متى يتم إنصاف عمال الإنعاش الوطني؟

بات من المفروض على الحكومة المقبلة الاهتمام أكثر بفئات العمال والعاملات الذين يتم تشغيلهم من طرف وزارة الداخلية، كعبيد مقابل بطاقات الإنعاش الوطني. حيث تصرف لهم أجورا شهرية هزيلة بدون أدنى حقوق مهنية. منهم العاملين باعتماد قواهم البدنية، ومنهم من يتم إلحاقهم بمكاتب إدارية، حيث يجالسون بحسرة وأسف شديدين موظفين زملاء لهم يتمتعون بكل حقوقهم الوظيفية. ومنهم الأشباح الذين يتلقون المقابل المادي لبطاقات الإنعاش الوطني تلك بدون القيام بأدنى عمل. علما أنه في السابق كانت السلطات تعمد إلى ترسيم العمال والموظفين الذين قضوا سنوات عدة تابعين للإنعاش الوطني. لكنه تم إلغاء عمليات الترسيم المباشر لهذه الفئة وحتى الموظفين المؤقتين.
تستمر الانتهاكات الجسيمة لحقوق عمال وعاملات الإنعاش الوطني المشروعة في العمل القار والأجر اللازم لتغطية مصاريف العيش الكريم وفق ما تنص عليه مدونة الشغل المغربية. فئة محرومة من الحد الأدنى للأجور، ومن العمل الدائم والمستقر، باستمرار سياسة التشغيل المؤقت (الدائم) التي تنهجها وزارة الداخلية. عمال وموظفين، تصرف لهم أجورهم الشهرية الهزيلة باعتماد بطاقات الإنعاش الوطني، في ضرب واضح لكل القوانين والحريات.
بات من الواجب إعادة النظر في علبة الإنعاش الوطني السوداء. ووضع حد لنزيف أموال الدولة بطرق عشوائية. تلك الأموال التي تصرف هنا وهناك تحت يافطة (أيام العمل). لا هي تحترم مدونة الشغل بالنسبة للعمال الذين يتلقون فتات المال مقابل أعمال في غالبيتها شاقة ومختلفة. ولا هي تحترم الواجب الوطني بصرفها أجور لمن يستحقونها. تصرف أجور لعمال أشباح موالين لمنتخبين أو مسؤولين داخل أجهزة السلطات المحلية أو الإقليمية، أو مخبرين يغذون السلطة بأخبار وأحوال وسلوكات الناس اليومية. بات من الواجب التفكير في هذا الجيش من العمال والعاملات الذين تكاثروا وتزاوجوا وتناسلوا. ولم تعد تلك الأجور الشهرية كافية لتغطية مصاريف حيواتهم الصعبة، حيث مطالب التغذية والملبس والسكن والتعليم والتطبيب و… فلا عمال الإنعاش الوطني عمال وفق مدونة الشغل المغربية التي تمنحهم الحق في التغطية الصحية والتأمين على العمل والمستقبل بالانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وغيرها من الصناديق التي تضمن للعمال تقاعدا ولأسرهم معاشا، رغم أنهم يؤدون الأعمال الشاقة ولا يخضعون لمنطق عدد الساعات القانونية للعمل، وليس لهم أعمال قارة ولا أوقات عمل منتظمة. ولا موظفو الإنعاش الوطني موظفون وفق نظام الإدارة العمومية. رغم أنك تجدهم هنا وهناك بكل المرافق الإدارية التابعة لوزارة الداخلية (مصالح الجماعات المحلية والمقاطعات والملحقات الإدارية والدوائر والباشاوات والعمالات والولايات…). بل إنهم يعملون حتى داخل المرافق العمومية التابعة لباقي الوزارات، وبأجور زهيدة لا تكفيهم حتى لاقتناء ملابس تناسب وظائفهم. بات من الواجب على الحكومة أن تنصف هذه الفئة والتفكير في إيجاد سبل لإدماجها في سلك الوظيفة العمومية برواتب تحترم كرامتهم. لأنه لا يوجد في العالم بأسره عامل أو موظف يقضي 10 أو 20 أو 30 سنة في العمل والوظيفة، ويبقى عاملا أو موظفا مياوما مؤقتا بلا أدنى حقوق للشغل. لا يوجد في العالم بأسره عامل أو موظف يبني أسرة بأجر مؤقت، رغم أنه يؤدي عملا قارا ودائما. بل إنه يتقاضى ذلك الأجر من الدولة وليس من شركة أو مصنع ما.
إن ما يضر بهذا البلد ويفتك بمواطنيه الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة والعامة. هي أزمة الشغل. وأخص بالذكر عمليات تشغيل المواطنين والمواطنات بأجور زهيدة ومؤقتة، وفي ظروف لا تحترم كرامتهم ووضعهم كمغاربة من المفروض أن الدستور ضمن لهم حقوقهم الدنيوية في الشغل والسكن والتعليم والصحة. فمتى يتم تنفيذ بنود دستور 2011 كاملة، وفرض تنفيذ مدونة الشغل من طرف المرافق العمومية والقطاع الخاص. هذا الأخير الذي يسارع أصحابه الزمن من أجل استنزاف الطاقات البشرية العاملة، والظفر بالمال والجاه.؟؟.. متى تنتبه الحكومة إلى أنها غير مستعدة لخوصصة قطاعاتها الحيوية. لأنها ببساطة عاجزة على فرض النظام والقانون على أصحاب القطاع الخاص (موالين الشكارة). ولأنها بسلك طرق التدبير المفوض واعتماد شركات المناولة. تكون قد ساهمت وتساهم في إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء. وساهمت في توسيع دائرة الفقر والتشرد والحرمان في صفوف عمال كان بالإمكان التعامل معهم مباشرة بدون وساطة (شركات التدبير المفوض والمناولة)، وأن تتعاقد معهم مباشرة وفق عقود قانونية. لا تهدد مستقبلهم، ولا تجعلهم يعيشون كوابيس الطرد والتشرد كل يوم ؟؟؟ ..
متى تدرك الحكومة أنها تتصدر القطاع الخاص من حيث الإجهاز على حقوق العمال والموظفين، من خلال مندوبيات الإنعاش الوطني. متى تدرك أنه بات من الضروري التفكير بجدية في إيجاد حلول بديلة لصرف تلك الأموال بشكل مقنن وإيجابي، تلك الأموال التي تصرفها وزارة الداخلية سنويا للعمال والولاة على شكل (عدد أيام العمل) تقتطع منها أجور عمال الإنعاش الوطني. هذه الفئة التي لا تربطها بتلك المندوبيات أي عقد عمل، فقط نسخ من بطاقة التعريف الوطنية ؟؟؟ .
تلك المندوبيات التي تقودها في الغالب شخصيات غير مدنية، تعمل تحت الإشراف المباشر لعمال الأقاليم أو العمالات.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top