ماذا يجري ؟

هل  انطلقت التسخينات للانتخابات المقبلة؟ وهل بدأت هذه التسخينات تكتسي طابع السعار لدى بعض الأطراف السياسية؟ السؤالان لا يرتبطان بالاستعدادات الطبيعية المفترضة في كل حزب سياسي عند اقتراب المواعيد الانتخابية، ولا يرتبطان أيضا بقرب انطلاق المشاورات بشأن تعديل القوانين ذات الصلة، إنما السؤالان ينطلقان من بعض التحركات الفجائية داخل مجالس بعض الجماعات المحلية، وقيام جهة سياسية معروفة بإعادة ترتيب أغلبيات، رغم أن بعضها كان من صنع الجهة نفسها، بالإضافة إلى ممارسة ضغوط مختلفة على منتخبين بغاية تغيير انتماءاتهم الحزبية وتحالفاتهم، وكأن «حياحة» الكيان الحزبي الجديد يسعون إلى جعل المغرب بعد 2012 بلون واحد، وبفكر واحد وحيد، وكل المنتخبين يخرجون من فرن واحد، ليتلقى المغاربة في الأخير وجبة حزبية واحدة لها تفرد الزمان والقدرة على …تمييع السياسة.
إن الاستغراب مما يجري في سلا، لا يعني رفض محاربة الفساد، بل يعني القناعة بأن الرعونة لم تصنع يوما سلوكا سياسيا رزينا، ولا أنتجت حداثة أو إصلاحا.
الكل في سلا يحكي قصص الضغوط، وكل الأنوف السليمة تشم رائحة تصفية الحساب وتبادل الانتقامات…، والجميع يتساءل: إلى أين سينتهي كل هذا؟ ولماذا فقط الآن وهنا؟
صورة أخرى تكتسي ذات الغرابة، وتتعلق بواقع مجلس مدينة الدار البيضاء، حيث المنتخبون لا يستطيعون حتى الحديث بينهم بهدوء، وهم أصلا غائبون عن كل قضايا المدينة وأهلها، ومع ذلك فالملفات راكدة وروائحها أزكمت الأنوف، والكل يعرف من صنع أول الأمر الأغلبية الحالية ومن يحاول اليوم الإطاحة بها، هل هناك أردأ من هذا العبث؟
هل نضيف كذلك ما يجري في مراكش وفي محيط أغلبيتها؟ وما يطبخ لمجلس الرباط؟ وهل نزيد ونستعرض عبثيات أخرى تشهدها جماعات قروية وحضرية في جهات مختلفة من المملكة؟
الجماعات المحلية تحتاج لإصلاحات حقيقية وهيكلية، هذا صحيح.
الجماعات المحلية تحتاج إلى محاربة الفساد والمفسدين بداخلها وفي محيطها، هذا صحيح أيضا.
لكن عندما نقيم خيمة وندخل إليها جماعة من المفسدين في مرتبة الأباطرة، ونخير الباقين بين معانقة الترحال أو فبركة ملفات في المحاكم، وكل ذلك على بعد عام واحد من الانتخابات، ونغلف كامل الحكاية بشعارات حق أريد به باطل، فالنتيجة لن تكون في النهاية إلا مزيدا من تكريس العبث، إن لم تسر الأمور نحو مآلات أخرى.
ما يجري، يحيل على سيناريو تعده بعض العقول الصغيرة جدا وتطبقه رغما عن الكل، وعندما يشتد بها السعار ترفع من إيقاع العسف و…الجنون، ومع ذلك فهي تعطينا الدليل أنها في المأزق.
السياسة تتطلب رجاحة عقل من لدن ممارسيها.

Top