محمد علوط: الكتاب يدين الجبن الأخلاقي الذي يطبع سلوكيات الممارسة الإعلامية لأكبر مؤسسة تتحكم في الرأي العام عبر الوسائط الإعلامية

نظم المركز الثقافي كمال الزبدي بالدار البيضاء، مؤخرا، حفل توقيع وتقديم كتاب “الحصار الفايسبوكي يوميات وشهادات” للكاتبة كريمة دلياس، الصادر عن دار النشر إفريقيا الشرق لسنة 2023.. وذلك بحضور الكاتبة ومساهمة الناقد والإعلامي محمد علوط وبحضور جمهور من المهتمين.
استهلت مديرة المركز السيدة أسماء الرفاعي النشاط الثقافي بكلمة ترحيبية للضيوف وبعرض مختلف الأنشطة الثقافية التي يسهر عليها المركز الثقافي، كما ثمنت العمل والمجهود المبذول لإخراج الكتاب إلى النور. بعدها، أخذ الأستاذ الناقد محمد علوط الكلمة ليقدم الكتاب بشكل دقيق ومفصل، معتبرا أن الكتاب يتطلب الشجاعة، معللا ذلك بقوله: “هناك فرق بين أن تكتب عن الشجاعة وبين أن تكون كاتبا شجاعا، حيث أن الكاتبة كريمة دلياس، في كتابها “الحصار الفايسبوكي”، لم تؤلف كتابا في “مديح الشجاعة” كما روجت لها أخلاقيات أدب النبالة والفروسية.. بل ألفت كتابا في “إدانة الجبن الأخلاقي” الذي يطبع سلوكيات الممارسة الإعلامية لأكبر مؤسسة تتحكم في الرأي العام عبر الوسائط الإعلامية”.
كما أبرز المتحدث الكثير من الجوانب المهمة والمتنوعة التي يزخر بها الكتاب متنقلا بين فصوله بسلاسة وعمق، مشيرا إلى أن هذه الكثافة على مستوى تداخل الأجناس التعبيرية: اليوميات، الشهادات، التحقيق، وتعدد الحقول المعرفية ما بين الأدبي والإعلامي والحقوقي، سيفتح لهذا الكتاب أفقا واسعا من التداول؛ حيث هو كتاب موجه في آن واحد للمهتمين بالأدب، وللمهتمين بالصحافة والإعلام وكذا معاهد تدريس الفنون الإعلامية، ويهم أيضا المؤسسات والجمعيات المدنية الناشطة في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة. ويستخلص الناقد أن من خلال هذه التجربة يَنبَثق المعنى العميق لهذا الكتاب الذي يجعلنا نتمثل تمثلا واعيا أن الحق في الكتابة هو المعادل الرمزي للحق في الحياة.
واختتم الأستاذ محمد علوط مداخلته القيمة بقوله إن الكاتبة كريمة دلياس، من خلال مؤلفها الذي تنشره ككتاب خارج أسوار وقلعة الفايسبوك، تقوم بـ “اختراق مضاد”؛ لأن كلمتها دخلت الآن الأرشيف التديويني الخالد للذاكرة غير القابلة للمحو والإبادة.
بعدها، جاء دور الكاتبة كريمة دلياس لتتكلم عن الكتاب بشكل مفصل وعن دواعي الكتابة، كما كشفت عن بعض الأسرار والخبايا التي تتعلق بالحقوق الرقمية الفلسطينية، من خلال الحوارات التي جمعتها بشخصيات فلسطينية؛ نذكر منها: الاضطهاد الصهيوني اليومي للفلسطينيين وإمكانية محاكمتهم والزج بهم في السجن بسبب تدوينة فايسبوكية بسيطة، في ظل غياب قوانين حقيقية تحمي الفلسطينيين من هذه التلاعبات الخطيرة. بعدها، تم فتح أفق النقاش مع الحضور النوعي لكي يدلو بدلوه ويطرح أسئلته بخصوص الكتاب.
من أهم الأسئلة التي طرحت هي التنقل من صعوبة تدريس مادة الرياضيات إلى حقل أصعب منه، ألا وهو المجال الإعلامي والتحقيقي لجمع هذه الشهادات القيمة والمتكاملة. واعتبرت إحدى المتدخلات أن هذا النوع من الكتابة هو بمثابة صعود جدار أملس بدون ثقوب، وأن هذا العمل ليس بالمهمة السهلة على الإطلاق.
بعدها، جاءت شهادة المؤطر التربوي والفاعل الجمعوي بوشعيب مكسي الذي حكى عن تجربة اشتغاله مع شباب من فلسطين تمت استضافتهم بالمغرب، وصرح بأن هاجس الحصار يقض مضجع الشباب الذي استضافه حتى أثناء إقامته في المغرب، وأن شبح المتاريس الحقيقية يلاحق الشباب الفلسطيني في تنقلاتهم وترحالهم ويفسد عليهم الاستمتاع بإجازتهم المؤقتة، مخافة ألا يتم السماح لهم بالعبور إلى فلسطين.
وعبر الأستاذ القيم على خزانة ابن مسيك عن استيائه من البنوذ الرقمية الطويلة لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي تكون ضمن أساسيات الانخراط في تلك المواقع، وبالخصوص الفايسبوك، والمشكل يرجع بالأساس إلى صعوبة فهم اللغة والصيغ القانونية التي غالبا ما لا يقرأها المنخرط، ويتم الموافقة عليها لإنشاء صفحة أو حساب على الفايسبوك، وهي من بين المشاكل الكبرى التي يواجهها المنخرط لجهله بقوانين هذه الشركات التواصلية العملاقة. وتطرق إلى موضوع الحقوق الرقمية للمنخرطين في مواقع التواصل الاجتماعي ومدى مصداقية المعلومات التي توفرها بعض المواقع لهم.
أما الأديبة ربيعة عبد الكامل فقد صرحت بأن كتاب “الحصار الفايسبوكي” هو كتاب ورقي يعالج الحرية في العالم الافتراضي. وتساءلت ما إذا كان بالإمكان اعتبار هذا الكتاب رِدة من الافتراضي إلى الورقي؟ وهل هو دعوة إلى الأصل، إلى عالم الورق؛ أي العالم الآمن الذي لا تضيق فيه الحريات؟
وقد عقب المترجم سعيد بنعبد الواحد على تقديم الكتاب بقوله: “ما يقع للفايسبوكيين من حصار يرجع إلى أن تكنولوجيا الفايسبوك هي من اختراع الغرب “شركات معينة”، وبالتالي فإنه من خلال اختراع هذه التقنية تحاول هذه الشركات أن تفرض بعض القيم السائدة في الغرب من قبيل محاربة “معاداة السامية” وأشياء من هذا القبيل. وبالتالي، من يستعمل الفايسبوك لا بد أن ينصاع حسب معاييرهم لمثل هذه القيم”. وفي الأخير، وجه سؤاله للناقد محمد علوط حول ما إذا كانت أدوات تحليل الخطاب الكلاسيكية صالحة لتحليل خطاب الفايسبوك وكل ما يتعلق بهذا الأمر. وقد أكد الأستاذ محمد علوط، من جانبه، على أن هذه الأدوات صالحة لتحليل هذا النوع من الخطاب مع إدراج بعض الأمور الخاصة أيضا بالتكنولوجيات الحديثة.

Related posts

Top