مداخلات علمية وأكاديمية تدعو إلى توسيع الاهتمام بالثوابت الدينية على المستوى الإفريقي

  • أوصى المشاركون في أشغال الندوة العلمية الدولية حول موضوع “قول العلماء في الثوابت الدينية المغربية، التي اختتمت أشغالها الأحد المنصرم بفاس، بتوسيع الاهتمام بالثوابت الدينية على المستوى الإفريقي.
    وشدد البيان الختامي الذي توج أشغال هذه الندوة التي نظمها موقع الثوابت الدينية المغربية بتعاون مع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، على ضرورة إشراك المرأة الإفريقية العالمة في الندوات العلمية التي تعنى بهذا الموضوع، داعين إلى عقد ندوة دولية تعنى بقول العلماء في الثوابت الدينية المغربية-الإفريقية.
    كما أكد البيان الختامي لهذه الندوة التي نظمت على مدى يومين على أهمية تعميق البحث في الثوابت الدينية على مستوى المؤسسات العلمية الجامعية، خاصة على مستوى مختبرات ومراكز البحث، وكذا رصد التحديات التي تواجه هذه الثوابت من أجل إرساء مقاربة لتجاوزها.
    وأبرز المشاركون في هذه التظاهرة العلمية، وهم أكاديميون وعلماء ورؤساء وأعضاء فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة من أربعة وثلاثين بلدا إفريقيا، ضرورة تحرير القول في التأصيل الشرعي للثوابت الدينية المغربية، وإحياء السند العلمي في تحصيل الثوابت الدينية المغربية، وكذا إدراجها ضمن مقررات التكوينات التعليمية، مع الحرص على دعم تحقيق التراث المخطوط الخادم للثوابت الدينية المغربية.
    كما دعا المشاركون إلى تنظيم ندوات خاصة بكل ثابت من هذه الثوابت، وإعداد موسوعة علمية حولها، وإصدار كتب علمية في تقريب الثوابت الدينية بحسب مستويات الفئات المستهدفة.
    وأكدوا على أهمية تخصيص برامج وتكوينات في الثوابت الدينية المغربية لفائدة أفراد الجالية المغربية بالخارج ، وعرضها باللغات الأوربية بالتعاون مع المجلس الأوربي للعلماء المغاربة.
    كما دعوا إلى إطلاق جائزة الموقع حول الثوابت الدينية المغربية، وإعداد معجم للمصطلحات والمفاتيح الأساسية في الثوابت الدينية، فضلا عن تحفيز الباحثين على إنتاج مقالات علمية تخدمم هذه الثوابت.
    وتميزت هذه الندوة العلمية بمداخلات علمية وأكاديمية تناولت محاور أربعة أساسية تشمل “إمارة المؤمنين”، و”العقيدة الأشعرية”، و”المذهب المالكي”، و”التصوف السني”، توزعت على ست جلسات.
    وتمحورت أهداف هذه التظاهرة العلمية حول تحرير القول في التأصيل الشرعي للثوابت الدينية المغربية من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة، وكذا إبراز جهود أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الحفاظ على الدين، ورعاية الثوابت الدينية للمسلمين، إلى جانب بيان علاقة الثوابت الدينية بالخصوصية المغربية وحضورها في القارة الإفريقية.
  • فقد قال قيم فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالعيون، عبد الوافي الخرشي، في مداخلة تحت عنوان “المؤسسات الصوفية وتحصين الأمن الروحي بالصحراء المغربية” إن التصوف السني، المرتكز على وحدة العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، يشكل دعامة أساسية للحفاظ على الأمن الروحي وحفظ الثوابت الدينية بالمغرب عموما، ومنطقة الصحراء بشكل خاص.
    وأبرز الخرشي أن مؤسسات التصوف بالصحراء تمثل إحدى الركائز الأساسية للتدين، وإحدى مقومات الإنسان الصحراوي في كل مناحي الحياة، مؤكدا أن هذه المؤسسات تمثل “الدعامة الأساسية للحفاظ على ثوابت الأمة الدينية، ومصدر تلاحم المغاربة عبر التاريخ حول إمارة المؤمنين التي تعد الضامن لاستمرار الأمة واستقرارها”.
    وأضاف أن الزوايا الصوفية أسهمت أيضا في الدفاع عن التراب المغربي ووحدته الوطنية وإبراز مدى تعلق ساكنة الصحراء بمؤسسة إمارة المؤمنين.
    من جهته، أبرز محمد المهداوي، مدير معهد عبد الله بن سعيد الوجدي للتعليم النهائي العتيق، في مداخلة حملت عنوان “إسهام التصوف في حفظ الثوابت الدينية وتعزيز الرأسمال اللامادي للمملكة المغربية”، أن “المدرسة الصوفية، بما لها من قوة التأثير الروحي، قادرة على الإسهام في المشروع الإصلاحي والتنموي للأمة شريطة أن تكون ممارسة على النحو المقبول الذي لا زيغ فيه عن منهج الكتاب والسنة ولا انزواء فيه عن المجتمع وقضاياه”.
    وشدد الباحث على أن المغرب، وفي ظل ما عرفه من تميز في اختيار ثوابته الدينية، كان ولا يزال نموذجا رائدا في بث روح التسامح والتعايش وترسيخ قيم التعارف.
    وأشاد في هذا السياق، بما يمتاز به المغرب من “وفرة أعلام التصوف ومدارسه ومدى إسهامهم وانخراطهم الفاعل في الحياة الاجتماعية”، مبرزا أن الصوفية المغربية قدمت صورة مشرقة عن روح الإسلام وسماحته وكونيته وشموليته.
    وفي كلمة له خلال الجلسة الختامية للندوة العلمية الدولية، أكد الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، محمد رفقي أن الوعي بضرورة صيانة الثوابت الدينية يستمد قوته من الإصلاحات التي ترعاها مؤسسة إمارة المؤمنين.
  • وقال رفقي إن “الوعي اليوم بضرورة حماية الوحدة الدينية ضد تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين يستمد قوته من الإصلاحات التي ترعاها الإمامة العظمى”.
    وأبرز أن وفاء إمارة المؤمنين بكليات الدين والتزامها بحماية ورعاية الثوابت الدينية يعضد سعي العلماء لمجابهة تحريف الدين بالفهم المؤصل المعتدل، مشيدا بجهود العلماء داخل مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، “العاملين وفق التوجيهات النيرة والحكيمة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس”.
    و شدد في السياق ذاته، على أن العلماء في الوقت الراهن “نواب عن إمارة المؤمنين في صيانة الهوية الدينية للأمة ومسؤولون عن كل تقصير أو تفريط أو تهاون من شأنه الإخلال بمقتضيات استتباب الأمن الروحي، الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز تحقيق الأمن والسلام العام”.
    وبعدما سجل أن موضوع الندوة يقع في صميم الموضوعات التي تفرضها المرحلة الراهنة، أشار إلى أن هذا اللقاء العلمي أبرز السيد رفقي الدور “الهام” لمؤسسة العلماء في صيانة وحماية الاختيارات الدينية التي ارتضاها المغاربة، وإنتاج خطاب يظهر حقيقة الدين والتدين الأصليين، وحدود التمايز بينهما، وحفظ التعاليم الدينية والممارسة التدينية في صورتها الأصلية، بعيدا عن كل انحراف أو تطرف.
    كما دعا العلماء إلى الحرص على صيانة الدين ومقتضياته الشرعية، وحراسة الثوابت والمقدسات والاختيارات التي أجمعت عليها الأمة بأسلوب العصر وآلياته وأدواته.
    وخلص رفقي إلى التأكيد بأن الواقع والتاريخ يؤكدان أن الأمة المغربية اكتسب مظاهر العزة والقوة والشرف على مدى قرون طويلة باحترامها والتزامها بمقومات الأمة وأصالة حرمة الدين.

Related posts

Top