يعد مهرجان الشعر بشفشاون الذي تسهر على تنظيمه جمعية أصدقاء المعتمد بن عباد، تراثا وطنيا، بالنظر إلى ريادته في هذا المجال ودوره في ترسيخ حضور القصيدة المغربية.
تعاقب على حضور دوراته الممتدة في الزمن المغربي-أزيد من نصف قرن- مختلف الأجيال، مر منه الشعراء المغاربة على اختلاف أعمارهم واتجاهاتهم، وكان لهم حضور وبصمة خاصة.
كما تعاقب على تنظيمه العديد من الفاعلين الجمعويين الذين هم في الآن نفسه شعراء أو على الأقل شغوفين ومهتمين بالقول الشعري أكثر من أي اعتبار آخر.
غير أنه خلال الدورات الأخيرة، وبالخصوص في الدورة الثانية والثلاثين التي جرى تنظيمها مطلع الشهر الجاري على مدى يومين، بدأت تصلنا أصداء عن عدم رضا العديد من المشاركين وممن دأبوا على حضور هذا الملتقى السنوي، على المستوى الذي بلغه والذي تم نعته بأنه متدني.
قد نعتبر أن يصدر هذا النوع من التذمر من لدن الشعراء الذين تم تغييبهم أو لم يتم توجيه الدعوة لهم للمشاركة في فعالياته، بأنه مجرد رد فعل انفعالي على ذلك، لكن أن تتعالى أصوات التنديد بمآل المهرجان، حتى من طرف من جرى الاهتمام بهم وإشراكهم في برنامجه الثقافي الأساسي؛ فهذا يدفعنا إلى الخوف على مصيره وعلى مستقبله.
ونحن نعلم أن من عبر عن عدم رضاه اليوم على المهرجان؛ فإنه لن يلبي دعوة الحضور إليه في الدورة القادمة، ومن المؤكد أن أي مهرجان يستمد قيمته من الأسماء التي تشارك في فعالياته.
وقد لا حظنا كيف أن أكبر الغائبين عن هذه الدورة، كان هو الشاعر عبد الكريم الطبال الذي يقطن بنفس المدينة والذي ارتبط اسمه بهذا المهرجان، مثل ارتباط المهرجان ذاته بالمدينة التي تحتضنه.
من الشعراء من علق على هامش حضوره للدورة الأخيرة من المهرجان قائلا:
” إذا كنا نعتبر مهرجان شفشاون قيمة شعرية حقيقية، فعلى الشعراء المؤسسين، ومن يهمهم شأن جمعية أصدقاء المعتمد، أن يعملوا على إعادة هيكلة الجمعية، وتجديد إدارتها بشكل جذري، وإنشاء إطار وطني يشرف على تنظيم المهرجان، ويختار الشعراء المشاركين، ومحاور الندوات، دون نزوعات شخصية تافهة وصغيرة، بل بتنوع الأجيال والتجارب والأفكار، وليس بتكرار الأسماء، أو تحويل المهرجان إلى علاقات عامة، يغيب عنه الشعراء، ويحضر من لا صلة لهم بالشعر، ولا بأخلاق الشعر.. ذهبت إلى مدينة شفشاون، تقديرا لتاريخها الشعري. غادرتها، دون أن أستكمل برنامج المهرجان، لأن اختلالات ما حدثت في التصور، وفي رؤية الشعر، قراءة وفهما، من قبل المنظمين..”.
واحتج آخر: “للأسف الشديد أعرق مهرجان شعري مغربي، وهو مهرجان شفشاون للشعر المغربي الحديث، يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب سوء تدبير وانعدام رؤية القائمين على شؤونه حاليا..”.
وندد شاعر آخر بالمهرجان ذاته: ” أعتقد أن العطب واضح، المهرجان يجب أن يسند إلى مسؤولين أكفاء من ذوي الاختصاص..”.
وقليلة هي الأصوات التي كانت مهادنة، من قبيل ما عبر عنه أحد الشعراء بالقول: “جمعية أصدقاء المعتمد تطوق الشعر المغربي بأياديها البيضاء؛ فعلى مدى نصف قرن والمعتمد بن عباد يبث من روحه وأنفاسه في سماء مهرجان الشاون، ساعيا إلى ترسيخ بذرة الحداثة في القصيدة المغربية..”.
في حين التزم آخرون الصمت، ربما تفاديا لإحراج الجهة المنظمة.
على كل حال، ليس هناك نار بدون دخان، وبالتالي فإن الجمعية المنظمة مدعوة إلى إعادة النظر في فلسفة طريقة تنظيم هذا المهرجان العتيد الذي كان له دور أساسي في إبراز أصوات شعرية من مختلف الأجيال والاتجاهات.
عبدالعالي بركات