تتشكل البيئات بمعدل متسارع بفعل التغيرات المناخية، وتواجه العديد من أنواع الحيوانات أنظمة بيئية متغيرة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة والتغيرات السريعة في فصول السنة وتأثير التحلل الحمضي في المحيطات. كيف تؤثر التغيرات المناخية على أدمغة الحيوانات وسلوكها؟
التغيرات في المحيطات الحسية
صرح البروفيسور شون أو دونيل، أستاذ في جامعة دريكسل، لـ”ذا كونفيرسيشن” بأن التغيرات في درجات الحرارة تؤدي إلى تحول توازن الطاقة في الأنظمة البيئية – من النباتات التي تنتج الطاقة من أشعة الشمس إلى الحيوانات التي تستهلك النباتات والحيوانات الأخرى – مما يؤثر بشكلٍ لاحق على عوالم الحواس التي يختبرها الحيوانات. ومن المرجح أن يكون التغير المناخي تحديا لكل حواسها، من البصر والتذوق إلى الشم واللمس.
ووفقا لمجلة نشرتها الجمعية البيئية البريطانية، قام الباحثون بدراسة تجريبية لتأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري على فعالية الإشارات الكيميائية لسحلية الجبال. وأظهرت النتائج أن فعالية علامات الرائحة تكون أقل عند درجات الحرارة المرتفعة. علاوة على ذلك، أظهروا أن الركائز ذات الرائحة المميزة والتي تم الحفاظ عليها تحت درجات حرارة عالية لم يتم اختيارها من قبل الإناث. وتشير دراستهم إلى أن ارتفاع درجة حرارة المناخ يمكن أن يؤدي إلى تغيرات سلبية في فعالية الإشارات الجنسية، مع عواقب محتملة على الانتقاء الجنسي والحفاظ على أنواع السحالي المهددة بالانقراض.
التغيرات المعرفية والدماغية
وصرح شون أو دونيل لـ”ذا كونفيرسيشن” بأن ارتفاع درجات الحرارة قد يتسبب بالتداخل المحتمل في نمو وعمل أدمغة الحيوانات، مما قد يكون له تأثير سلبي على قدرتها على التكيف بنجاح مع البيئات الجديدة.
وأجرى جوشوا ج. أميل وفريقه من الباحثين من جامعة سيدني بحثا حول تأثيرات درجة حرارة الحضانة على تطور الدماغ الأمامي القشري في السحلية. ووجدوا أن الحيوانات التي تضع البيض تعرض أجنتها لمجموعة من أنظمة درجات الحرارة، والتي يمكن أن تؤثر على شكل وأداء الفقس، بالإضافة إلى وظيفته الإدراكية. وأظهرت أبحاثهم أن التغيرات المناخية العالمية، الناجمة عن الأنشطة البشرية، قد تعدل بشكل مباشر بنية الدماغ في الزواحف.
ووفقا لورقة بحث نشرت في مجلة تغيرات البيئة العالمية (Global Change Biology)، أشار الباحثون إلى أن مستويات ثاني أكسيد الكربون المتوقعة في المستقبل تؤثر على سلوك تتبع الرائحة للقرش (Mustelus canis). كما يمكن أن يتأثر تغذية القروش بتغيرات في كيمياء مياه البحر المتوقعة نهاية هذا القرن.
اضطرابات في السلوك
وقامت باميلا غونزاليس-ديل-بليغو وغيرها من الباحثين من جامعة شيفيلد بقياس الحساسية الحرارية (الحد الحراري الحرج – CTmax) ل 14 نوعا من ضفادع بريستيمانتيس تعيش في الأنديز الكولومبية في مناطق ثانوية شابة وقديمة.
وأشاروا إلى أن تأثيرات استخدام الأراضي وتغير المناخ ستستمر في تسبب صعوبات كبيرة لبقاء الأنواع الاستوائية. في الواقع، قد تزيد التأثيرات الغير مباشرة من ضعف مقاومة الأنواع لتغير المناخ وتسبب انخفاضًا في العدد السكاني قبل أن تتجاوز درجات الحرارة في البيئة الصغيرة حدود الحرارة الحرجة لديها.
وأجرى شين كيه مالوني من كلية الطب في جامعة فيتفاترسراند وغيره من الباحثين استطلاعا حول أنماط النشاط اليومي لسكان مجموعة من إناث جاموس الويلدبيست الأسود الذين يعيشون في بيئة بدون ظل. واكتشفوا أن الويلدبيست يتغذون بشكل رئيسي في الليل، حيث زادت نسبة التغذية في الليل عندما كانت الظروف البيئية أكثر حرارة. وكانت فترات الخمول تقضى في الغالب بالاستلقاء في الطقس الأبرد والوقوف عندما يصبح النهار أكثر حرارة. يمكن أن تكون هذه الاستجابات السلوكية لها تأثيرات كبيرة على المحفزات البيئية التي سيتعرض لها الحيوان.