قمة الاستخفاف….

يبدو أن لجنة التأديب والأخلاقيات التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هي الأكثر نشاطا هذه الأيام، بفعل الكثيرة من الملفات التي تطرح أمامها، من مختلف الأقسام، هواة ومحترفين، لما يصدر هنا تواليا من بلاغات أسبوعية.
وتتعدد الملفات من تهم البيع والشراء، إلى التصريحات المجانبة للصواب، وصولا إلى الحركات اللا-أخلاقية والمشينة، وكان طبيعيا أن تكون هناك عقوبات في مستوى، ما قام به هؤلاء المدانون.
لن نتحدث هنا عن العقوبات العادية، نتيجة الحصول على إنذارات، وأوراق حمراء، أو حالات الطرد في إطار رياضي صرف، لكن الثابت أن الساحة بدأت تعرف تجاوزات، أصبحت تؤثر على صورة الرياضة، بل تخدش الحياء والحياة العامة، وهذا ما يتطلب مواجهة صارمة، بلا تراجع ولا هوادة.
وبالرغم من حجم العقوبات، فإن الحالات تتزايد أسبوعيا، بل هناك تصعيد وكأنه مقصود، خاصة من طرف عينة من اللاعبين، لا يترددون في تكرار نفس الحركات اللا-أخلاقية، بالرغم من تعرضهم للعقوبة، مستغلين في ذلك الاستعمال غير السليم، لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وتأييدا غير معلن من طرف إدارات الأندية.
وهنا نصل إلى دور النادي كمنظومة وككيان، من المفروض أن يؤطره نظام داخلي، تحميه مجموعة مبادئ وقيم، تشكل أرضية صلبة تبني عليها النادي، ويؤطر العلاقة بين مكوناته…
إلا أن هذه الوظيفة الحيوية، تبدو للأسف منعدمة داخل الأغلبية الساحقة من الأندية الوطنية، مع استثناءات قليلة وقليلة جدا، والاستثناء هنا يؤكد القاعدة، وهذه هي المعضلة.
فمن المفروض أن تكون إدارات الأندية سباقة، إلى إصدار قرارات تأديبية واتخاذ مواقف، صارمة في حق المخالفين، قبل أن تنظر لجنة الأخلاقيات والتأديب في النازلة، إلا أن هذه المبادرات أصبحت مفقودة، والأكثر من ذلك تواجه بالرفض عقوبات الجامعة بتقديم استئناف، والأكثر من ذلك تقدم احتجاج، وردود فعل منتقدة، وتتمادى في تهييج الجمهور اتجاه أجهزة الجهاز الجامعي.
إنه منحى خطير ستكون له بدون شك، عواقب وخيمة في حالة عدم إيقافه، واستمرار تخلي النادي عن وظيفته الأساسية، من حيث التأطير والتربية على المواطنة، والحفاظ على القيم التي بني على أساسها.
ولعل قمة الاستخفاف بالمسؤولية ما صدر عن بعض رؤساء الأندية خلال الجمع العام الأخير للجامعة، حينما تم تقديم ملتمس يقضي بإصدار عفو عام، ورفع العقوبة في حق رؤساء ومسؤولين، متهمين في قضايا بيع وشراء، وهي حالات لم يمر عليها إلا أسابيع معدودة.
إنه فعلا استخفاف بروح المسؤولية، يؤكد أن الأندية لم تعد قادرة على إفراز نخب مؤهلة للقيادة، بل لا تستحق أن تمنح الإشراف على تكوين وتأطير رجال الغد…
مع الأسف: “ما كاينش معامن”…

>محمد الروحلي

Related posts

Top