في مبادرة جميلة استحسنتها الساكنة، قام مجموعة من شباب قصر المنقارة بالجرف، إقليم الرشيدية، بعملية ترميم واجهة القصر وتحويله إلى لوحة فنية، أضفت جمالا على هذا التجمع السكاني الذي يعبر بشكل صريح عن التراث المعماري والعمراني بمنطقة الجنوب الشرفي.
وتندرج مبادرة هؤلاء الشباب، في إطار محاولتهم لرد الاعتبار لهذا القصر الذي طاله التهميش لعقود من الزمن، ومساهمتهم في الحفاظ عليه كتراث معماري يعود تاريخ بنائه إلى أواخر القرن التاسع عشر، وضمان استمراريته للأجيال اللاحقة، باعتباره يجسد الماضي العريق للمنطقة، ويشكل حلقة وصل أساسية بين الحاضر والمستقبل.
وقد شارك العشرات من شباب قصر المنقارة، بهمة وحماس في هذه المبادرة التطوعية ذات البعد الحضاري، والقيمي الذي يعكس الطاقة الإيجابية الكامنة في هؤلاء الشباب الذين يطمحون نقلها إلى باقي قصور وأحياء مدينة الجرف.
ولقيت هذه المبادرة الشبابية، استحسانا من قبل ساكنة الجرف، وأيضا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تناقلوا هذه العملية عبر صفحة قصر المنقارة على الفايسبوك، حيث استطاع هؤلاء الشباب إطلاق تعبئة محلية والقيام بما لم تستطع الجهات المسؤولة والمنتخبة القيام به لعقود من الزمن، وذلك بإمكانيات مادية قليلة ساهم بها مواطنون من ساكنة المنطقة.
وأكد الشباب الذين ساهموا في هذه المبادرة، في تصريحات استقاها أحمد كاسمي أحد المشرفين على صفحة المنقرة، على ضرورة دعم مثل هذه المبادرات وتشجيعها ليتمكن الشباب من الاستمرار في تنفيذ مبادرات شبابية أخرى لا تقل أهمية عن هذه المبادرة.
وفي هذا السياق وصف الشاب عبد الصمد مدني عملية ترميم وإصلاح واجهة قصر المنقارة ب»العملية الرائعة» و «الحسنة»، مؤكدا على أن هذه المبادرة هي في حاجة إلى دعم وتشجيع، وهو ما ذهب إليه الشاب عادل الحسناوي الذي أكد بدره، على أن هذه المبادرة أبانت عن حب الشباب لبلدهم وأظهرت روح التضامن والتعاون التي يتحلى بها شباب المنطقة الذي تغلب على الظروف التي أفرزها واقع الحجر الصحي الذي عرفه المغرب جراء تفشي جائحة كورنا المستجد «كوفيد-19».
من جانبه، أكد خليفة عبد اللاوي أحد الشباب المتطوعين، أن محفز هؤلاء الشباب على هذه المبادرة هو عشقهم لبلدتهم التي ترعرعوا فيها، موجها ندائه من أجل دعم هذه الطاقة الإيجابية التي يتمتع بها هؤلاء الشباب وتشجيعهم لإنجاح مبادرات أخرى قال «إن الشباب يستعد لإطلاقها».
وشملت هذه المبادرة التطوعية، أعادة ترميم باب القصر وصباغته، والقيام بحملة نظافة واسعة في الساحة المقابلة للقصر، وتزيين الجدران وصباغة الأرصفة، وإقامة مطبات أرضية لتخفيف السرعة، ثم شرعوا في عملية ترميم وتجديد الأزقة داخل القصر، وهي العملية التي من شأنها أن تضفي جمالية على هذا المعمار الثقافي والحضاري، وأن تساهم في تحسين ظروف عيش الساكنة.
الجميل في هذه المبادرة الشباب التي تروم تعزيز وتقوية أصالة وجمالية قصر المنقارة، أنها اعتمدت على الإمكانيات الذاتية الضعيفة، مع الاستغلال الأمثل لبعض المهارات الحرافية لهؤلاء الشباب، وهي إشارة إلى أن إحداث التغيير من حولنا، ولو بإمكانيات قليلة، هي عملية ممكنة، كما أنها مبادرة تحمل في طياتها دعوة صريحة إلى الثقة في الشباب وفي قدرته على إحداث هذا التغيير.
> محمد حجيوي