ما بعد كوفيد 19 انتعاش الاقتصاد الوطني رهين بوضع أسس صناعة وطنية قوية

أكد متدخلون في ندوة نظمت، الثلاثاء بالرباط، على أن انتعاش الاقتصاد الوطني في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد19 رهين بوضع أسس صناعة وطنية قوية قائمة على تثمين دور القدرات الشابة وتشجيعها على الابتكار.
وأوضح المشاركون في هذه الندوة، المنظمة بمناسبة المنتدى الواحد والعشرين لجمعية طلبة المدرسة العليا للمعادن، أن المغرب عرف، كباقي دول العالم، أزمة صحية ناتجة عن انتشار كوفيد 19 عصفت بأركان الاقتصاد العالمي ولا زالت تداعياتها تهدد استقرار الدول والمجتمعات لسنوات، مبرزين أن تجاوز هذه التداعيات يتطلب تثمين الموارد البشرية الشابة وتشجيعها على الابتكار والتصنيع، وخلق تكوينات أكاديمية جديدة متنوعة.
وفي هذا الصدد، أكد الكاتب العام لوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، محمد غزالي، أن هذه الجائحة لم تكن فقط “محنة”، بل شكلت أيضا فرصة لتفريغ الطاقات المغربية، واكتشاف مهارات شابة ولجت مجال الاختراع والابتكار والتطوير الصناعي وأبدعت فيه، مشيرا إلى أن مواكبة هذه الطاقات تعكس الإرادة القوية للفاعلين السياسيين وصناع القرار الرامية إلى الرفع من مستوى الإنتاجية والتصنيع بالمملكة.
وأضاف غزالي، في كلمة بالمناسبة، أن العمل على تقوية اللقاء وأواصر التواصل بين “الشاب مشروع المهندس” والفاعلين في المجال الصناعي كفيل بإعطاء دفعة قوية لإقلاع اقتصادي رائد، خصوصا في مجال الصناعة، مثمنا التجربة التصنيعية التي عرفها المغرب خلال أزمة كوفيد 19 التي تعكس همة وقوة عالية، لا سيما في مجال الصناعات والإنتاجية والغذائية.
واعتبر المتحدث أن تقدم البلاد رهين بالتطور الصناعي، وهذا الأخير يظل رهينا بتحرير الطاقات الشبابية وتشجيعها على الإنتاج والعمل على تطوير الابتكارات الموجودة لجعلها أكثر إنتاجية، مع ضرورة التركيز على اعتماد محور استراتيجي في جميع القطاعات لما يكتسيه من أهمية بالغة في تجميع القدرات.
من جهته، أبرز مدير المدرسة الوطنية العليا للمعادن، مصطفى الودغيري، أن جائحة كوفيد 19 ستحدث تغيرا جذريا في طرق إنتاج الثروة وستجبر الثورة الصناعية الرقمية الجديدة مجموع العاملين والمهندسين وصناع القرار على التأقلم السريع مع هذه المستجدات.
وأشار إلى أن البنية التحتية المغربية الحديثة في الاقتصاد العالمي تتيح إمكانية تقليص المسافات بين مراكز الإنتاج والتسويق، فعوض الاعتماد على آسيا، تتجه أنظار أوروبا إلى دول تتوفر على بنيات تحتية صلبة وتجاور أوروبا، مبرزا أن المغرب مؤهل للعب دور أساسي في هذا الاتجاه.
ودعا الودغيري المقاولات الوطنية إلى الاستعداد لخوض غمار هذه الظرفية الاقتصادية بتعبئة طاقاتها الحية من تقنيين ومهندسين وتهييئ الأطر الكفيلة بمواكبة هذه النقلة في طرق العمل.
من جانبه، أكد المدير العام لمكتب “كامبريدج للاستشارات المالية بإفريقيا والشرق الأوسط”، محمد فيزازي، أن إنعاش الاقتصاد المغربي في مرحلة ما بعد الجائحة رهين أيضا بضرورة اعتماد منظور استراتيجي بعيد المدى يمتد على مدى 30 إلى 50 سنة غير مرتبط بالحكومات كما هو الشأن في العديد من الدول المتقدمة، والاستفادة من التكامل الاقتصادي الذي توفره القارة الإفريقية لبناء اقتصاد وطني.
كما يتعين الاعتماد، وفق المتحدث، على كل ما هو مغربي محض وتأسيس بيئة اقتصادية قائمة على أسس مغربية كالثروة البحرية والفلاحة وتقديم التكوين للعامل البشري الذي أصبح عاملا مهما في الاقتصادات العالمية، مشيرا إلى أن المغرب خصوصا، والقارة الإفريقية عموما، يتوفران على موارد وثروات بشرية يجب استغلالها والنهوض بها من خلال تطوير المهارات الجديدة، وكذا ربط النظام الاقتصادي بمجال التكنولوجيات الحديثة والتطور الرقمي الذي يشهده العالم.
يذكر أن هذه الندوة عرفت توقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين المدرسة الوطنية العليا للمعادن والمرصد الوطني للبحث العلمي والتكنولوجي، تروم التعاون في تأطير الباحثين وتقديم المواكبة في ميادين تتعلق أساسا بالطاقة الكهربائية.

Related posts

Top