الماء هو قلب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والطاقة وإنتاج الغذاء وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان، هذه المادة الحيوية، في ظل تراجع التساقطات المطرية وعدم انتظامها، أمست ندرتها تشكل أكبر تحد يواجهه العالم اليوم، ويبقى رهان المغرب حاليا يتمثل في ضرورة تلبية الحاجيات المائية لمواطنيه، وكذا مواجهة الاحتباس الحراري الناتج عن استخدام الأنشطة الصناعية للوقود الأحفورية الذي يعد من العوامل الرئيسية لارتفاع الغازات الدفيئة وتلوث الهواء. ويبقى الحل الأكثر استدامة والأقل كلفة للتعامل مع هذه الأزمة، هو نهج حكامة جيدة في تدبير الموارد المائية وترشيد وعقلنة استهلاكها..
نظمت ثانوية ابن رشد التأهيلية التابعة للمديرية الإقليمية لعمالة مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء، مساء يوم الخميس الماضي، نشاطا تربويا لتحسيس تلامذة المؤسسة بأهمية المحافظة على الموارد المائية.
وعرف هذا النشاط، حضور كل من رئيس مصلحة الشؤون التربوية بالمديرية الإقليمية لعمالة مقاطعة الحي الحسني، إلى جانب عبد الحكيم بلخليع مدير الثانوية وعدد من الأطر التربوية والتعليمية بالمؤسسة.
هذا، وقد تميز هذا اللقاء الهادف إلى تعزيز الوعي لدى الأجيال الصاعدة بضرورة حماية الماء من الهدر وانعكاسات التلوث، باستضافة الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء سابقا، شرفات أفيلال، وحضور كل من الأستاذة لبني الصغيري نائبة برلمانية ومصطفى منضور عضو مجلس جماعة الدار البيضاء.
وفي كلمتها المتميزة خلال هذا النشاط الذي شهد حضورا مكثفا لتلميذات وتلاميذ المؤسسة غصت بهم قاعة العرض، نوهت أفيلال بانفتاح المؤسسة على محيطها الخارجي للتداول بخصوص عدد من المواضيع التي تعتبر اجتماعية، كما أشادت باختيار موضوع ندرة المياه محورا لهذا النشاط، وذلك بهدف رفع منسوب الوعي لدى النشء وأسرهم، بهذه القضية التي تتصدر السياسات العمومية ببلادنا.
وقالت أفيلال خلال هذا النشاط الذي نسق فعالياته الأستاذ عبد الواحد بنعضرا، إن الماء هو قوام الحياة على وجه الأرض، حياة البشر، وحياة الحيوان، وحياة النبات، مستشهدة بأهميته، بالآية 30 من سورة الأنبياء “وجعلنا من الماء كل شيء حي”.
وأضافت الخبيرة في الموارد المائية، أن هذه المادة الحيوية، هي بمثابة قلب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والطاقة وإنتاج الغذاء وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان، مبرزة أن ندرتها في ظل تراجع التساقطات المطرية وعدم انتظامها، أمست تشكل أكبر تحد يواجهه العالم اليوم، وأن رهان المغرب حاليا، يتمثل في ضرورة تلبية الحاجيات المائية لمواطنيه، وكذا مواجهة الاحتباس الحراري الناتج عن استخدام الأنشطة الصناعية للوقود الأحفورية الذي يعد من العوامل الرئيسية لارتفاع الغازات الدفيئة وتلوث الهواء، والعمل على الحد من مخاطر الفيضانات ومعالجة تزايد الضغط على الموارد المائية الجوفية بمعدلات أسرع من قدرتها على التجدد في عدد من المناطق في المملكة.
وبعد أن ذكرت أفيلال بخطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح أعمال البرلمان، والذي دق جلالته من خلاله ناقوس الخطر بشأن أزمة الجفاف ونقص المياه بالمملكة، ودعوة جلالته، إلى التعامل بجدية في مواجهة “إجهاد مائي هيكلي” التي تعانيه البلاد، شددت المتحدثة، على ضرورة تضافر جهود كافة المتدخلين من سلطات عمومية وهيئات منتخبة ومؤسسات عمومية ومجتمع مدني وساكنة، من أجل تحقيق “الأمن المائي” الذي صار يعد مرادفا لـ”السلم الاجتماعي” ليس في بلادنا فحسب بل في العالم أجمع، مؤكدة في هذا الجانب، على ضرورة تكريس “الحفاظ على الماء وترشيد وعقلنة استهلاكه” كمبدأ أساسي في السلوك اليومي للمواطن، لكونه إجراء استعجاليا على قدر كبير من الأهمية، إلى جانب العمل على تغيير في مستوى البنية الاقتصادية والإنتاجية المستهلكة للماء بإفراط.
وكشف هذا اللقاء عن مدى وعي تلميذات وتلاميذ هذه المؤسسة بالوضع الدقيق التي تمر منه البلاد، وظهر ذلك جليا من خلال تساؤلاتهم المثيرة لبعض السلوك والممارسات البشرية التي تتسبب في هدر المياه، من قبيل استعمال الماء الشروب في سقي الحدائق، واستنزاف الزراعات الجائرة للمياه الجوفية في المناطق المعرضة للجفاف الذي أصبح مشكلا هيكليا يؤثر على المجال الفلاحي، وكذلك من خلال تساؤلاتهم حول التدابير والإجراءات لتقويم هذا الوضع أو التخفيف من حدته بالأحرى؟.
وفي تفاعلها مع أسئلة هؤلاء التلميذات والتلاميذ وتوجيهاتها لهم، أكدت أفيلال على ضرورة تجنب هدر الماء في مختلف الأنشطة اليومية للفرد، سواء أثناء الغسل أو الاستحمام، أو خلال تنظيف الأواني وغسل الخضراوات والفاكهة بالماء في المطبخ، وتفادي ترك الصنبور مفتوحا خلال الغسل أو التنظيف، مشددة، على ضرورة تبني سلوك صديق للمياه، من خلال الاهتمام بإصلاح التسربات سواء من الصنابير أو من مواسير المياه أو خزان المرحاض، وغيرها من الأمور المرتبطة بمختلف الاستعمالات اليومية للماء.
ولفتت المتحدثة الانتباه، إلى أنه في الوقت الذي لا يجد سكان المدن الكبرى أي صعوبة في الولوج إلى”الماء”، تعاني ساكنة بعض المناطق في المملكة بخاصة في الأرياف والبوادي من نقص حاد في المياه الشروب، ويضطرها ذلك، إلى البحث عن مصدر للماء وقطع مسافات بعيدة ولساعات طوال لعلها تتزود منه بـ”قربة ماء”، مشيرة، إلى أن هذه الظروف الصعبة التي تجتازها ساكنة هذه المداشر، تتسبب في الهدر المدرسي والهجرة القروية وما إلى ذلك من الآفات الاجتماعية.
ونوهت الخبيرة في الموارد المائية، بالتدابير الاستعجالية التي أقرتها الدولة في مواجهة الظروف الصعبة التي تمر منها البلاد، غير أنها شددت على ضرورة التفكير في حلول مستدامة .
وبهذا الخصوص، أفادت المتحدثة خلال هذا اللقاء الذي تتبع التلميذات والتلاميذ فعالياته دون ملل، بأن المغرب اتجه نحو نهج مجموعة من الاستراتيجيات في مواجهة هذه الأزمة، من بينها تحلية مياه البحر، لضمان تدفق الماء الصالح للشرب لساكنة مجموعة من المدن، بما فيها العاصمة الاقتصادية التي ستستفيد من هذا المشروع قريبا، وإعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء والغولف وتوفير الماء الصناعي ..
ويبقى الحل الأكثر استدامة والأقل كلفة للتعامل مع هذه الأزمة، تؤكد المتحدثة، هو نهج حكامة جيدة في تدبير الموارد المائية، واعتماد تدبير مستدام يراعي القدرات المائية للبلاد ومناخها الجاف وشبه الجاف، مشددة، على العمل على تحقيق تنمية تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المائية وتبني زراعة مستدامة باختيار مزروعات تتلاءم مع الإمكانيات المائية لكل جهة وكذا الاستثمار في اقتصاد الماء وفي تدبير الطلب عليه.
وقال مدير الثانوية عبد الحكيم بلخليع، في تصريح لبيان اليوم، إن هذا النشاط يندرج ضمن مجموعة الأنشطة المسطرة التي تنظمها الثانوية على مدار السنة الدراسية، بتنسيق مع جمعية آباء وأولياء التلاميذ، تهدف لتنوير التلاميذ في قضايا اجتماعية وثقافية مختلفة، تهمهم وتخص المجتمع الذي يعيشون فيه..
وأضاف بلخليع، أن هذا النشاط بالخصوص جاء بغاية تحسيس التلاميذ، وحث أسرهم من خلالهم، على تبني سلوك مواطناتي قوامه الحفاظ على الماء وتجنب هدره سواء في البيت أوالمدرسة أوغيرها من الأماكن حيث تكون هذه المادة متاحة، مؤكدا في نفس السياق، على ضرورة تحسيس تلامذة المدارس والمؤسسات التعليمة وتكثيف حملات التوعية العامة والتثقيف لكل شرائح المجتمع المغربي لبناء الوعي العام حول التغير المناخي وندرة المياه واتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة للحفاظ عليه.
يشار إلى أنه ضمن فعاليات هذا النشاط، قامت شرفات أفيلال بغرس شجرة بفضاء الثانوية لجعله أكثر جاذبية لتلامذة المؤسسة وحثهم على الاهتمام بالبيئة.
نوافذ
ضرورة تجنب هدر الماء في مختلف الأنشطة اليومية للفرد، سواء أثناء الغسل أو الاستحمام، أو خلال تنظيف الأواني وغسل الخضراوات والفاكهة بالماء في المطبخ، وتفادي ترك الصنبور مفتوحا خلال الغسل أو التنظيف، وتبني سلوك صديق للمياه، من خلال الاهتمام بإصلاح التسربات سواء من الصنابير أو من مواسير المياه أو خزان المرحاض، وغيرها من الأمور المرتبطة بمختلف الاستعمالات اليومية للماء.
يبقى الحل الأكثر استدامة والأقل كلفة للتعامل مع هذه الأزمة، هو نهج حكامة جيدة في تدبير الموارد المائية، واعتماد تدبير مستدام يراعي القدرات المائية للبلاد ومناخها الجاف وشبه الجاف، و العمل على تحقيق تنمية تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المائية وتبني زراعة مستدامة باختيار مزروعات تتلاءم مع الإمكانيات المائية لكل جهة وكذا الاستثمار في اقتصاد الماء وفي تدبير الطلب عليه.
سعيد ايت اومزيد
تصوير” طه يسن الشامي