هي مدينة عتيقة لا تزال تحافظ على طابعها المعماري حيث يمتزج القديم بأبنيته المنخفضة الفسيحة والمنتظمة الشكل، والمتجدد بمبانيه التي ما تزال تخضع لوقع وتأثير الفن الهندسي المغربي القديم. من أهم مواقع هذه الحاضرة: شارع البازارات حيث توجد بازارات أو محلات لبيع التحف يرتاده الكثير من السياح، سوق الكتب المستعملة ويتواجد فيه عدد كبير من الكتب النادرة بعضها لم يبق في الأسواق بالإضافة إلى باب مراكش وهو أحد الأبواب المؤدية إلى داخل المدينة العتيقة.
الانطلاقة من ساحة الأمم المتحدة صوب هذه الحاضرة العتيقة التي ما تزال شاهدة على الماضي وعلى
الحضارة الإسلامية. حقيقة، أن المدينة القديمة ليست أجمل المدن القديمة بالمغرب، لكن سحرها
وبهاءها الخاصين هما ما يميزانها ويجعلانها محط اهتمام الزوار.
ندخل من أقرب باب لساحة الأمم المتحدة، نقطع حوالي أربعمائة متر مشيا من الساحة حيث نجد أنفسنا أمام المسجد الكبير للمدينة العتيقة. غير بعيد من هناك، تنتصب قبة سيدي بوسمارة، الضريح يستقطب العديد من الزوار من مختلف المدن المغربية، ويعتبر واحدا من المعالم الدينية بالمدينة القديمة. البعض يعتقد أنه من أولياء الله الصالحين الذي تقضى عليه العديد من الأغراض، هذا “الولي” يقال إنه كان أمينا للصيادين بميناء الدار البيضاء، تم تشييد قبته خلال القرن التاسع عشر، وتمت تسميتها نسبة إلى رجل المسامير الذي يقال إنه كان السبب في انفجار الأرض بالماء بعد ضربها بعصاه.
من هناك نسير في اتجاه حي التناكر بالقرب من السقالة العتيقة التي تؤرخ لفترة حكم السلطان سيدي محمد بن عبد الله، لاكتشاف ضريح آخر لا يقل أهمية وشأنا عن ضريح سيدي بوسمارة، إنه مكان دفن سيدي علال القيرواني أول حاكم للمدينة وقبر ابنته لالة بيضاء. الضريح واحد من معالم المدينة العتيقة الذي يكتسي رمزية خاصة مستمدة من قيمته التاريخية. يحكى بأن الدفين هو من كان سببا في تسمية الدار البيضاء باسمها نسبة إلى ضريح ابنته الذي أطلق عليه اسم البيت الأبيض. تاريخ قدوم سيدي علال القيرواني إلى مدينة الدار البيضاء حسب الأسطورة يرجع إلي القرن الرابع عشر حيث ترك مدينة القيروان بتونس راكبا البواخر والقوارب للذهاب إلى السنغال. إلا أن الباخرة التي كان يركبها جنحت قبالة سواحل مدينة الدار البيضاء، وتم إنقاذه من قبل الصيادين في المدينة.
بعد وفاة زوجته طلب من ابنته أن تلتحق به، إلا أنها غرقت بعد جنوح مركبها. بعد وفاتها شيد سيدي علال ضريحا لها وسماه البيت الأبيض آو الدار البيضاء تكريما لابنته المشهورة ببياض بشرتها. كما طلب أن يدفن بجوارها بعد وفاته.
بعد هذه الزيارة الحافلة بالذكريات القيمة، نعود من جديد إلى نقطة البداية ونحن تائهين وسط دروب تحكي عن تاريخ مليء بالأمجاد. ومن المعالم الأخرى التي زرناها ونحن نجوب أزقة المدينة القديمة، الصقالة التي تؤرخ لفترة حكم السلطان سيدي محمد بن عبد الله، بالإضافة إلى باب “المرسى” أي باب الميناء. من السهل أن نتيه في دروب هذه المدينة لكننا لا نلبث أن نجد طريقنا، دون أن نمل السفر الممتع في بحر من التاريخ.
سوق باب مراكش
تشتهر المدينة العتيقة للدار البيضاء بكونها مكانا يعرض فيه الباعة شتى أنواع السلع والبضائع خاصة بسوق باب مراكش الذي يمتد على مساحة شاسعة ويتكون من منازل تقليدية كل طوابقها الأرضية مخصصة للتجارة، ويجري الولوج إلى الدور العلوية المخصصة للسكن من أبواب ضيقة لا يتجاوز عرض أغلبها 60 سنتيمترا.. بهذا السوق توجد محلات لمختلف المنتوجات، وباعة متجولين يعرضون بعض البضائع الصغيرة كمحافظ الجيب والأحزمة وووو. ليس هناك مكان فارغ بسوق باب مراكش فبين المحل والمحل محل آخر وبين البائع والبائع بائع آخر، لا مجال للفراغ في هذه الرحبة الكبيرة فالسلع على الأرض مفروشة كما هي على الحيطان معلقة تنتظر زبونا يشتريها. وسط زحمة لا تطاق ونقاط اختناق متعددة في الأزقة الضيقة لسوق باب مراكش يبحث الآلاف من المتبضعين عن حاجاتهم ومتطلباتهم المعيشية انطلاقا من الخضر والفواكه واللحوم والأسماك إلى المجوهرات والحلي الذهبية والفضية، مرورا بملابس الأطفال من كل الأعمار، والأزياء العصرية والتقليدية للرجال والنساء، والأواني ومستلزمات المطبخ، والبهارات والتوابل والعطور والأعشاب. كل شيء يباع في الأزقة الضيقة لسوق باب مراكش. ووحدها متعة التسوق يمكن أن تفسر ما الذي يجعل رواد السوق يتحملون ذلك الازدحام.
> السعدية لعويجة «صحافية متدربة»