محاربة الأمية

يخلد العالم اليوم العالمي لمحاربة الأمية، واختارت منظمة اليونسكو شعار: «محو الأمية وتمكين النساء» موضوعا مركزيا لاحتفاء هذه السنة، باعتبار أن الفتيات يمثلن أكثر من نصف الأطفال غير الممدرسين، كما أن ثلثي الأفراد البالغين الأميين هم من الإناث. آفة الأمية التي تعاني منها فئات واسعة من شعبنا، شكلت باستمرار موضوع نضال ومطالب القوى الديمقراطية والمنظمات الحقوقية والتربوية، ولازالت بلادنا لم تتمكن، بالرغم من كل الجهود التي بذلت، من التخلص من أغلالها.
إن أزيد من 8,8 مليون من المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة وأكثر، هُمْ، بحسب معطيات رسمية، أميون. أما بالنسبة لمن يبلغون 10 سنوات فما فوق، فالنسبة تفوق 40 في المائة، ومن بينهم 45 في المائة يعيشون في المجال القروي.
وبخصوص الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 45 سنة، فإنهم يشكلون حوالي 47 في المائة من مجموع الأميين في سنة 2009، في حين أن الفئة العمرية الواقعة ما بين 14 و 24 سنة، فإن الأمية تمثل داخلها أزيد من 20 في المائة، وهو ما يفسر بارتفاع مستوى الهدر المدرسي.
هذه الأرقام، بقدر ما أنها موجعة لضميرنا الجماعي، وتمثل عارا على بلادنا في القرن الواحد والعشرين، فإنها تجسد أكبر أسباب تخلفنا المجتمعي.
إن الأمية لا تحيل فقط على هضم حق فئات واسعة من شعبنا في التعليم، ولا ترتبط فقط بحرمان شخصي أو بأزمات فردية، إنما تعتبر عائقا جوهريا لا يسمح بنجاح أي خطة وطنية تستهدف القضاء على التخلف في مختلف المجالات، كما أن أمية الإنسان تمنعه من استثمار قدراته لتحسين أوضاعه  الشخصية، وأيضا المساهمة في النهوض بمحيطه وبمجتمعه، وهذا يعني أن الأمية  لا تحول فقط دون أن يتمكن الفرد من تطوير ذاته، إنما تعيق فرص التنمية الشاملة في المجتمع برمته، ومن هنا ضرورة جعل هذه المعركة أولوية وطنية.
لا يمكن بآلاف الأميين أن نعزز دمقرطة المجتمع وحداثته، ولا يمكن  أن نقضي على الفساد والرشوة والتزوير في الانتخابات وفي غيرها، وأن نبني مجتمع المعرفة ونواجه العولمة.
محاربة الأمية، اليوم، تتطلب انخراط الجميع، وتقتضي إرادة سياسية قوية، وميزانيات كافية، وآليات مؤسساتية، وخطط علمية، بالإضافة إلى تعبئة شعبية وطنية، دون إغفال أهمية تحسين جودة التعليم وتعزيز المدرسة العمومية، والتقدم على صعيد القضاء على الفقر والهشاشة الاجتماعية.
لنفتح باب المعرفة أمام شعبنا.

Top