في واقع “الغمة” السياسية المغربية..ذرائعية دعاة “الحداثة”؟

 في طبيعة”الغمّة”

أليس يعني، أن إعادة طرح مشكلية سؤال الفكرة التقدمية/ التنموية ذات الصيغة اليسارية الديمقراطية، في المرحلة الراهنة والحاسمة من التاريخ المغربي (بعد خيبات التجارب السياسية التي اعتمدت منذ استقلال 56)، ستبدو لدى البعض أكثر مدعاة للتساؤل الجاد والحاد أيضا في آن معا.. أي ذاك المتصل بصميم سؤال اليقظة / الصحوة / التنمية (في الفهم المتجدد لها) كاستتباع؟، قبل أن تغدو لدى البعض ممن يتمسحون باليأس من المستويات المتوالية المترتبة عن السؤال؟؟ والطامحون دون هوادة في المنافحة والمكافحة من أجل تكريسه وتبرير قيامه، وضرورة استجلاء ممكناته على ضوء ما سبق، أكثر مدعاة للانتقاد والتبخيس، كمفارقة ربما.

على أن ما يشفع لهؤلاء ولأولئك على السواء، هو انتصاب المُشْكلية أياها فعلاً، واقعية عيانية تفترض دون تأخير، أكثر من نظر ورأي عميقين في أقل تقدير. والحال أن إعادة طرح السؤال المذكور أيضا وأيضا، وبالمواصفات المذكورة لابد أن تحيل طبيعيا، إلى كثافة الإشكالات الأخرى – كعوائق- المحيطة بها، كإشكالية أساس مؤسسة للغمة السياسية القائمة بالمغرب (في بُناه الرسمية والغير الرسمية، هذه الأخيرة هي المدعوة بالسؤال). أي تلك التي تخترق بنى وآليات عمل واشتغال العقل السياسي المغربي المُنهمك بها والمشتغل في البحث في سبيل تجاوزها أو الحد – بقليل من الخسارة- من تداعيات استمرارها على النحو المستفحل التي هي عليه، في غياب ما يمكن اعتباره فَعَلة حقيقيين في الرقعة السياسية المتختّرة، سياسيا ونقابيا؟.

 في الأفق الذرائعي لدعاة “الحداثة”؟

 إن الدافع إلى القول السابق، مجموعة اعتبارات نوجزها اختصارا كالتالي:

أ/ اعتبار أول:

إن غياب المناعة الذاتية الكفيلة بتحصين البُنى المغربية الاجتماعية الهشة، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ضدا على الاختراق البورجوازي التبعي الهجين المتعدد الوسائط (نشهد الآن ذروة فعله ومراده مع حكومة أخنوش المترهلة)، هو غياب يستمد جذوره وأسسه، من التعثر العام يشهده مسلسل التطور السياسي/ المؤسساتي والاجتماعي – الثقافي المغربي، منذ الوعي المبكر بضرورته من لدن العديد من المفكرين والمثقفين المغاربة على قلتهم، الذين سايروا على نحو من الأنحاء، الصعود المفرط للتيار البورجوازي الهجين الصاعد منذ الاستقلال، في انتظار ملفت للنظر، فشل وانطواء التيار “الاشتراكي” الانقلابي بالمشرق وامتداداته بالمغرب (أ. و ق ش ).

ب/ اعتبار ثان:

ثم إن إشكال الديمقراطية غير المتحقق على المستوى الجواني من البُنى المغربية المذكورة رغم أنه كطرح، موضوعة، ومأزق أيضا، سبق أن انبسط حد الاستسهال على بساط التفكير السياسي المغربي المُعقلن (على قلته) أو الطامح في أن يكون كذلك أصبح متجسدا أكثر من أي وقت مضى كـ “واقعة تاريخية” ممتدة وليس كمعطى تاريخي فقط، وكما كان سابقا في صميم المشروع “التحرري؟” هو الآن في صميم ما نعتبره المشروع الحداثي المُفترض. هذا الأخير الذي سيشكل لا محالة (مثلما كان مع الصعود القومجي الانقلابي) أساس العديد من برامج القوى والأحزاب المغربية بل وديدنها في الممارسة على أرض الواقع وباسمه، ومرجعها في شتى حالات التنازع المُتأسسة فكريا وسياسيا على خلفية “التّفارق” الاجتماعي. (أين نحن منه الآن؟؟).

ج/ اعتبار ثالث:

لا ريب لدي شخصيا، في سياق رغبتي في تحديد بعض خاصيات الغمة السياسية المغربية، أن أعرج بالبديهي، على الغمة التي يعانيها ما يسمى بـ “اليسار الجديد بالمغرب” (بعيدا عن أحلام يقظته الحالية، وبعيدا عن الترهات التي تمجد ذاتها أو ترغب في تمجيد تجربة فاشلة بكل المقاييس حتى الأخلاقية منها).

إن تمركز الوعي السياسي لدى هذا اليسار في البوتقة المشرقية، على قلة تجربته، وانفراد طموحه لم يكن له إلا أن يعيد بنفس الإثارة ونفس الطرح الذي سبق وأن طرحته قوى أخرى وبنفس الأخطاء، ومنه سؤال الديمقراطية الليبرالية؟ كما انطرح بنوع من التبخيس إبان فورة الناصرية. وهو سؤال لم يكن لينطرح لولا الطابع الانفرادي بالسلطة الذي سلكه النظام العسكري الناصري (وهذا سؤال سبق وأن طرحه أنور عبد الملك في مؤلفه: الإيديولوجيا والنهضة القومية ومصر الحديثة).

وحتى لا نختم، يمكن أن نضيف في ذات السياق، أن اليسار المغربي مثله في ذلك مثل اليسار العربي، تألق فقط في الجدال والتأمل النظري ولم يكن معه في ذلك من سبيل إلا الارتخاء في أحضان السلطة المغرية. اسماعيل صبري وفؤاد مرسي بمصر كنموذجين. أما في المغرب فحدث ولا حرج؟؟.

بقلم: عبد الله راكز

Related posts

Top