لهذا السبب لا نفوز بالجائزة الكبرى للمهرجانات السينمائية العالمية

اختتمت نهاية الأسبوع المنصرم الدورة الرابعة والسبعين من المهرجان السينمائي العالمي المسمى كان، وكما كان منتظرا فإن المغرب الذي يشارك في مسابقته الرسمية لأول مرة، خرج منه خاوي الوفاض، باستثناء شهادة تقديرية على الهامش.
لقد ملأ الصفحات الأولى للمنابر الإعلامية خبر مشاركة المغرب لأول مرة في المسابقة الرسمية لتظاهرة عالمية من قبيل الكان، ممثلا في الشريط السينمائي “علي صوتك” للمخرج نبيل عيوش. ترددت كثيرا عبارة: “سابقة في تاريخ السينما المغربية”، وارتسمت الدهشة على محيى كل من تناهى إليه الخبر الآنف الذكر، وهناك من كان مفرطا في تفاؤله وعبر عن أمله في أن يصعد الفيلم المغربي إلى البوديوم.
ومن حقه أن يحلم إلى هذه الدرجة بعد أن كان سقف حلمه أن يتم قبول إنتاجنا السينمائي للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان سينمائي من قبيل مهرجان كان، بالنظر إلى السنوات التي راكمتها التجربة السينمائية ببلادنا منذ فيلم وشمة في الستينيات من القرن العشرين إلى يوم الناس هذا، فضلا عن تعدد مدارس التكوين السينمائي التي بات بلدنا يزخر بها، بعد أن كان الراغب في دراسة تقنيات السينما يضطر إلى الهجرة إلى الخارج: مصطفى الدرقاوي في بولونيا، محمد الركاب في فرنسا، فريدة بورقية في روسيا.. إلى آخره.
كما لا نغفل عن الدعم الذي ما فتئت تقوم به الوزارة الوصية للحفاظ على استمرارية وجود هذا الفن، سواء في ما يتعلق بتمويل الإنتاج في حد ذاته، أو بتنظيم المهرجانات، منها ما يحمل طابعا دوليا: المهرجان السينمائي الدولي بمراكش، المهرجان الوطني بطنجة.. إلى غير ذلك من التظاهرات.
اللافت للانتباه أنه حتى التظاهرات الدولية التي تقام بين ظهرانينا لم يحدث أن فزنا بجوائزها، المهم هو المشاركة، ذلك كان مبدأنا الذي لا نحيد عنه، سواء هنا أو هناك.
لكن لماذا لا يفوز منتوجنا السينمائي في التظاهرات السينمائية العالمية؟ لماذا يظل أقصى طموحنا هو المشاركة في مسابقاتها الرسمية؟ وحين يحصل ذلك نظل نطبل له، كما حصل أخيرا مع فيلم نبيل عيوش. ما هذه الحالة المرضية من التواضع؟ متى سترفع السينما المغربية رأسها وتقول بصوت عال كما في شريط “علي صوتك” المشار إليه آنفا: “أنا حاضرة ولي القدرة على التنافس على الجوائز الكبرى للمهرجانات العالمية”.
لكن ذلك لم يتحقق لحد اليوم، وله أسبابه بطبيعة الحال. علينا أن نعرف الظروف التي يخرج في ظلها منتوجنا السينمائي إلى الوجود. إنها عادة ما يشوبها الخلل من عدة نواح. لنأخذ على سبيل المثال السيناريو: إن المخرجين المغاربة غالبا ما يقومون هم أنفسهم بإعداد سيناريو أفلامهم، وحتى عندما يشركون معهم مؤلفا ما، فإنهم يفرضون سيطرتهم على التوجه العام لمضمون السيناريو، لا بل يتدخلون حتى في تفاصيله الدقيقة. في حين أن كتابة السيناريو عمل إبداعي قائم بذاته، حيث لا يمكن أن ينجح فيلم كيفما كان نوعه إذا كان السيناريو ضعيفا، في حين يمكن للفيلم ذي السيناريو القوي أن ينجح حتى وإن كانت عناصره التقنية متواضعة.
لا يمكن لمنتوجنا السينمائي أن يفوز بالجوائز الكبرى في التظاهرات العالمية، بينما منفذ الإنتاج يفكر في توفير مال الدعم لتسمين رصيده البنكي.
أغلب الإنتاجات السينمائية المغربية لا يتم صنعها بالميزانية الحقيقية التي رصدت لها. وقبل هذا وذاك لم نتمكن حتى اليوم من تحقيق صناعة سينمائية حقيقية.
لهذا السبب لا ينبغى أن نستغرب لعدم فوز أي فيلم سينمائي مغربي بأي جائزة عالمية على مر التاريخ.

< عبد العالي بركات

Related posts

Top