شكلت الأحداث المستجدة في قضية الصحراء المغربية انتصارا بارزا للدبلوماسية المغربية، جعل الفئات المثقفة وهيئات المجتمع المدني وكل الشعب المغربي يتفاعل بإيجابية مطلقة مع القرار الأممي الأخير ومع الإنجازات التي حققها المغرب، حيث قطع أشواطا مهمة في الآونة الأخيرة، وأنتـج وضعا تنمويا منقطع النظير، أهّله بلا شك إلى تحقيق مكتسبات دبلوماسية مغربية قوية، تمثلت في الدعم السياسي الكبير الذي قدمته غالبية الدول من كل القارات بمجلس الأمن إلى المغرب، فشكل بذلك قرار مجلس الأمن الدولي ضربة قوية لأعداء وحدتنا الترابية. وقد أعربت العديد من الدول عن مساندتها للمغرب ودعمها لسيادته على كل أراضيه بما يضمن الأمن والسلام والاستقرار في منطقة غرب شمال إفريقيا والساحل.
إنه وضع مستجد جعل التحولات في ملف قضية وحدتنا الترابية تتحقق واقعيا بقوامة مغربية ومساندة دولية، لم تتوقعها الجزائر وعصابة البوليساريو ومليشياتها، في ظل انتصار واقعي يمنح المغرب فرصا لتثمين المجهودات الملكية السامية الرامية إلى تقديم أنموذج تنموي جديد وشامل في المنطقة، ودفع مسار التسوية الأممي إلى الأمام، خاصة وأن المغرب قد كرس منجز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالصحراء المغربية، وقدم أنموذجا تنمويا جديدا وضخما، يتمثل في مشاريع كبرى، لتحويل الصحراء المغربية إلى منطقة محورية جاذبة ببعد استراتيجي مهم. فضلا عن الإنجاز الجوهري في ملف حقوق الإنسان، وفي الانتخابات الأخيرة في الصحراء المغربية كما هو في كل جهات المملكة، حيث أعطى المغرب مثالا يحتذى به.
وفي سياق آخر، تشكل الأدوار التي تلعبها المكونات الثقافية والفنية وهيئات المجتمع المدني في ملف قضية الصحراء المغربية إطارا مؤثرا في القضية الوطنية إقليميا ودوليا، إذ أن مختلف الأنشطة الثقافية والفنية وغيرها تمنح القضية الوطنية بعدا آخر في تأكيد مغربية الصحراء من خلال ما يتم تقديمه من دلائل مادية ومنجزات فنية وحضارية، باعتبارها المكون الثقافي الصحراوي في الهوية المغربية وباعتبارها قضية كل المغاربة.
وبذلك تشكل مختلف المبادرات الفردية والجماعية للفئات المثقفة ولهيئات المجتمع المدني سواء داخل المغرب أو خارجه إسهاما جادا لتنمية الواقع الحقيقي لمغربية الصحراء وتثمين الجهود التنموية المتواصلة بالأقاليم الجنوبية المغربية، وإغناء التجارب الرسمية إزاء هذه القضية المقدسة لدى كل المغاربة، باعتبارها من أهم القضايا ذات الأولوية بالمملكة المغربية. وذلك اعتبارا للجذور التاريخية العريقة، واعتبارا للواجب الوطني والقيم الأخلاقية والروحية والإنسانية. ولا شك أن كل الفعاليات الثقافية وهيئات المجتمع المدني وجميع مؤسسات الدولة والبرلمان، والمجالس المنتخبة، والفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية، ووسائل الإعلام، والمواطنات والمواطنين، يجسدون انخراطهم القوي في نسج عدد من المبادرات سواء الفردية أو الجماعية في نطاق تجديد الخطاب حول مغربية الصحراء وتقويته وتنويع آلياته بالموازاة مع المجهودات التي تحققها الدبلوماسية المغربية وراء القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وكذلك في نطاق التقدم التنموي الذي تشهده الصحراء المغربية بشكل متواصل.
إن هذا الوضع الإيجابي المتقدم في ظل تشجيع المجال الثقافي والفني والقيام بالأبحاث والدراسات في هذا النطاق، يُشكل مرتكزا هاما لإذكاء روح المواطنة، والإسهام في إرساء دعائم العمل الوحدوي الذي يشكل دلالة على التفاعل القوي بين كل مكونات المجتمع المغربي على كل المستويات لتأكيد في كل وقت وحين مغربية الصحراء.
بقلم: د. محمد البندوري