في بيان علاقة العقوبات الاقتصادية بانتهاك حقوق الإنسان؟؟

في حيثيات الظاهرة

ظهرت العقوبات الاقتصادية كشكل من أشكال السياسة الدولية في الحقبة التي جرت فيها ثورة أكتوبر السوفييتية. حيث جرت محاصرة الدولة السوفييتية ديبلوماسيا واقتصاديا. وعلى الرغم من انكسار حدة الحصار بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أنه تواصل بأردية أهمها الحصار التكنولوجي (ولنا في حصار إيران وكوريا الشمالية الآن، وحصار العراق البارحة أكبر مثال في هذا الصدد)..

في العلاقة بين الحصار وانتهاك حقوق الإنسان؟

إن طبيعة وأهداف الحصار الاقتصادي، والتي يمكن تأشيرها بشكل من أشكال العنف الدولي/الاستعماري التي تعتمده المراكز الصناعية بهدف (وهذا أساسي) تكييف الدولة الوطنية استجابة لمصالح الرأسمال المعولم، تثير أسئلة حادة يتقدمها التالي:
هل أن الحصار الاقتصادي يتجاوب مع شرعة حقوق الإنسان؟. وإذا كان الجواب سلبا، فهل يمكن اعتبار الحصار شكلا من أشكال الإرهاب الدولي في مرحلة التدويل؟؟.
لقد بات معروفا أن الدول الصناعية الكبرى اعتمدت موضوعة “حقوق الإنسان” مدخلا أساسيا للتأثير على الأنظمة الشمولية (أنظر المثالين المصري والسعودي) والتي تتعارض أو لا تتجاوب مع شروط التطور الرأسمالي. ترتكز مبررات التدخل الخارجي/الدولي على احتكار السلطة السياسية وغياب الديمقراطية، فضلا عن استخدام العنف ضد الخصوم السياسيين (=قضية خاشقجي؟). ومع التزامنا بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة السياسية، وسعينا (كما هو حال جميع الديمقراطيين بهذا البلد؟) للتخلص من الأنظمة الاستبدادية واستبدالها بأنظمة حضارية، إلا أن ذلك لا يمنعنا من التّوقف عند الوحدة الجدلية السياسية الاجتماعية لحقوق الإنسان.
إن العقوبات الاقتصادية تنتهك وبشكل صارخ حقوق الإنسان الاجتماعية: حق العيش، حق العمل، الحق في التعليم وحق الضمانات والحماية الاجتماعية والأمنية. ومن هنا – أيضا – ومن هذا التحديد يمكن القول إن إعادة تكييف الدول الوطنية عبر شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، تشترط انتهاكا فظا لحقوق الإنسان الاجتماعية، وبعبارة أخرى إن الإرهاب السياسي الذي تمارسه الدولة الاستبدادية بالداخل يكمله الإرهاب الاقتصادي الذي تفرضه الدول الكبرى (وعلى رأسها أمريكا بالطبع).

في المحصلة الغير نهائية

إن إثارة الموضوعات سالفة الذكر، تستمد قوتها واقعيتها من أن سياسة التجويع الدولية المفروضة ضد الإنسان (العراق، سوريا، وإيران؟؟) باتت عاملا من عوامل استمرار الإرهاب السياسي الذي تعتمده، ليس أمريكا فقط؟، بل السلطة العراقية ذاتها تجاه شعبها.
نخلص بشكل مؤقت إلى التالي:
أولا: يشكل احتكار العنف المشروع دوليا بشكليه العسكري والاقتصادي أحد المضامين الأساسية لـ “الشرعية الدولية” في مرحلة التدويل الرأسمالي.
ثانيا: يشكل الحصار الاقتصادي أداة سياسية لتكييف الدولة الوطنية وإعادة ربطها في منظومة العلاقات الرأسمالية.
ثالثا: إن فصل الحقوق السياسية للإنسان عن مثيلاتها الاجتماعية يشكل المرتكز الأساس لأيديولوجية الرأسمال المعولم.

< بقلم: عبد الله راكز

Related posts

Top