ليستمر النقاش العمومي

يعتبر النقاش الجاري هذه الأيام وسط القيادات الحزبية وعلى أعمدة الصحف حول الأجندة الزمنية للانتخابات المقبلة إيجابيا وطبيعيا، اعتبارا لكون الخطوة الدستورية الهامة التي قام بها المغرب يوم فاتح يوليوز، تمثل بداية مسلسل من الإصلاحات الشاملة التي من شأنها الانتقال ببلادنا إلى مرحلة تاريخية جديدة ومغايرة، ولذلك فإن تنظيم انتخابات تشريعية نزيهة وشفافة وإنجاحها، من شأن ذلك تعزيز مصداقية المسار برمته، وتكريس التميز المغربي.
لكن في نفس الوقت، فإن إنجاح استحقاقات انتخابية بمثل هذا الرهان يتطلب بلورة توافقات واسعة وسط الفضاء الحزبي الوطني، حول المقتضيات القانونية والتنظيمية ذات الصلة، وبعد ذلك لن يكون للموعد الزمني أية أهمية استثنائية، حيث أن شروط الجاهزية وإكراهات الزمن ستسري حينها على كافة المتنافسين.
إن دستور 2011 بكل ما تضمنه من مكاسب ومستجدات، يقتضي انتخابات ذات جودة عالية من حيث النصوص والأهداف والتدبير والنزاهة والشفافية، ولهذا فإن الأهم اليوم هو مناقشة مضمون الإصلاح وأهداف المحطة القادمة، وليس التيه في الحديث العقيم عن التواريخ، وفي تسريب تنجيمات على شكل استطلاعات متوهمة.
لقد سجلنا سابقا المجهود الإيجابي الذي بذله الإعلام العمومي، خصوصا السمعي البصري، وأيضا الصحافة المكتوبة خلال الحملة الاستفتائية الأخيرة، وكثافة النقاش السياسي الذي تبلور بالمناسبة، ودعونا حينها إلى ضرورة مواصلة هذه الدينامية بكل المهنية والتعددية المطلوبتين، وهو ما يعتبر اليوم أساسيا حول الانتخابات المقبلة وحول شروط إنجاحها وحول أهمية الإصلاحات السياسية والانتخابية المطلوبة…
إن من شأن انكباب إعلامنا العمومي على مثل هذه المناقشات، من دون إكراه الباريم الزمني، وضمن البرمجة العامة لمؤسساته، أن يؤمن مواصلة ارتباط الجمهور بالنقاش السياسي العام، وإعطاء الدليل بأن المسار الإصلاحي في المغرب مستمر ولم يتوقف مع إعلان نتائج الاستفتاء الدستوري، وبالتالي تفادي تكريس حالة الإحباط وسط شعبنا وشبابنا.
لقد نجحت السلطات الإدارية بمناسبة الاستفتاء الأخير في انفتاحها على الإعلام الوطني، خصوصا المكتوب منه، وشاهدنا كيف أن غالبية الصحف ساهمت في إنجاح اللحظة التاريخية، ومن شأن مواصلة هذه العلاقة اليوم وتطويرها أن يجعل الإعلام فاعلا رئيسيا في تمتين مسارنا الديمقراطي وحماية مكتسبات شعبنا، ولهذا فإن من شأن تقوية النقاش العمومي عبر وسائل الإعلام ومن خلال أنشطة الأحزاب ومنظماتها الشبابية تعزيز مسلسل المشاورات بين الأحزاب ووزارة الداخلية حول الانتخابات المقبلة، ومنع حدوث الفراغ لدى المواطنين والحيلولة دون أن يسود الإحباط واليأس، وبالتالي المساهمة في توفير شروط إنجاح المشاورات نفسها ومتابعة مواقف كل المتدخلين فيها.

[email protected]

Top