدينة مراكش، الذي يشارك كضيف شرف في هذه الدورة، وهو العرض المسرحي الذي ألفه عبد اللطيف فردوس وأخرجه أيوب مطية.

محمد توفيق أمزيان
تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top