شهدت الأيام القليلة الأخيرة تركيزا لافتا للانتباه من لدن وسائل إعلام جزائرية تجاه الوحدة الترابية للمغرب، واستهدافا مرضيا جديدا لحقوقه الوطنية المشروعة.
تجلى هذا التركيز الإعلامي الجزائري الجديد من خلال تخصيص برنامج حواري على القناة التلفزيونية الثانية لما أسموه “القضية الصحراوية والمناورات الإقليمية والدولية”، وذلك بالتزامن مع الاستهداف نفسه من طرف القناة التلفزيونية الثالثة، وإثارة ذات الموضوع بتلوينة تناورية شبيهة، ثم تخصيص مجلة الجيش أيضا صفحات عديدة للهجوم على المملكة بأقلام عناصر عسكرية معروفة…
هذه الحملة الإعلامية الممنهجة من طرف ماكينة البروباغاندا التابعة للنظام العسكري الجزائري ليست مفاجئة أو غريبة، وعلى كل حال لم تغير شيئا في طرق عملها، وحتى في المعجم اللغوي المستعمل منذ سنوات.
وفضلا عن المغالطات التي بثت على القناتين التلفزيونيتين، واجترار الأوهام من طرف الضيفين الدائمين الممثلين للجبهة المعلومة التي يلفها اليوم الاحتضار، فإن بعض ما كتبته مجلة الجيش مثلا يعتبر تهديدا حقيقيا للسلم والأمن في المنطقة كلها، ويكشف أن النظام العسكري أصيب بالدوخة، ولم يعد يعرف كيف ينقذ نفسه ويخرج من عنق الزجاجة.
واضح أن النظام الجزائري لم ينجح في إيجاد وسيلة أخرى غير عدائه المرضي التاريخي للمغرب، كي يحرف عبرها اتجاهات الاهتمام لدى الجزائريين، ومن ثم يعود كل مرة إلى ذات الأسطوانة المكرورة، ولا يغير حتى الأبواق المسخرة لترديد خطاباته العقيمة، والتي لم تعد تنطلي على أي جزائري.
حتى توزيع الشتائم وترويج المغالطات في حق المغرب، يمارسه عسكر الجزائر بغباء كبير.
يردد الرئيس الجزائري هذه الأيام أن الشعب الجزائري يحب أشقاءه المغاربة، وهؤلاء يحبون الشعب الجزائري، ويضيف أن البلدان ليست لهما مشاكل ثنائية.
نعم، فخامة الرئيس، وأنت سيد العارفين، الشعبان المغربي والجزائري ليس فقط يحبان بعضهما، بل هما شعب واحد، ولديهما الكثير من الصلات والوشائج المشتركة، والذي لا يحبهما معا هو من يرفض تيسير التواصل بينهما، والسعي لوحدتهما وتمتين اللقاء بينهما.
وفي المقابل، ليس صحيحا البتة، السيد الرئيس، أن المشاكل لا توجد بين البلدين، وما تهجمات قنواتكم التلفزيونية ومجلة جيشكم الآن سوى دليل آخر على خطأ تصريحكم، ودليل أيضا على أن المشكلة الأساس توجد في العداء المعشش في دماغكم للمملكة الجارة، وإصرار رموز نظامكم العسكري على إطالة عمر هذا العداء، وذلك ضدا على رغبة شعبكم الطيب.
إن الهيستيريا الإعلامية الفجة التي تصيب كل مرة الإعلام الرسمي الجزائري، لن تستطيع إخفاء تحديات ومصاعب الواقع الداخلي، أو تحريف نظر المتظاهرين في الشوارع، وطال الزمن أم قصر، يجب أن يتفاعل النظام العسكري الجزائري مع مطالب شعبه والانتظارات الداخلية المعبر عنها يوميا، ولن ينفعه في شيء تعليق خطاياه وفشله على العداء للمغرب ووحدته الترابية.
ولهذا، لا يبالي المغرب كثيرا بما تشنه عليه كل مرة وسائل الإعلام الجزائرية من هجومات وحملات عداء، ولا يرد عليها، لاقتناعه أنها تصرفات تصدر عمن تعوزه الحجة والدليل المقنع، ولا يجد في حوزته سوى السب والتغليط، ونشر التفاهات.
في ظرفية صحية ومجتمعية قاسية كالتي يحياها العالم كله هذه الأيام، وضمنه البلدان المغاربية، جراء انتشار فيروس”كوفيد-19″وتداعياته الخطيرة، يستغرب المراقبون لهذا النظام العسكري المتكلس والشارد، كيف يجد الوقت والمزاج لشن الهجوم على بلد جار، وذلك بدل التفكير في التعاون الإقليمي والقاري والدولي لمواجهة تحديات الوباء ومخاطره، والتنسيق لحماية صحة الشعوب.
هذا دليل آخر على أن المغرب ابتلي فعلا بقدر الجغرافيا، التي جعلت في جواره هذا النظام العسكري الغارق في الماضوية، والذي يصر على تكبيل نفسه وعقله بعقد تاريخية وحسابات عقيمة لا يريد الانفكاك منها أو رؤية عالم اليوم كما هو، والتعاطي مع رهاناته المختلفة تماما عن زمن الحرب الباردة.
ندعو له بعاجل الشفاء والتعافي، ونتمنى كل الخير لأهلنا الطيبين في الجزائر.
أما المغرب فهو واقف يرد على كل هذه الصبيانية المجنونة بالسخرية والازدراء، ولا يوليها أي أهمية، ويواصل مسار البناء.
<محتات الرقاص