مصطفى العراقي يصدر كتاب “100 سنة من حقوق الطفل عالميا، ومغربيا: حكايات ومسارات”

صدر لمصطفى العراقي، عن مطبعة بلال بفاس، كتاب تحت عنوان: “100 سنة من حقوق الطفل عالميا، ومغربيا: حكايات ومسارات”. وكتب تقديمه مصطفى الناوي، وأنجز غلافه محمد عيداوي من خلال لوحة خاصة للفنان عبد الكريم الأزهر. فيما يلي التمهيد الذي يلخص مضمون هذا الكتاب:

”  بلغ من العمر مائة سنة.. ذلك الطفل الذي انتزع أول إعلان بحقوقه سنة 1924..

 كان وقتها خارجا من حرب عالمية ضروس بالكاد يجد غذاء ومأوى..عيناه ممتلئتان بحزن زرعته تلك المأساة الإنسانية التي صنعتها أوروبا. يبحث عن أمان و”ضمانات” حتى لا تتكرر معاناته التي حرمته من طفولته وأكلت جزءا من جسده واستوطنت تداعياتها نفسيته أو أزهقت روحه.

  لكن هذا الطفل اكتشف بعد عقدين أن ذلك الإعلان مجرد قصر من رمال جرفته حرب عالمية ثانية كانت أكثر فظاعة من سابقتها على مستوى قتلاها وجرحاها ومعطوبيها وأيتامها وخرابها… فهام على وجهه مجددا في مدن فقدت معالمها وبوادي حرقت حقولها ينشد ما ستقدمه له منظمة عالمية جديدة اسمها الأمم المتحدة.

  في البدء كانت منظمة اليونيسف التي أنشأت من أجل أن تمسك بيد ذاك الطفل إلى صحن غذاء أو قطرة حليب أو ركن ملجئ. وبعدها كانت له نوافذ بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في دجنبر 1948. ولم يدخل هذا الطفل من باب نص يخصه ويمتلك مضمونه إلا في إعلان نونبر 1959(ميثاق حقوق الطفل).

   شعر العالم وهو يعيد قراءة تلك المبادئ العشرة التي وردت في ذلك الإعلان أن هذا الطفل بحاجة إلى المزيد من الحماية والعناية والاهتمام فأعلنت المنظمة الدولية سنة 1979 سنة دولية له.. وفي خضم التحضير لها كانت هناك حقيقة جلية: الإعلان أصبح ضيقا على جسد الطفل وأنه حان الأوان كي يتمتع باتفاقية رحبة بموادها ومضامينها وأهدافها.

  امتد إعداد الاتفاقية عقدا من الزمن كان فيها المخاض عسيرا حتى كاد يباغت الإجهاض الصيغة النهائية قبل أن توضع على جدول الاعتماد في 20 نونبر 1989 يوم اعتمادها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة.

  اتخذت الاتفاقية اسما لها هو “اتفاقية حقوق الطفل ” وأنجبت خلال الثلاث عقود من ميلادها بروتوكولات وآليات خاصة وتعاليق عامة. وشكلت مرجعا لصكوك دولية وإقليمية ولخطط عالمية ووطنية.

   قبل مائة سنة كان الطفل المغربي يعيش أوضاعا صعبة. تستهدفه الأوبئة وتلفظه الأرحام جثة هامدة بسبب غياب الظروف الصحية وتفصله عن المقعد الدراسي حواجز… وفي مساره عبر هذا الزمن لم تلتف إليه سلطات الحماية /الاستعمار بل رمقته بعين الإهمال والتمييز. وغداة الإعلان عن الاستقلال في سنة 1956 لم يحظ باهتمام في البرامج والسياسات العامة والقطاعية.. لكن يمكن اعتبار السنة الدولية للطفل 1979 (وتلك السنة يمكن اعتبارها البوابة الحقوقية بالمغرب) هي الموعد الذي فرض فيه الطفل نفسه على المسؤولين كي ينتبهوا إلى حقوقه؛ إلى صحته وتعليمه … وكبقية العديد من أطفال العالم فتحت اتفاقية 1989 آفاقا رحبة لمعالجة أوضاعه وملاءمة مقتضيات قانونية تخصه مع تطورات مجتمعية ومكتسبات أممية. ودعم ذلك إرادة سياسية عليا من جهة وجهود وترافع المجتمع المدني من جهة ثانية …

  هذا المسار تم تتويجه ولأول مرة بأن وضع الطفل المغربي قدمه بالدستور وامتلك فيه فصولا ومقتضيات من المفترض اليوم أن تشكل بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية المرجع الرئيسي للسياسات العمومية التي تخصه.

“100 سنة من حقوق الطفل عالميا ومغربيا: حكايات ومسارات” كتاب يسعى لتقديم الترسانة العالمية والإقليمية التي ولدت من فظائع حروب. ترسانة ولدت من رحم الفظائع ومن هول الانتهاكات التي تطال كرامة الطفل وبشاعة الاستغلال الذي تعرض له ولا يزال… وفي فصل ثاني سيحاول أن يرسم طريق تطور حقوقه بالمغرب عبر أربع مراحل. وكي يستعرض تفاصيل بعض هذه الحقوق من حيث الوقائع والنصوص يقدم في فصل ثالث أبرزها خاصة فيما يتعلق بحقل الحماية.

أما الفصل الرابع فيتضمن أكثر من مائة توصية وردت في ملاحظات وتوصيات لجنة حقوق الطفل عقب مناقشة المغرب لتقاريره الدورية. هي توصيات تطرق باب الحكومة والسياسات العمومية والبرامج من أجل أن يتمتع هذا الإنسان بكل حقوقه وتصان كرامته”.

Related posts

Top