في حوارمع التشكيلية المغربية نسرين صفار

تقيم الفنانة المغربية نسرين صفار بمدينة سيت الفرنسية لكن حساسية أناملها تنصت لما يقع على ضفتي المتوسط حيث تنشغل فنيا وجماليا بالأحداث السياسية التي عرفتها المنطقة لتقربنا عبراللون  من ثورات «الربيع العربي» بعد اقتفاء أثر بصمات تربة بلدان المتوسط والاشتغال عليها…
كما تبحث نسرين، التي رأت النور بمدينة فاس سنة1983، من خلال أعمالها عن الروابط التي تجمع شعوب البحر الأبيض المتوسط والتي تمكن من التداول الحر للأفكار…
وصفار، خريجة معهد الفنون الجميلة بفرنسا سنة2014، سبق لها أن قدمت مجموعة من المعارض فردية وجماعية على المستوى الدولي: بالصين، فرنسا، المغرب، الجزائر، تركيا، هنغاريا وأوكرانيا كما شاركت في إقامات فنية دولية بكل من قطر وبلغاريا وهنغاريا …
وتشيرالتشكنيلية المغربية، التي تمتح من تعدد ثقافات المتوسط، أن الفن يجعل العالم يتقدم إلى الأمام ويتجاوز الحدود ويعطينا ذكاء وفهما في نظرتنا إلى العالم وتعتبر أن الفن بشكل عام لا يمكن أن يزدهر في ظل الحظر.
كما تشعر بالأسف جراء الأزمة التي يمر بها العالم العربي منتقدة انتشار الحروب والجريمة والمعاناة التي أصبحت متكررة والظلم الشامل.
وترى نسرين، التي تحدثنا في هذا الحوار عن عالمها الفني، أن الارهابيين يريدون تدمير ثقافاتنا العصرية نتيجة الجهل والازدراء..وتطالب من  صناع القرار التركيز على التعليم الذي يمنح العدة المعرفية للشباب للنضال ضد الهمجية ..

< ما الذي يعنيه التشكيل بالنسبة للفنانة نسرين صفار؟

> الفن التشكيلي بالنسبة لي حرية تعبير كبيرة، وأكرس حياتي لتطوير عملي وذلك بالبحث المستمر على المستوى الشكلي متوكئة على نظرتي إلى العالم. فالفنانون ليسوا فلاسفة ولا علماء اجتماع لكنهم  يقدمون خدمة للعالم من أجل النهوض بالذوق.

< يغلب على لوحاتك طابع التجريد لماذا اخترت هذا الاتجاه دون غيره؟
> التجريد لغة تعبير جد معقدة والتي أعبر من خلالها  بحرية أكبر فكريا حركيا وجسديا ، ومعرفة تتطلب تفكيرا شخصيا كبيرا والعمل على الذات … التجريد  في رأيي هو ذلك الطي الحاصل بين العالم المرئي والعالم المحسوس.

< لماذا يطغى في لوحاتك اللونان الأصفر والأزرق؟
> أوظف اللون الأصفر في عملي لكونه يمثل العلامات التي تدل على الأماكن المحظورة أو المناطق الحدودية والصراعات ..أما اللون الأزرق فهو استعارة للبحر الأبيض المتوسط.

<من هم الفنانون الذين  تأثرت بهم؟
>أحب عمل روبرت روزنبزغ، جيرهارد ريختر، كريستوفر وول، ولكن أيضا ألبرت أويلهين من أجل  استلهام الطاقة والعنف .. وجميع الفنانين الذين تمكنت من الالتقاء بهم بفرنسا التي أعيش فيها.

< في أحد معارضك  قدمت لوحات اشتغلت فيها على تتبع أثر بصمات التربة على القماش في عدد من بلدان  المتوسط..هل كان لها علاقة بما تعيشه هذه المنطقة اجتماعيا و سياسيا؟
>لقد أخذت بصمات التربة من كل بلدان البحر الأبيض المتوسط  حيث أشتغل ضمن مشروع التصويرية الذي يقدم العديد من الآثار المترتبة عنها..ويشكل قيمة شعرية وتوجها سياسيا أكبر والبحث عن روابط بين جميع شعوب البحر الأبيض المتوسط  تمكن من التداول الحر للأفكار… أعيش على جانبي الضفتين لكنني حساسة بشكل خاص للأحداث الاجتماعية والتاريخية المتعلقة بهذه البلدان وأعمالي الفنية تشهد بذلك…لقد  بدأت هذا التوجه الفني انطلاقا من “الربيع العربي” الذي شكل محركا لبحثي على عينات من بصمات التربة في جميع أنحاء المتوسط.

< يعيش العالم اليوم موجة من الدمار الشامل إنسانيا وماديا فمن جهة هناك مجازر يتعرض لها الشعب السوري وهناك أيضا عمليات إرهابية تضرب أوروبا ..هل يمكن للفن أن يقاوم مثل هذه البشاعة؟
>للأسف العالم العربي يمر بأزمة ..بالحرب والجريمة والمعاناة التي أصبحت متكررة والظلم الكلي، الارهابيون يريدون تدمير ثقافاتنا العصرية، هندستنا المعمارية، كتبنا، وأعمالنا نتيجة الجهل والازدراء… لكنني واثقة من جميع الفنانين  في العالم العربي قد حشدوا أسلحتهم ضد هذه الهمجية. فالمقولة الشهيرة لهولدرلين،التي قالها في فجر العصر الحديث،”ما فائدة الشعراء في زمن البأساء و الضراء؟” تنطبق أيضا على راهننا …ولكن ينبغي على كل فنان أن يتحمل مسؤوليته.

<هل ما نعيشه يتعلق بتدني مستوانا الفني ؟
>تم لسوء الحظ ،طيلة سنوات عديدة،تجاهل عالم الفنون وتعليمها لتغذية أطفالنا في وقت مبكر.يجب علينا أن نشجع جميع المبادارت الحسنة، ويتعين على صناع القرار التركيزعلى التعليم ومنح العدة  للشباب للنضال ضد الهمجية والجهل. الأولوية للتعليم،وليس فنيا فقط، ليكون قيمة مطلقة حقيقية في  العالم العربي. فالفن يجعل العالم يتقدم إلى الأمام ويتخطى الحدود، ويعطينا ذكاء وفهما في نظرتنا إلى العالم.

<عرضت بمتحف”تشونغ بكين للفنون الجميلة”بالصين في نظرك هل هناك مواصفات للمتلقي الصيني وذوق خاص بالسوق الفنية في ذلك البلد تختلف عن ماهو عليه في البلدان الأخرى؟
>كانت لي تجربة رائعة خلال إقامتي في الصين،لقد كان استقبال دافئا ووديا جدا من طرف المتاحف الكبرى في بكين. ولكن ما أعجبني أكثر،وهوأمر لم يسبق لي أن رأيته في بلدي،هو أن الصين لديها احترام كبير للفنانين الصينيين الشباب وتشجعهم مع دعم كبير من خلال شراء لوحات  الشباب بشكل كبير. وعلى عكس ما يحدث،وإن بشكل أقل، في المغرب وحضارات المتوسط حيث لا يتم الاهتمام بك إلا إذا كنت شيخا أو لديك خبرة.الصينيون يقدرون الشباب ويقدسونه وهذا ما يعطي المشهد  حيوية فنية استثنائية.

<ما هي مشاريعك المستقبلية؟
>أولا إحرازتقدم في مشروعي المتعلق بأخذ بصمات بمنطقة البحرالأبيض المتوسط ثم إعداد مجموعة من المعارض بمونبلييه في هذا الصيف وبعده…وأود أن أتقدم أيضا في مشروع يتعلق بالنشر، حيث أجمع بين النصوص واللوحات انطلاقا من نظرتي الخاصة. كما أرغب لو سنحت لي الفرصة القيام بدور نشيط في البناء الفني في بلدي المغرب

خالد الكطابي كاتب صحافي

Related posts

Top