في يوم العمل المناخي العالمي وفي حدث أممي غابت عنه للأسف مدن فاس والدار البيضاء والرباط ومراكش، وغابت معها بصمة المجتمع المدني المغربي “الاحتفالي” في قضايا المناخ، والذي يشارك في كل قمة منذ سنوات بدون أي أثر يذكر، اللهم بصمتهم الكربونية القوية التي يخلفونها وراءهم!
فقد خرج يوم السبت 6 نونبر 2021 عشرات الآلاف من الناشطين المناخيين في شوراع غلاسكو في المدينة المضيفة لمؤتمر المناخ، وفي سيدني وباريس ولندن ومونتريال للمطالبة بعدالة مناخية وإعلان حالة الطوارئ المناخية، حيث تمت برمجة أكثر من مائتي مسيرة شبابية من أجل المناخ، وفقا لتحالف المنظمات التي تقف وراء التعبئة الرامية إلى اتخاذ إجراءات فورية لفائدة المجتمعات المتأثرة بالفعل بتغير المناخ لا سيما في أفقر بلدان الجنوب. بينما نظمت غريتا تونبرغ الجمعة الماضي واحدا من إضراباتها المدرسية الشهيرة للمناخ في شوارع غلاسكو، لتسليط الضوء على الشعوب الأصلية والمناطق الأكثر تضررا من تغير المناخ، مسيرة عالمية انتظرها بفارغ الصبر شباب غلاسكو الذين تركوا المدرسة للسير من أجل المناخ جنبا إلى جنب مع الناشطة المناخية غريتا ثونبرج حيث تركت الأيقونة العالمية وأشهر الشخصيات الغربية المعروفة في حركة “الجمعة من أجل المستقبل” مقدمة المسيرة، وابتعدت عن الأضواء رفقة ناشطات أخريات مثل الألمانية لويزا نويباور، بينما على رأس المسيرة برزت وجوه جديدة سعت الحركة إلى إبرازها في الأشهر الأخيرة مثل الناشطة الكينية إليزابيث واتوتي أو الناشطة الإكوادورية نينا غوالينغوا، هذه المرة لا يمكن إزالة أي شخص من الصورة حيث لن يتكرر سيناريو مسيرة يناير 2020 عندما قامت إحدى وكالات الأنباء بتقطيع صورة الناشطة الأوغندية فانيسا ناكاتي حيث كانت بصحبة نشطاء أوروبيين، ناشطة مناخية تعتبر رمزا لا يزال يتردد صداها في ذكريات المضربين الشباب. ومع ذلك، فإن بعض وكالات الأنباء كانت تتطلع فقط إلى غريتا تونبرغ وهي تتوسط مسيرة الشباب من أجل المناخ، وتؤكد الناشطة المناخية: “أريد العمل الآن وليس بعد عشر سنوات” حيث تناشد الشابة من أجل مزيد من العدالة في مكافحة تغير المناخ. إنها حاضرة وبقوة في قمة غلاسكو على عكس مجتمعنا المدني الذي يشارك في كل قمة وبدون أثر يذكر اللهم بصمتهم الكربونية التي تؤثر على كوكب الأرض، وتبلغ الأوغندية فانيسا ناكاتي 25 عاما وهي واحدة من أبرز الشخصيات بين الشباب الذين يحشدون في جميع أنحاء العالم للمطالبة باستجابات ملموسة من الحكومات لتغير المناخ، فقد أنشأت حركة الشباب من أجل المناخ بأوغندا لتشجيع الشباب على المشاركة في بلدها وفي القارة الأفريقية، وهي تشارك في مؤتمر غلاسكو للمناخ. بدأت فانيسا ناكاتي تحاول فهم سبب مواجهة المجتمعات للزيادة في الظواهر الجوية القاسية، مثل الفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية … وعواقبها، مما أدى إلى خسائر في الأرواح وتدمير مفاجئ للمنازل أو المزارع أو سبل العيش. لقد سمعت فانيسا عن تغير المناخ في فصل الجغرافيا في المدرسة الثانوية بالطبع، ولكن بشكل عام، لم يكن هناك شك في الآثار في بلد مثل أوغندا، ولم تكن تعرف حتى أن اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 موجودة وأن المفاوضات الدولية مستمرة. بينما ما اكتشفته جعلها ترغب في فعل شيء ما، وكان ذلك عندما أطلقت غريتا ثونبرج حركة “الجمعة من أجل المستقبل” والإضرابات الطلابية للمناخ، فقد رأت على الفور أنها أداة قوية لزيادة الوعي والمطالبة بالعدالة المناخية، تضيف فانيسا ناكاتي: ”نعم لأن هناك نقصا حقيقيا في المعلومات، ويلاحظ معظم الشباب أن بيئتهم تتغير لكنهم لا يربطون بالضرورة باستخدام الوقود الأحفوري، ويشتهر النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وهكذا يمكنك الوصول إلى المعرفة”، إن الخروج إلى الشوارع للإضراب كل يوم جمعة ليس سهلا كما يبدو، تؤكد فانيسا: ”كان علي أن أتعامل مع النقد، وأحيانا يكون مؤلما للغاية، لقد تم نعتي بشتى النعوت القبيحة. غالبا ما نجد الفتيات في المقدمة لجميع المسيرات المناخية، وأعتقد أنهن يدركن تماما التفاوتات التي يواجهنها في المجتمع، حيث يزيد تغير المناخ من أوجه عدم المساواة هذه لأن النساء يتأثرن بشكل غير متناسب، في المناطق القروية، وظيفتهن هي جلب الماء، وتوفير الوجبات … بينما عند وقوع كارثة طبيعية، فإن مصدر رزق الأسرة هو الذي يختفي أحيانا في غضون ساعات قليلة، ويتعين عليهن العمل بجهد أكبر، لإعطاء ما هو متوقع منهن، فقد تجبر الفتيات على ترك المدرسة لمساعدة أمهاتهن، أو لا تملك العائلات ما يكفي من المال لدفع مصاريف المدرسة لجميع أطفالها ويتمتع الأولاد بامتيازات”. وتضيف: ”إنه أمر صعب ولهذا السبب لن ترى أحداثا كبيرة هناك كما هو الحال في أوروبا، في بعض الأحيان يحرمون من الإذن بالإضراب، ويفشلون في جمع الأموال لتنظيم الاحتجاج، وهناك أيضا خوف من أن يتم القبض عليك من قبل الشرطة وخطر القمع، لكننا لسنا الوحيدين في العالم” …
وتفسر الناشطة المناخية: “القيمة التي نوليها للتعليم أيضا سبب عدم انتشار الإضراب في المدارس كما هو الحال في الدول الغربية.. لقد نشأنا على فكرة أن التعليم هو مفتاح مستقبلنا، ونعلم ما هي التضحيات التي يمثلها تعليمنا لوالدينا، لقد قررنا تجاوز ذلك من خلال تنظيم إضرابات في المدارس، هذه في الواقع أوقات نتحدث فيها بموافقة المدارس مع الطلاب حول تغير المناخ وما يجب فعله لاحتوائه”. وتؤكد على مشاركتها خلال مؤتمر غلاسكو: ”أريد أفعالا الآن، وليس في غضون عشر سنوات، وليس في عام 2050، وهذا يعني بشكل ملموس أنه يجب علينا التوقف عن تمويل استخراج الوقود الأحفوري، يجب أن يكون القادة صادقين وألا يلتزموا بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إذا كانوا لن يلتزموا بها، فلم يعد بإمكاننا الاستمرار في تدمير البيئة، كما يجب على الحكومات أن تكون جادة في مسألة التمويل، أريدهم أن يفهموا أنه بالنسبة لبعض السكان لم يعد من الممكن بالفعل التكيف مع عواقب تغير المناخ، نحن لا نتكيف مع انقراض الأنواع أو الثقافة، مع المجاعة … هذه الأضرار التي لا رجعة فيها يجب أن تؤدي إلى تعويض، إنها مسؤولية الدول الصناعية التي تقف وراء الاحتباس الحراري، تم تأكيد المبدأ في عام 1992 من قبل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ولكن من الناحية العملية لم يحدث شيء حتى الآن”. وتضيف:”يجب أن تسمح العدالة للجميع بتلبية احتياجاتهم الأساسية، يمكن أن يتعلق هذا بالحصول على الغذاء والماء والصحة … جميع المناطق التي عطلها تغير المناخ، إذا أردنا التعامل مع قضية المناخ بشكل عادل ويجب أن نتجاوز الحلول التكنولوجية، ليس فقط الحديث عن الطاقات المتجددة والسيارات الكهربائية … ولكن ضمان عدم زيادة تهميش السكان الأكثر ضعفا، ولا بد لي من الحفاظ على الأمل، هذه هي الطريقة الوحيدة للاستمرار في المضي قدما، هذا ما يجعلني أعتقد أن المستقبل الذي نريده ليس ضروريا فحسب بل ممكنا، فالشباب اليوم وفي جميع أنحاء العالم ينتفضون للمطالبة باتخاذ إجراء وأنا أعلم أنه إذا لم تكن لدي القوة في الغد لتنظيم إضراب، فإن هذا الشاب أو تلك الشابة ستفعل، أنا مجرد صوت واحد في حركة عالمية”.
التزامات ضعيفة واحتجاجات قوية للشباب
ذلك ما ميز الأسبوع الأول من مؤتمر الأطراف للمناخ في غلاسكو، قمة يغلب عليها طابع الانتقائية والمشاركة الحصرية التي يرجعها المنظمون إلى ارتفاع التكاليف وسوء الأحوال الجوية، فبعد ست سنوات من اتفاق باريس اجتمع 196 وفدا رسميا يوم الاثنين الماضي على ضفاف نهر كلايد للكشف عن التزاماتهم الجديدة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، قمة عرفت ميلاد عدة تحالفات هناك، حيث التزمت حوالي مائة دولة بحماية الغابات بحلول عام 2030. في الوقت نفسه ولدت عدة اتفاقيات بشأن الطاقة حيث تعهدت مائة دولة بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30٪ بحلول عام 2030. وتعهدت 190 دولة بالتخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030-2040، بينما ستتوقف 20 دولة وخمس منظمات عن تمويل الوقود الأحفوري في الخارج بحلول نهاية عام 2022 حيث لأول مرة نتكلم عن سيناريو 1.8 درجة مئوية حيث أدت هذه الالتزامات الجديدة فعليا إلى خفض درجات حرارة كوكب الأرض في أفق 2100 من 2.7 درجة مئوية إلى 1.8 درجة مئوية، هذا بشرط أن يتم الوفاء بالالتزامات حيث عودتنا الدول الأطراف غالبا ما تأخذ هذه الالتزامات بمحمل الجد، هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الصين عن رفع إنتاجيتها من الفحم الحجري إلى مليون طن يوميا.
سيمر أسبوعان من الاحتفالات وسيتخللهما يوم للطبيعة ويوم للشباب وآخر للتربية البيئية بمناسبة مرور 25 سنة من المفاوضات وبالطبع دون الخروج بنتائج ملموسة على أرض الواقع، اللهم القليل من الالتزامات التي توقع من الدول الأطراف في الاتفاقية الإطار للتغيرات المناخية. بينما مع انطلاق أشغال قمة المناخ غلاسكو في نسختها السادسة والعشرين، أطلق رؤساء الدول المشاركة تحذيرات شديدة اللهجة بخصوص تطرف ظاهرة تغير المناخ مؤكدين أن القمة تشكل الفرصة الأخيرة وقمة الأمل الأخير لإنقاذ العالم من هذه الظاهرة المدمرة التي ستغرق مدنا بأكملها بل وستحرق غابات بكاملها وستجفف مئات المناطق الرطبة عبر العالم. في مقابل ذلك وصل ممثلو ما يقرب من 80 دولة من أصل 200 دولة مشاركة في مدينة غلاسكو الاستكنلدية والذين سيجتمعون على مدار أسبوعين لخوض مفاوضات بشأن خفض الانبعاثات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى التغير المناخي، وصلوا إلى أن هذه الظاهرة جعلت الكوارث الطبيعية أكثر خطورة في السنوات الأخيرة، وخرجوا يوم الثلاثاء الماضي بالتزامين اثنين الأول يهم الخفض من انبعاثات غاز الميثان بنسبة ثلاثين في المائة في أفق 2030، بينما التزم ممثلو 100 دولة باستعادة النظم الايكولوجية الغابوية والمحافظة عليها، بما فيها غابات كندا، وغابات الأمازون، وغابات إفريقيا الاستوائية، الناشطة المناخية غريتا تونبرغ اعتبرت قمة المناخ غلاسكو مجرد احتفالية عالمية تقدم فيها الدول العظمى الأكثر تلويثا الكثير من الكلام المنمق والمغلف بالتزامات لن تنفذ لا عام 2030، ولا عام 2050. أكد بوريس جونسون رئيس بريطانيا على أن ساعة نهاية العالم تدق، فالمحركات والمضخات التي نضخ من خلالها الكربون في الهواء تتسبب في أضرار كبيرة للكوكب وزيادة درجات الحرارة في الأرض بسرعة كبيرة، رئيس الوزراء البريطاني أشار إلى أن: “استمعنا إلى العلماء وعلينا ألا نتجاهلهم، مع ارتفاع درجة الحرارة أكثر من درجتين مئويتين نخاطر بالإنتاج الغذائي والجراد سيجتاحنا، وإذا ارتفعت درجة الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية فقد تتزايد أعداد الأعاصير والفيضانات والجفاف وموجات الحر. بينما إذا ارتفعت درجات الحرارة بأكثر من أربع درجات مئوية قد تغيب مدن بأكملها مثل الإسكندرية وشنغهاي وميامي وغيرها من المدن التي ستضيع تحت أمواج البحر.
وإذا كان مستوى سطح البحر يرتفع فذلك بسبب الاحتباس الحراري. ولكن على عكس ما قد يعتقده الجميع بشكل حدسي فإن ذوبان الجليد ليس هو السبب الوحيد لارتفاع المياه بل يساهم التمدد الحراري أيضا بشكل كبير في هذا، حيث ترتفع مستويات سطح البحر بمعدل متوسط يبلغ 3.3 ملم سنويا، ووفقا لبعض الخبراء يمكن أن ترتفع عدة أمتار في المستقبل البعيد، فمن حين لآخر يمكن أن تتسبب الأحداث المناخية مثل النينيو والنينيا في ارتفاع أو انخفاض مستوى سطح البحر والمحيطات، بينما في الواقع، خلال فترات النينيو، تتركز الأمطار في المحيط الهادئ الاستوائي وتكون نادرة في القارات المجاورة، مما يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في مستوى المياه، وعلى العكس من ذلك، فإن ظاهرة النينيا، عندما تحدث تولد المزيد من الأمطار على الأرض أكثر من البحر، فمنذ عام 1993 أكدت بيانات الأقمار الصناعية أن مستوى سطح البحر يرتفع باطراد زيادة غير موزعة بالتساوي على هذا الكوكب وهكذا في بعض الأماكن مثل الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط يرتفع المستوى، بينما ينخفض على جانب البحر الأيوني. ويحذرنا بعض العلماء بخصوص مستويات البحر والمحيطات التي يمكن أن ترتفع من متر إلى ثلاثة أمتار بحلول عام 2100 بسبب الاحترار العالمي المستمر، إن ذوبان الأنهار الجليدية القارية والتوسع الحراري للمحيطات هما العاملان الرئيسيان في هذا الارتفاع.
الظاهرة الأولى والأكثر بديهية، هي إذا تسبب ارتفاع درجات الحرارة في ذوبان الجليد الموجود في القارات الخمس من الغطاء الجليدي القطبي في القطب الجنوبي وفي جبال الألب والأنهار الجليدية في الأنديز، فإن المياه المحتجزة في هذا الجليد سينتهي بها الأمر في المحيطات: زيادة حجم الماء سوف يتسبب ميكانيكيا في ارتفاع مستوى سطح البحر، هناك عدة أسباب يمكن أن تفسر ارتفاع مستوى سطح البحر، الأول هو ذوبان الأنهار الجليدية والأغطية القطبية القارية بسبب ارتفاع درجة الحرارة، والثاني، الأكثر نشاطا وفقا لتوقعات الخبراء إذا ذاب كل الجليد في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند سيرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 70 مترا من ناحية أخرى، فإن ذوبان الجليد والجبال الجليدية، التي تطفو على البحر لن يغير هذا المستوى بمقدار ذرة واحدة وفقا لمبدأ دفع أرخميدس، بينما لا يعتبر ذوبان الجليد العامل الوحيد في ارتفاع منسوب المياه، يلعب التمدد الحراري أيضا دورا مهما، في الواقع، تميل الجزيئات المعرضة للحرارة إلى التحريك والابتعاد عن بعضها البعض، وبالتالي، فإن الحجم الذي يشغلونه بأعداد متساوية يكون أكبر عندما ترتفع درجة الحرارة، فهذا ما يحدث للبحار التي ترتفع درجة حرارتها نتيجة الاحتباس الحراري. فإذا ارتفع مستوى المحيطات بحوالي خمسة عشر سنتيمترا خلال القرن الماضي، فإنه يرجع أكثر فأكثر إلى التمدد الحراري للمياه، هذا في الوقت نفسه ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 0.6 درجة مئوية، مما أدى إلى تمدد الطبقة المحيطية لأول ألف متر بمقدار 15.6 سنتميتر، مما سيهدد العديد من المدن الساحلية العالمية في مقدمتها المدن الساحلية المغربية، حيث يتوقع العلماء أن نفقد المنطقة الرطبة المردة الزرقاء بمولاي بوسلهام كمعيار لفقدان العديد من الأوساط الطبيعية وفي مقدمتها المناطق الرطبة.
التزام مغربي متعدد الأبعاد
التزام المغرب متعدد الأبعاد بقضايا المناخ، من خلال رفع طموح المساهمات المحددة وطنيا لتخفيض غازات الاحتباس الحراري بنسبة 45.5٪ بحلول عام 2030، وذلك ضمن استراتيجية متكاملة لتنمية منخفضة الكربون في أفق 2050، تهدف إلى الانتقال إلى اقتصاد أخضر ينسجم مع أهداف الاستدامة وتعزيز قدرة الصمود والتكيف وحماية البيئة التي يقوم عليها النموذج التنموي الجديد للمملكة، إن قضية التغيرات المناخية تعد من أهم القضايا البيئة في الوقت الحالي، نظرا لتأثيرها المباشر على مختلف المجالات الحيوية، حيث أصبحت مخاطر التغيرات المناخية واضحة و بادية للعيان، إن على المستوى العالمي، الوطني والجهوي، فمختلف القطاعات الاقتصادية والنظم الايكولوجية و كذا البنيات التحتية تعرف هشاشة تجاه التغيرات المناخية، و للحد من هذه الآفة، انخرط المغرب في المجهودات الدولية في إطار الاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة بشأن تغيير المناخ وكذا اتفاق باريس. وعلى المستوى الوطني، قام المغرب بعدة تدابير وإجراءات استراتيجية وعملية وفق مقاربة استباقية وتشاركية في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وذلك للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة ولتقوية مرونة وتأقلم مختلف القطاعات والمجالات تجاه التغيرات المناخية، في مقدمتها اشتغل المغرب على تقوية الحكامة في مجال تغير المناخ، وعلى إدماج بعد التغير المناخي في السياسات القطاعية والمخططات الجهوية، وترجمة مختلف التزامات المغرب الدولية إلى تدابير استراتيجية وعملية، وعلى تقوية قدرات مختلف الفاعلين الوطنيين والمحليين؛ وتطوير النظام المعلوماتي البيئي المتعلق بالتغيرات المناخية لرصد تقدم وآثار التدابير المتخذة؛ وعلى وضع آليات مالية للولوج للتمويلات الهادفة للتأقلم وتخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة؛ و تبادل الخبرات و تقوية الشراكة والتعاون الثلاثي، وعلى مأسسة وتفعيل اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية والتنوع البيولوجي، وعلى اقتراح قانون بشأن المناخ، وعلى تحيين المساهمة المحددة وطنيا في إطار تنفيذ مقتضيات اتفاق باريس حول المناخ، وعلى بلورة المخطط الوطني للمناخ 2020- 2030، وعلى بلورة المخطط الوطني الاستراتيجي للتكيف 2021-2030، وبا بلورة التقرير التركيبي للبلاغ الوطني الرابع حول التغيرات المناخية وإنجاز تسعة مخططات ترابية لمحاربة التغير المناخي :طنجة-تطوان، الجهة الشرقية، درعة تافيلالت، الدار البيضاء، بني ملال-خنيفرة، العيون الساقية الحمراء، كلميم واد نون، مراكش آسفي وجهة سوس ماسة، هذا بالاضافة الى إعداد خارطة طريق للاستراتيجية الوطنية للتنمية منخفضة الكربون في أفق 2050، وتعبئة الدعم التقني من أجل بلورة مخططات قطاعية ذات بصمة كربونية منخفضة في إطار تنزيل للاستراتيجية الوطنية لتنمية منخفضة الكربون في أفق 2050 مع إنجاز منصة رقمية لنظام المتابعة والإبلاغ والتحقق في إطار تنفيذ المساهمة المحددة وطنيا وتعبئة موارد مالية وتقنية عبر الصندوق الأخضر للمناخ لتقوية قدرات الفاعلين على المستوى الوطني والجهوي.
نحو قارة إفريقية متكيفة مع التغيرات المناخية
إن القارة الإفريقية تعاني بحدة من الآثار السلبية للتغيرات المناخية؛ والحال أن لا مسؤولية لها في هذه الوضعية غير المنصفة. ومع ذلك، فإن إفريقيا لا تحظى بالدعم والمؤازرة من لدن الشركاء والمانحين الدوليين، وفي إطار التزامها بدعم القضايا الإفريقية، تواصل المملكة المغربية مواكبة مسلسل تفعيل لجان المناخ الثلاثة، المنبثقة عن قمة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، المنعقدة على هامش الدورة 22 لمؤتمر المناخ، والتي تهم حوض الكونغو، ومنطقة الساحل والدول الجزرية، فعلى الصعيد الافريقي دائما ما تحظى مبادرات جلالة الملك في مجال تغيرات المناخية بالإشادة القوية من طرف رؤساء الدول والحكومات أعضاء لجنة المناخ الخاصة بمنطقة الساحل و كذا الانخراط الموصول والرؤية المتبصرة لجلالة الملك في مجال مكافحة الظواهر المتطرفة الناتجة عن التقلبات المناخية، والتي ترخي بثقلها على الساكنة الإفريقية، حيث ما فتئ القادة الأفارقة ينوهون على الخصوص بإرادة جلالة الملك الدفع بإحداث ثلاث لجان إقليمية خاصة بالمناخ في إفريقيا: لجنة الساحل ولجنة حوض الكونغو ولجنة الدول الجزرية خلال قمة العمل الإفريقية التي انعقدت بمبادرة من جلالته في نونبر 2016 بمراكش، هذا التنويه بالدور الريادي لجلالته ورؤيته من أجل إفريقيا “قوية وفاعلة ومتأقلمة”، وبجاهزية المغرب “الشريك المؤسس” في ما يتعلق بلجان المناخ الثلاث بإفريقيا “أن المغرب عمل دائما من أجل تعاون جنوب – جنوب طموح كفيل بضمان تنمية منسجمة ومستدامة لإفريقيا”. كما أشاد رؤساء الدول والحكومات بالالتزام الراسخ لجلالة الملك بتفعيل اللجان الثلاث الخاصة بالمناخ.
قمة العشرين.. مؤتمر الآمال المحبطة
حذرت قمة مجموعة العشرين في ختام أشغالها من ّأنه “في حال فشل مؤتمر غلاسغو سيفشل كل شيء”. وقال جونسون في روما حيث عقدت قمة الدول العشرين الأغنى في العالم “لقد أحرزنا تقدما لكنه ليس كافيا”، ولم تتجه دول مجموعة العشرين خالية الوفاض إلى قمة غلاسكو حول المناخ، إلا أن الالتزامات التي قطعتها الأحد في روما لم تقنع المنظمات المدافعة عن البيئة والأمم المتحدة. بينما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “أرحب بالتزام مجموعة العشرين المتجدد لإيجاد حلول على الصعيد العالمي لكنني أغادر روما بآمال محبطة حتى لو لم تدفن بعد”، وشأنه في ذلك شأن الكثير من قادة العالم، توجه إلى اسكتلندا للمشاركة في مؤتمر غلاسكو الذي يمتد على أسبوعين ويعتبر أساسيا لمستقبل البشرية، مؤتمر يحضر أشغاله أكثر من 120 من قادة الدول والحكومات من بينهم الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون والهندي ناريندرا مودي والأسترالي سكوت موريسون المدافع الكبير عن استخدام الفحم إذ إن بلاده هي المصدر الأكبر عالميا لكن يغيب فاعلون رئيسيون أيضا مثل الرئيس الصيني شي جينبينغ، حيث طرحت الصين التي تسجل أكبر كمية من انبعاثات غازات الدفيئة أهدافا جديدة لخفض الانبعاثات اعتبرها خبراء كثر غير طموحة، هذا في القوت نفسه يغيب كذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تعتبر بلاده من كبار الملوثين في العالم فضلا عن البرازيلي جايير بولسونارو المتهم بالسماح بقطع أشجار الأمازون بشكل كثيف، وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة “غرينبيس” جينيفر مورغن “إذا كانت قمة مجموعة العشرين تحضيرا لقمة غلاسكو، فإن قادة العالم أضاعوا الفرصة”. وأكدت انه: ”في غلاسكو حيث يستعد الكثير من الناشطين للتظاهر سنفرض اتخاذ التحركات الضرورية للحماية من الأزمة المناخية ومن كوفيد-19 على حد سواء”، في حين قالت نائبة رئيس منظمة “غلوبال سيتيزن” فريدريكه رودر “كل ما رأيناه في اجتماع مجموعة العشرين أنصاف إجراءات أكثر منه تدابير ملموسة”، بينما قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الذي ترأست بلاده مجموعة العشرين هذه السنة علينا أن نضع في اعتبارنا أن هذه مجرد بداية. ونتقدم خطوة خطوة” في مقابل ذلك أكد الرئيس الأميركي جو بايدن “حصول نتائج ملموسة” لكنه أعرب عن “خيبة أمل” لغياب الصين وروسيا عن القمة، المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل رأت أن اجتماع مجموعة العشرين يشكل “مؤشرا جيدا قبل غلاسكو”.
مؤتمر غلاسكو .. سيناريو الفشل
وكانت قرارات مجموعة العشرين مرتقبة جدا إذ أنها تضم الاقتصادات المتقدمة الرئيسية بما فيها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فضلا عن الدول الناشئة الكبيرة مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل والتي تمثل 80 بالمئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وقال ألوك شارما رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ في الافتتاح الأحد، إن المؤتمر هو “الأمل الأخير والأفضل” لحصر الاحترار المناخي بحدود 1.5 درجة مئوية، الهدف الأكثر طموحا لاتفاقية باريس، وأضاف أنه خلال وباء كوفيد-19 “لم يتوقف التغير المناخي، كل الأضواء حمراء على لوحة القيادة المناخية”. وأضاف أن قادة العالم يمكنهم “تحقيق النجاح أو دفن الأمل في الحفاظ على هدف زيادة سنوية بـ1.5درجة مئوية في متناول اليد”. وأكدت باتريسيا اسبينوزا مسؤولة البيئة في الأمم المتحدة: “تواجه البشرية خيارات صعبة لكنها واضحة”، ولا تزال العديد من البلدان، ولاسيما البدان النامية أو في طريق النمو تعتمد اعتمادا كبيرا على الفحم لإنتاج الكهرباء، خصوصا في سياق أزمة الطاقة العالمية الحالية، ولم يحدد كذلك تاريخ واضح لتحقيق الحياد الكربوني، وقد اكتفت مجموعة العشرين بذكر “منتصف القرن”، وذلك موعد أقل دقة من أفق 2050 الذي طالبت بتبنيه الرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين، وقد التزمت الصين حتى الآن ببلوغ الحياد الكربوني العام 2060 بينما أعلنت الهند ثالث أكبر ملوث على الصعيد العالمي إعلان الحياد الكربوني في أفق 2070، فيما سجلت خيبة أمل كبيرة بشان ملف ساخن آخر مطروح على طاولة المفاوضات، ويتعلق بالمساعدات إلى الدول الفقيرة على صعيد المناخ، فالتزام أغنى دول العالم توفير مئة مليار دولار سنويا اعتبارا من 2020 لن يتحقق قبل 2023 مع أن تداعيات الأزمة المناخية تتفاقم مع موجات جفاف وقيظ مميتة وحرائق ضخمة وفيضانات، وغالبا ما تقف الدول الفقيرة في الصفوف الأمامية في مواجهة هذه الكوارث، هذا في الوقت الذي أكدت فيه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الأحد أن السنوات السبع من 2015 إلى 2021 هي الأشد حرا على الإطلاق، معتبرة أن المناخ العالمي “دخل في المجهول”.
الحياد الكربوني ونهاية الفحم الحجري
الحياد الكربوني هو مصطلح جديد عمره نحو 3 سنوات، مرتبط بالتغير المناخي ويقصد به أن تكون الأنشطة التي تصدر انبعاثات، محايدة مناخيا أو محايدة لثاني أكسيد الكربون، أي لا تشكل هذه الانبعاثات ضغطا على المناخ، ويمكن تحقيق الحياد المناخي، إذا تم تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الحد الأدنى، وتعويض جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتبقية بتدابير حماية المناخ، وهذا يعني أنه يمكن لشركة في ألمانيا أو سويسرا على سبيل المثال، أن تصبح محايدة مناخيا، من خلال دعم مشاريع حماية المناخ الدولية، وبدأت العديد من العلامات التجارية العالمية، معتمدة من منظمة الحياد المناخي، التابعة لاتفاقية باريس للمناخ. ومنظمة الحياد المناخي، هي منظمة تأسست منذ ما يزيد قليلا عن عامين كطريقة لمساعدة العلامات التجارية على تحديد انبعاثات الكربون الخاصة بها والتخفيف من حدتها، وتصبح العلامات التجارية محايدة مناخيا، من خلال مرورها بعملية من ثلاث خطوات، الأولى قياس بصماتها الكربونية، على طول الطريق في سلسلة التوريد، وصولا إلى التسليم لعملائها”.
وفي خطوة ثانية، يتعين عليهم تعويض هذه البصمة تماما عن طريق شراء أرصدة الكربون، ومن ثم فإن الخطوة الثالثة هي التوقيع على الأهداف العالمية المتعلقة بالمناخ وذلك لتقليل الانبعاثات المستقبلية، حاليا تم اعتماد 230 علامة تجارية حول العالم، والمؤسسة في طريقها للحصول على ما يقرب من 400 علامة تجارية معتمدة بحلول نهاية عام 2021. ومن المتوقع أن تعوض هذه العلامات التجارية معا أكثر من مليون طن من الكربون بحلول نهاية هذا العام 2021؛ وهو ما يعادل كمية الانبعاثات من أكثر من 200 ألف سيارة على الطريق لمدة عام كامل، وتقوم الشركات بتنفيذ حياد الكربون عبر تعويض الانبعاثات من خلال مسألتين هامتين، الأولى عن طريق شراء أرصدة الكربون ويتم ضخ هذه السيولة في مشاريع صديقة للبيئة، أو تخفيف الانبعاثات للشركات أو الدول، وأمام صعوبة تخفيف الشركات لأنشطتها لغرض تخفيف كميات الانبعاثات، فإنها تقوم بشراء أرصدة الكربون، لتعويض بصماتها الكربونية.
سيناريو درجة ونصف الدرجة المئوية
كانت كل دول العالم قد حددت قبل ست سنوات تقريبا هدفا لخفض انبعاثاتها من الكربون، لكن إجمالي تعهداتها كان أقل بكثير مما هو ضروري للحيلولة دون ارتفاع حرارة الأرض بشكل خطير، ورغم أن اتفاقية باريس لعام 2015 تلزم الموقعين عليها بإبقاء مستوى الحرارة عند “أقل بكثير” من درجتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية مع تفضيل مستوى 1.5 درجة مئوية، إلا أن مستويات الكربون في الغلاف الجوي تتزايد منذ ذلك الحين، واتفاقية باريس، هي أول اتفاق عالمي بشأن المناخ، وجاءت عقب المفاوضات التي عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي في العاصمة الفرنسية عام 2015، ودخلت حيز التنفيذ رسميا في 4 نوفمبر 2016، وعن تأثيرات الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، أصدر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ تقريرا في أكتوبر 2018، وجد أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية يتطلب تغييرات سريعة وبعيدة المدى وغير مسبوقة في جميع جوانب المجتمع. ووجد التقرير أن الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ2 درجة مئوية يمكن أن يسير جنبا إلى جنب مع ضمان مجتمع أكثر استدامة وإنصافا، وذلك لردع التأثيرات السلبية، على سبيل المثال، بحلول عام 2100، سيكون ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي أقل بمقدار 10 سم مع الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية، وسيكون احتمال خلو المحيط المتجمد الشمالي من الجليد البحري في الصيف مرة واحدة كل قرن مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمرة واحدة على الأقل كل عقد عند درجتين مئويتين، وسوف تنخفض الشعاب المرجانية بنسبة 70-90 في المائة مع الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية، في حين أن جميعها ستفقد مع درجتين مئويتين، في حين يتطلب الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية تحولات “سريعة وبعيدة المدى” في الأرض والطاقة والصناعة والمباني والنقل والمدن، بحسب تقرير الفريق الحكومي. ويجب أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية التي يتسبب فيها الإنسان بنحو 45 في المائة من مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، لتصل إلى “الصفر الصافي” حوالي عام 2050، وهذا يعني أن أي انبعاثات متبقية يجب موازنتها عن طريق إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وتسبب التغير المناخي في حدوث أمطار غزيرة، في الأشهر الماضية، أدت إلى فيضانات مدمرة في عدة مناطق غرب أوروبا، وخاصة في غرب ألمانيا، مما أسفر عن عشرات الضحايا. وفي الوقت ذاته، تعاني أجزاء من الدول الاسكندنافية، أبرد منطقة في شمال أوروبا، من ارتفاع كبير في درجات الحرارة. وتسببت الحرائق في غرب الولايات المتحدة وكندا في وفاة العشرات بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والتهمت حرائق الغابات منازل في عدة قرى، ولقي 12 شخصا حتفهم بعد أن اجتاحت السيول مترو أنفاق في مدينة تشنغتشو بوسط الصين، فيما فاضت مياه سدود وأنهار من جراء الأمطار الغزيرة في أنحاء مقاطعة خنان الصينية.
مصداقية مخرجات قمة المناخ
على صعيد الالتزامات المناخية فاجأت الهند العالم بإعلانها لأول مرة هدفا لحياد الكربون لعام 2070 ورفع أهدافها لعام 2030، وقد خلق الإعلان ديناميكية إيجابية، حتى لو لم تكن هذه الالتزامات متوافقة بعد مع 1.5درجة مئوية، حيث نجح مؤتمر الأطراف في تقديم وعود جديدة بخفض الانبعاثات، لذلك قدمت 150 دولة تمثل 80٪ من الانبعاثات العالمية خططا مناخية جديدة إلى الأمم المتحدة ومعظمها أكثر طموحا من الخطط السابقة لعام 2015، وقد قامت أربع دول بذلك خلال مؤتمر الأطراف، بما في ذلك الأرجنتين ونيوزيلندا، حيث الى حود الآن حددت 82 دولة هدفا يتمثل في حياد الكربون بحلول منتصف القرن وبزيادة ثلاث عشرة دولة عن ما قبل مؤتمر الأطراف في مقدمتها نيجيريا. وتقول لولا فاليجو مديرة المناخ في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية: “لدينا للمرة الأولى التزامات ملموسة مثل الفحم أو الاستثمار في الوقود الأحفوري”، مشيرة إلى أن الشراكة التي أقيمت مع جنوب إفريقيا والتي ستحصل على 8.5 مليار دولار من بعض البلدان المتقدمة، لمساعدتها على التخلص من اعتمادها على الفحم سيكون لها تأثير حقيقي على المدى القصير وهي إشارة لإرسالها إلى جهات إصدار أخرى مثل إندونيسيا أو نيجيريا وفي مقابل ذلك أنتجت أستراليا 493 مليون طن من الفحم عام 2020 أي ما يعادل 6.5٪ من الإنتاج العالمي مما يجعلها رابع أكبر منتج للفحم الحجري بعد الصين والهند وإندونيسيا.
محمد بن عبو
خبير في المناخ والتنمية المستدامةرئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة