ما الفائدة إذن من “الفار”؟

لم تختلف بداية هذا الموسم الكروي، عن سابقه، ولم تتحسن الأمور على مستوى قطاع التحكيم، ولازالت هناك أخطاء فادحة ترتكب بواضحة النهار…

  يحدث هذا، بالرغم من التغييرات التي شهدها القطاع، وبالرغم من التصريحات المطمئنة الصادرة عن مسؤولين جدد، لديهم خبرة كبيرة، وباع طويل كحكام دوليين مارسوا على أعلى مستوى…

والغريب أننا نقف على نفس اللغط، ونفس الاحتجاجات، وأيضا نفس صياغة البلاغات المنددة الصادرة عن أندية، تعتبر نفسها متضررة، أكثر من غيرها…

فبالرغم من أن بطولة الموسم الجديد، لازالت في بدايتها، ولم تصل بعد لمراحل حاسمة، إلا أن اللغط حول مشاكل التحكيم لم يتأخر في الظهور، حيث اندلعت مبكرا الاحتجاجات ولغة التأويلات، كما كثرت التفسيرات والتفسيرات المضادة، وطغيان الأحكام المسبقة على أكثر من صعيد، وأكثر من مستوى…

بالفعل هناك استثمارات مهمة، عرفها هذا القطاع الحيوي، وهناك إمكانيات متاحة، كما أن هناك تغييرا مهما طرأ على الهياكل المشرفة، سواء أكانت لجنة أو مديرية، إلا أن الواقع لم يعرف طريقه نحو التغيير الإيجابي…

والغريب أن تقنية “الفار” جاءت لمساعدة حكام الساحة، والتقليل من هامش الأخطاء، إلا أن العكس هو الحاصل تماما، فعوض أن تكون تقنية الفيديو جزء من الحل، تحولت إلى مشكل أساسي، زاد من درجة الاحتقان، والتشدد في ردود الفعل الغاضبة…

فهناك أخطاء، كان من الممكن معالجتها في حينها، لو تحمل كل طرف مسؤوليته الكاملة، ونعني بذلك أساسا غرفة “الفار”، التقنية المفروض أن تلعب الدور الذي خلقت من أجله، وتشكيل السند الأساسي لطاقم التحكيم داخل الملعب…

هناك العديد من الحالات، يمكن إصدار حكم بشأنها وبسرعة، حتى بالعين المجردة، ودون الرجوع أصلا  لتقنية الفيديو، ورغم ذلك يتكرر ارتكاب أخطاء فادحة، وخاصة على مستوى الإعلان عن ضربات الجزاء، كما حدث خلال مباراة المغرب الفاسي ضد الدفاع الحسني الجديدي، ومباراة الرجاء البيضاوي ضد الجيش الملكي، وغيرهما كثير…

وما يطرح أكثر من علامة استفهام، أن الحالتين معا، وغيرها كثير، تسجل في الغالب في الدقائق الأخيرة، إلى درجة أصبحت هناك لازمة تتردد داخل الأوساط الكروية:

“ففي حالة كان هناك استعصاء أمام فريقك، وعدم التمكن من التسجيل، وجه الأمر لأحد اللاعبين المجربين، لكي يتظاهر بالسقوط، داخل مربع عليات الخصم، أو حتى تعمد الاصطدام بأحد المدافعين، ليعلن الحكم مباشرة عن ضربة جزاء، غير مستحقة تماما، والأكثر من ذلك بتزكية من لعبة “الفار”…”.

المؤكد أن تقنية الفيديو، وجدت لضمان نوع من التكافؤ والإنصاف بين الفرق، والتقليل من حدوث أخطاء سواء كانت عفوية أو متعمدة، كما أن اعتمادها من شأنه إشاعة نوع من الثقة داخل الوسط، وخاصة الجمهور الرياضي، ووضع حد لثقافة الشك، أصبحت سائدة وبقوة داخل المشهد الكروي على الصعيد الوطني.

أخطاء فادحة، لا يمكن أن تقع حتى بالعين المجردة، خاصة وأن طاقما متكاملا يشرف على هذه العملية، بالإضافة إلى طاقم التحكيم الثلاثي، فهناك غرفة “الفار” وهناك الفيديو المساعد، ووجود إمكانية كافية للتأكد من اللقطة، ورغم ذلك ترتكب أخطاء غير مقبولة، وأحيانا تثير الكثير من الشكوك.

والسؤال الذي يتكرر في كل مناسبة، من المسؤول؟ وكيف يمكن التقليل من حدوث الأخطاء؟ وهل هناك بالفعل تعمد أو توجه اتجاه فرق معينة على حساب أخرى؟.

وبالرغم من كل هذا لابد أن نلغي من تفكيرنا أن هناك تعمدا، أو رغبة أو سوء نية لترجيح كفة فرق معينة، أو استمالة بعض الحكام، وهذا مبدأ لا نقاش فيه، وإلا سندخل ضمن متاهات لا يمكن الخروج منها، لأن أي اتهام مماثل يتطلب حججا ودلائل دامغة، تمكن من اللجوء للقضاء….

محمد الروحلي

Top