قراءة في مجموعة “جراب الخيبات” لعبد السلام بوزمور

“جراب الخيبات” مجموعة قصصية، من الحجم المتوسط، ومن فئة القصة القصيرة جداً للقاص عبد السلام بوزمور، مطبعة الخليج العربي، 152، شارع الحسن الثاني، تطوان، الطبعة الأولى2017 تضمّ المجموعة سبعين نصاً. من خلال هذا المقال نجري قراءة افتحاص واستبصار واستكشاف .. لعنونة المجموعة، ولغتها، وشخصياتها، وحجم نصوصها.

1 ــ العَنونــة:

من حيث العنونةTitrologie المجموعة جاءت تحت عنوان “جراب الخيبات” والجراب لغوياً: وعاء من جلد كالذي يحمله الرّاعي، فيضع فيه زاده، أو قد يكون كِيساً أو حَقِيبَة.. الخيبات: مفردها خيبة ، وهي مصدر خاب بمعنى: عدم تحقيق ما كان يُرجى.تحقيقه .. وبذلك فالعنوان ليس عنوان قصة في المجموعة كما هو معتاد، وإن كان هناك نص تحت عنوان: “خيبة” ص/13 ولكن أرى أنّه جاءَ جامعاً، فالنصوص في معظمها تشهد لخيبات متعددة: اجتماعية، وسياسية ، وثقافية.. فلا غرو أنّ المجموعة بينَ دفتيها تشكّل جراباً ضامّاً لهذه الخيبات جميعاً، التي يعاني منها المجتمع.
أمّا عناوين النّصوص فاختلفت في صياغتها وتركيبها. فمنها ما جاء في كلمة واحدة، وهو الأغلب، ثلاثة وستون عنواناً . ومنها ما جاء في كلمتين سبعة عناوين فقط: [ تبادل حر، عود الضمير، درس التاريخ، وجبة ثقيلة، منهج تاريخي، أكلة السمك، مهمة رسمية].
أمّا من حيث النّوع: فمنها ما جاء رمزياً إيحائياً codeويدخل في هذا الإطار كلّ العناوين المستقاة من التّراث العربي الإسلامي، والإغريقي اليوناني كالأساطير.
باقي العناوين معظمها تلخيص للحدث، أو معبر عنه، أو أعِدَّت لتكونَ اسْتنتاجاً و خلاصة وعبرة، أو سُخرية وتهكّماً بما آلتْ إليهِ الشّخصية من خِلال تطوّر الحَدث..

2 ــ اللّغة القصصية:

إنّ اللّغة في القصّة القصيرة جداً، تعدّ أهمّ شيء ينبغي مراعاته لبناء حدثٍ له أبعاد في القراءة والتّأويل. ومن تمَّ كان الحرص لدى مبدعي هذا الجنس السّردي، على اختيار اللّفظ، وحسن سبك الجملة القصيرة، والإفادة من الرّمز والأسطورة، ومن ضروب الثّقافة العامّة. فلا غروَ إن جاءت نصوص قصصية قصيرة جداً وكأنَّها مقاطع لقصيدةٍ شعرية. لتوافق اللّغةُ بين الجنْسين، من حيث الإيجاز، والتّلميح، والحَذف والإضمار، و التّناص والحرص على التّكثيف اللّغوي.. ما يجعل هذا الجنس في معظمه نخبويا إلى حدّ ما. فليس كلّ قارئ مخوّلٍ لفهم منطوق النّصوص، في عمق دلالتها، وبعد مراميها..
ففي مجموعة “جراب الخيبة” نجد لغة تبدو بسيطة، وسهلة.. ولكن سرعان ما تستوقف القارئ كلمات، وأسماء لها حمولة ثقافية، وتاريخية، وأسطورية.. تحيل النّص الذي بدا بسيطاً، إلى نص آخر يتطلب ثقافة وفهماً، وتصبح البساطة اللّغوية تخفي دلالات إيحائية تحيل على أبعاد لا يُمكن فكّ رمزها أو استيعابها والإلمام بها، دون رصيد مسبق، ومعرفة قبلية. الشّيء الذي يدلُّ على الكفاءة النّصية La compétence textuelle فالقاص عبد السلام بوزمور استفاد من رصيده الثقافي المتنوع لبناء نصوص ذات وقع معاصر و من ذلك:

1 ــ التراث العربي / الإسلامي: [أبو ذر ص/5 ، يلقنه الشّهادتين ص/12 ، التّوحيدي
ص/16، الرّاوي، شيطان الشّعر ص/18،
فتوى، كفارة ص/20، سيبويه ص/24، معاوية (بن أبي سفيان)، علي (بن أبي طالب) ص/30، سورة يوسف ص/36، جنكيز خان، ديار الإسلام ص/38، القرآن ص/42، جهاد ص/45، ليلة القدر، أبو لهب ص/50، كبش أملح اقرن ص/54، سفيان الثوري الظاهرية ص/57،(مذهب فقهي، وقيل منهج فكري وفقهي، نشأ المذهب في بغداد في منتصف القرن الثالث الهجري)، أوس بن حجرص/61 ( أوس بن حجر بن مالك المازني العمروي التميمي، شاعر مضر أبو شريح (95-2 ق.هـ/530-620 م)، من كبار شعراء تميم في الجاهلية)، زندقة ص/70 ].

2 ــ التّراث اليوناني: [ الخطابة اليونانية، ديموستين، ص/8، الإغريق، اليونانيون ص/ 30،
جوبيتيرص/34وص/37 وص/61، فينوس، أدونيس ص/7 ألكستيس،أدميتوس، هرقل
ص/39، سقراط ص/ 56 و ص/ 66 ، جلوكون، يوتوبيا ص/56،]

3 ــ التراث الرّوماني: [ يوليوس قيصر ص13،]

4 ــ الاقتباسات: [ “الطبيعة تأبى الفراغ” ص/9 ، “ألم تجعل العرب شيطانا لكلّ
شاعر؟ “ص/22 “خطأ مشهور خير من صواب مهجور.”ص/24” فلما أن جاء
البشير ألقاه على وجهه فارتدّ بصيراً.” ص/36، “العالم السّفلي” ص/37، ” ما كلّ
مرّة تسلم الجرّة.” ص/39، ” العمل عبادة” ص/42، ” شالوم ” ص/45 ،

” ما أطيب العيش لو أنّ الفتى حجر
تنبو الحوادث عنه وهو ملموم ” ص/61

“اللّهم املأ قلبي وعقلي نوراً، اللّهم اجعل تحتي وفوقي نوراً ” ص/65 ]
5 ــ التّناص: [ “استثمار ” هذه القصة تناص و الحكمة الصينية التي تقول: “علّمني كيف أصطاد ولا تعطيني كل يوم سمكة ” ص/19، ” تعوّد أكل لحم أخيه نيئاً ” ص/54 تناص والآية الكريمة :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) [الحجرات]: 12 “سقراط ” تناص و كيفية موت سقراط سما ص/66، ” ما جعل الله لرجل من فيلسوفين في جوفه ” ص/66 تناص والآية الكريمة (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ..) الأحزاب /4،نص: “أكلة السّمك ” ص/67 تناص ونص أحمد بوكماخ “أكلة البطاطيس” من كتاب إقرأ]

6 ــ التّاريخ : [ الموريسكي ص/10]

7 ــ حضارة وادي الرافدين وبابل: [ الإلهة أورورو، جلجميش، أنكيدو ص/43 ]

8 ــ أعلام و مصطلحات معاصرة: [ بريخت ص/13، كانيبال ص/54، غوغول ص/58، منهج تاريخي ص/59، حداثة ص/60، الفضاء الأزرق (فايسيوك) ص/ 64، شذوذ ص/72 ]

لا شكّ أنّ هذه الأشياء في بعدها الفنّي، ومَجالها السّيميائي، وتعدديتها الثقافية المختلفة Multiculturalisme تفيد في بناء النّص القصصي، وتغني رؤيته السّردية، لما تحدثه من تداخل علاقاتي، وبعد وانفصال عن التّقريرية والمباشرة ..فتتحقق البنية السّردية، بل ويتجلّى الفعلُ السّردي أيضاً، كأوضح ما يكون فنياً ..
فيُلاحظ أنّ المجموعة ذهبت في هذا السّياق أو أغلب نصوصها، فحين تطعم لغة النّصوص بهذا الحشد من المصطلحات المختلفة، والتي تنتمي لحقول شتّى، فإنّ النّص يميل حَتماً إلى الانغلاق لدى بعض القراء المحدودي الثّقافة.. بل حتّى بعض المثقفين سَيلجؤون للبحث، أو التّأكد من معلوماتهم لاستيعاب وفهم النّص .. وفي هذا إشكالية تفرض نفسها، بين من يرى الرّمز والأيقونات المختلفة ضرورة فنّية،تغني المسار السّردي وبخاصّة في القصّة القصيرة جداُ، التي تعتمد الإيجاز، و التّلميح والتّكثيف .. وتعرض عن الإخبار و التّصريح، و مَن يرى عكس ذلك، فالرّمز إن لم تستدعيه فكرة النّص، ونسقية كتابته، وظروف إعداده .. لا داعي لإقحامه كمكون فنّي.
والذي أرى في هذه المجموعة أنّ القاصّ عبد السلام بوزمور كان بارعاً سواء في كتابة النّصوص المشفّرة الرّمزية، والأنماط المُسننة codificesأو التي جاءت خالية من كلّ ما ذُكر سابقاً، وهذا مؤشّر على موهبة، وقدرته على الكتابة والإبداع. لنتأمل نص “تقرير ” ص/6″.
“مع تباشير صباح رمادي، جلست على كرسي تتأمّل الشّرطي، وهو يعدّ الآلة الكاتبة لتحرير تقرير عن حالة تلبس زوجة بالفساد، رفع طرفه نحوها:
س: اسمك؟
ج: ف.. ف … فَضيلة”.

نص في غاية البساطة، ولكن في غاية التّأثير، وبخاصّة قفلته التي تلخّص التناقض بين الاسم: “فضيلة”، والفعل: “تلبس بالفساد”. ومن آليات القصة القصيرة جداً، حسن حبك القفلة، لأنّها بالغة التّأثير، إذا أحسن توظيفها، فكلما كانت صادمة، وغير متوقعة، أو ذات دلالة تناقضية .. كلّما أعطت النّص مُتعة ودهشة ولذّة قرائية، على عكس النّهاية المتوقعة أو التي يشي بها السّطر الأوّل بله العنوان نفسه.. فإنّها تؤثر على النّص تأثيراً سلبياً..

ولنتأمل نصّاً آخر جاء مطعّماً بالرّمز.
” احتياط ” ص/39
“حدثها وهو على فراش المرض، عن “ألكستيس” التي تطوّعت للموت بدلا من زوجها “أدميتوس”، بعد أن رفض أبواه و أبناؤه و حاشيته التّضحية لإنقاذه، وحدّثها عن “هرقل” الذي تدخل فأنقذها من قبضة الموت لما همّ بقبض روحها.
شدّت على يده بقوّة وقالت: لكن يا حبيبي، ما كل مرّة تسلم الجرّة”.
في هذا النّص القصصي القصير جداً عمد القاص عبد السّلام بوزمور لإسقاط الحاضر على الماضي كما فعل ذلك المسرحي الأثيني القديم “يوربيديس” في مسرحياته.
فالنّص يتحدّث عن زوج على فراش المرض، وسواء أرد أن يختبر زوجته في مدى حبّها له ، أو أن يمازحها ..حكى لها ما فعلته “ألكسيس” التي تطوّعت أن تموت بدلا من زوجها “أدميتوس” في الوقت الذي أحجم عن ذلك الكلّ بما فيهم أبواه وأبناؤه وحاشيته. وليخفّف الزّوج وقع التّضحية الغريبة على زوجته، أخبرها أنّ هرقل تدخّل في أخر لحظة فأنقذها من قبضة الموت.
كان الزّوج ينتظر ردّ فعل زوجته، ما عساها ستقول أو تفعل بعد سماعها لما قصّه عليها؟
” شدّت على يده بقوّة وقالت: لكن يا حبيبي ، ما كلّ مرّة تسلم الجرّة .”
فنجد في ردّها فعلا وكلاما، من جهة ” شدّت على يده بقوّة ” وفي ذلك رمز للرّابطة العاطفية التي تربطها بزوجها المَريض، وتحسيس له بأنّها معه عاطفياً ومعنوياً.. وبالكلام: نعتته بالحبيب “يا حبيبي” وذكّرته باقتباس أمْثليّ عربي “ما كلّ مرّة تسلم الجرّة”، بمعنى إذا كانت “ألكسيس” وجدت “هرقل” أنقذها من قبضة الموت، فهرقل الإنقاذ لا يتوفَّر دائماً.
فالقاص عبد السّلام بوزمور، وظّف ثلاثة شخصيات من مسرحية “ألكسيس” للكاتب اليوناني القديم “يوربيديس” الذي أعدّ مجموعة من المَسرحيات حول المرأة وهي: (الكستيس ،ميديا ،اندروماخي ،هيليني ). وبطلة المسرحية “أليكسيس” تقوم بدور المرأة المخلصة التي لا ترى الوجود إلا بعيني زوجها “أدميتوس”، لهذا تطوّعت للموت بدلا عنه. في الوقت الذي تخلى عنه الجميع.
أما شخصية “هرقل” فهي شخصية أسطورية يونانية تتمتع بقوى ظاهرة وأخرى غيبية
اتّخذت نسق المغامرات العجائبية تكفيراً عمّا اقترف من ذنوب من غير وعي، شخصية بقدر ما تساعد الآخرين، بقد ما تدخل في صراع مستمر ضد كائنات أسْطورية تتغلّب عليها تارة بالقوّة، وتارة بالحيلة والذّكاء.
أمّا الزّوج أدميتوس “Admetos”  فهو ملك تساليه وقد ورد كبطل، وأحد شخصيات مسرحية “ألكسيس”.
أمّا المثل العربي المقتبس فهو متداول ومشهور، فقد تقع الجرّة من الطين و لا تنكسر، ولكن ليس في جميع الحالات، فالاحتياط واجب.

3 ــ الشخصيات:

شخصيات النصوص القصصية في مجموعة “جراب الخيبات” شخصيات مجردة من الوصف والاسم عبارة عن ضمائر مثلا:

ــ “و هو بين النوم واليقظة ..” ( أبوذر) ص/5
ــ ” جلست على كرسي تتأمل الشرطي ” ص/6
ــ ” انتحى أحد أركان الصالون الفاخر” ص/7
ــ “في سياق محاضرته عن الخطابة..” ص/8

وهكذا دواليك: إمّا تكون الشّخصية ضمير رفع بارز، أو ضميراً مستتراً.
حقاً أنّ القصّة القصيرة جداً تعتمد ذلك رغبة في الاختصار والإيجاز، وتمرير الخطاب بالطرائق الفنّية السّريعة.. ولكن هذا لا يمنع إطلاقاً منْ وضع أسماء للشّخصيات القصصية، أو إبراز ملامحها وصفاتها باقتضاب، سواء الخَلقية أو الخُلقية إن دعت الضّرورة إلى ذلك، كأن تكون فكرة النّص تستوجب الاسم أو الصّفة. المهم ألا يكون الاسم اعتباطاً، اسم من أجل الاسم، أو الصّفة مجرّد حشو لا يخدم السّياق و بناء الحَدث.
ولهذا تنوعت الشّخصيات واختلفت بين شخصيات:

ــ شخصيات تراثية: [ أبوذر، التّوحيدي، سفيان الثَّوري، أوس بن حجر..]

ــ شخصيات معاصرة: [ الشّرطي، الزّوج، الزّوجة، الأستاذ، المهاجر، الأرمل، الخريج العاطل، الممثل، الكاتب، المناضل المزيف، الرّاوي، الصياد، القاضي، المريض،الشاعر، الرّئيس، النّحوي، المنافق، الطبيب، الخطيب، قارئ، الميت، الأب، المصلي، المستهتر، كانيبال، غوغول، المرشح، المخدوع، المدير ..]
ــ شخصيات أسطورية [ جوبيتير، فينوس، أدونيس، ألكستيس، أدميتوس، هرقل، أورورو، جلجاميش، أنكيدو..]

4 ــ الحجم:

طبعاً، لقد شاع عند البعض أنّ القصّة القصيرة جداً لا تتعدى بضعة أسطر من ثلاثة إلى خمسة. مع أنّها في الحقيقة قد تسود صفحة كاملة و لا ضير، مادامت تحافظ على أدواتها المكوّنة، و نسقها التّكثيفي المتمثل في الحذف والإضمار.. إنّما انصرف الاهتمام إلى الحجم الذي هو في بضعة أسطر فانعدم الوصف أو كاد، وضاق التّعبير وشاع الاقتصاد فقلّتِ المُتعة القرائية، و فترت لذّة النّص، بشكل ملحوظ ..في كثير مما نقرأ من مجموعات.
القاص عبد السّلام بوزمور، انساق في هذا الاتجاه، ولكن حافظ على مبدإ أساسي في القصّة ألا وهو الحكي. فقارئه يشْعر أنّ هناك ما يُحْكى له، ويشدهُ إلي النّهاية.
فقصص المجموعة اختلفت أحجامُها من حيث القصر، إذ أطولها ثلاثة: ” برنامج” ص/7 و”التباس” ص/11 و ” خيبة ” ص/13 و كلّها في تسعة أسطر، باعتبار نصف السّطر سطراً كاملا.. أمّا باقي النّصوص فتدانت في القصر، واختلفت، أصغرها حجماً اثنـان:
“غبن” ص/55 في تسع كلمات : ” أراد التعبير عن رأيه تذكر أنه قد باع صوته ”
و”زندقة ” ص/70 في خمس كلمات : ” قدم لهم الحقيقة عارية ..جلدوه “.
والنصان معاً ــ نظراً لقصرهما الشّديد ــ فهما أقرب ما يكونان من جنس الشّذرة، أو كتابة الهايكو.. منهما من القصة القصيرة جداً.
لا شكّ أنّ القاص عبد السّلام بوزمور في مجموعته “جرابُ الخَيبات”، أثبت جدارته في الكتابة القصصية القصيرة جداً، وقد اجتهد ما أمكنه في توظيف الرّمز، وتنوع التيمات والأساليب، والالتزام ببنود ومكونات هذا الجنس. وحاول أن يكون حكَّاءً. وأجده غاوياً لشَهوة الحَكي والحُلم والتّخييل بطريقة فنّية.. تعتمد قلبَ المعنى، والانزياح الاستدلالي وبخاصّة في النّصوص الرّمزية، مع حُسن اختيار اللّفظ المناسب المُشبع بالإيحاء، ما جعلَ المسار السّرديّ يتدفّق هَيناً ومُمتعاً نحو نهاياتٍ مفتوحة مشرعة على مجالات التّأويل، والقراءات المُتعددة. أو نهايات مغلقة تدفعً إلى التساؤل والحَيرة والدّهشة…الشيء الذي حَقَّق النَّوعية الكتابية، واللَّذة القرائية.

> بقلم: مسلك ميمون

Related posts

Top