“…أن تكون مُؤمنًا بقضية لا يعني الكثير، أما أن تقرّر أن تُناضل من أجلها فأنت تُقرّر حينها أن تحيا أسطورتك الذاتية، يعني أن لديك قلبًا ينبض وعقلًا يضيء فتشعر حينها بأنك تحيا إنسانيتك، وتستشعر وجودك، فإذا كان صنع السلام أصعب من خوض الحرب لأن صنعه والمحافظة عليه يتطلبان الشجاعة ويفترضان أحياناً مقاربات جديدة وصعبة، إلا أن ذلك يبقى رهينا بالتمتع بشخصية مدنية مُحببة ورأسمال ضخم من الإرادة والطموح والعمل والمثابرة والعزيمة للوصول إلى الهدف، شعرن دومًا بقلوبهن النابضة وعقولهن المضيئة بذلك الإنسان القابع في نفوسهن برغم القيود التي فرضها عليهن المجتمع لا لشيء إلا لكونهن ملحقات بتاء التأنيث، وبرغم ذلك قررن أن يحملهن تاء التأنيث سلاحا في نضالهن، ينتشرن في التاريخ كالزهرات الجميلات يمنحن الأمل ويتركن حلما لدى الجميع يقول: أنا المرأة، أنا النضال، أنا الحرية، أنا الإنسان دون تمييز… فتدافعن نحو الحرية وحماية حقوق الإنسان بشجاعة ومُثابرة، ناضلن في سبيل الحقيقة والعدالة والأمل والإصلاح والسلام، دافعْن عن القضية الإنسانية وحملن لأجلها راية الحرية والديمقراطية والحفاظ على كرامة الإنسان، حتى كوفئن أخيرا بتسجيل أسمائهن في وصية ألفريد نوبل التي كتبها تكفيراً عن شعوره بالذنب لاختراعه الديناميت القاتل، إنهن مناضلات دافعن عن الحياة وحصلن على نوبل….”.

شيرين عبادي.. صوت المساواة بين الرجل والمرأة

الإيرانية التي ناضلت من أجل فصل الدين عن السياسة

“….أحاول غاضبة أن احفر على جدار الإسمنت بيد الملعقة وأكتب بأننا ولدنا للعذاب كوننا ولدنا في العالم الثالث، فالزمان والمكان مفروضان علينا وليس أمامنا سوى التحلي بالصبر، وليس أمامنا خيار آخر”..

 هكذا انطلقت شيرين عبادي تردد وهي تشق طريقها الطويل من الزنزانة رقم 209 في سجن ايفين سيء الصيت (اشتهر برجاله السياسيين عهد النظامين البهلوي والخميني) إلى قاعة سيتي هول للمهرجانات بالعاصمة النرويجية أوسلو، ذلك الطريق الذي تطلب منها بذل الجهود الكبيرة من المرأة قصيرة القامة التي جاءت لتتسلم جائزة نوبل للسلام عام 2003 لجهودها اللامتناهية في الدفاع عن حقوق الإنسان والطفل والمرأة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومناهضة الظلم والفقر.. في بلد تحكم رجاله بمقاليد الحكم وسطروا أسمائهم بالدم وقادوا تاريخهم السياسي بالنهب والقتل والخراب وحكموا البلاد بالنار والحديد…

الكمكار الإيراني

حين بدأت فرقة الموسيقى الفلكورية الإيرانية (الكمكار) تعزف مقطوعتها الشهيرة (هانا… هانار) من الفلكلور الشعبي الإيراني، أخذت الملكة سونيا (ملكة النرويج التي حضرت الحفل مع ابنها وزوجته) تضرب الأرض بقدمها طربا في الوقت الذي كانت العيون متجهة نحو المرأة التي تعزف الموسيقى لأجلها، والتي أشرق وجهها بعد أن زالت عنه ملامح التركيز والجدية والرهبة بشكل تدريجي، فقد أتى حوالي ألف شخص يوم العاشر من ديسمبر سنة 2003 لحضور حفل منح جائزة نوبل للسلام لامرأة مُسلمة ترتدي الحجاب وتغطي رأسها بعد أن تنافست على اللقب رفقة مائة وخمسين شخصية عالمية كان على رأسها البابا يوحنا بولس الثاني والرئيس التشيكي السابق فاتسلاف هافيل، لتغدو المرأة الحادية عشرة التي تمنح جائزة نوبل بشكل طرح معه العديد من الأسئلة المثيرة للاهتمام وكان من أهمها: من تكون شيرين عبادي… من تكون هذه المرأة المسلمة المُوشحة بغطاء رأسها الأسود وتعتلي منبر نوبل للسلام ..؟

أول قاضية في إيران

كانت المعلومات التي توفرت حتى ذلك الوقت وأخذ يتهامس بها الكثيرون داخل القاعة هي معلومات قليلة جدا وتفيد بولادتها يوم الواحد والعشرين من يوينو 1947 بهمدان الإيرانية إحدى محافظات إيران البالغ عددها ثمانية وعشرون محافظة.. وهي بروفسور في القانون الصناعي وسيدة منزل..، فهذه الحلوة (كما يوحي اسمها سيرين) سرعان ما ستشتهر بين جمهور كبير من المثقفين في إيران بعد أن عينت كأول قاضية في البلاد عام 1974 بعد سنوات قليلة من حصولها على درجة الدكتوراه في الحقوق قبل أن يعود آية الله الخميني من منفاه الفرنسي عام 1979 الذي سارع ورجاله إلى عزل النساء من مناصبهن بالدولة الجديدة بحجة أن النساء غير عقلانيات وعاطفيات جدا، حينها لم تجد بدا من أن تنطلق من جديد وتعمد إلى تأسيس مكتبها الصغير للمحاماة بضواحي طهران وتكتب بإسهاب ملفت للجميع حول مجموعة واسعة من القضايا القانونية وتحديدا القضايا المتعلقة بالنساء والأطفال وقانون الأسرة حتى عدها الكثيرون خطرا كبيرا على المجتمع وأمنه واستقراره كونها اتجهت إلى قضايا تتعلق بقمع حرية الكلام، خاصة بعد أن تناولت بالدفاع مسائل عدت محرمة كمسألة دفاعها عن المعارضين السياسيين أمثال داريوش فروهر وزوجته اللذين تعرضا للتعذيب والموت لاحقا حتى تم اتهامها في العام 2000 بتوزيع شرائط تظهر أّحد المتطرفين الدينيين وهو يصرح بتورط المحافظين في قضايا التعذيب بالبلاد في الوقت الذي صاغت مسودة قانون ضد الاعتداء الجسدي على النساء، وهي نشاطات كانت كفيلة لاقتيادها إلى زنزانتها بعد تلقيها حكما بالسجن لمدة خمسة عشر شهرا (وتحديدا بعد أن دافعت عن فرشاد أمير ابراهيمي العنصر المنشق عن الجماعات المتشددة) ويفرج عنها بعد أسابيع قليلة فقط وتنطلق للتصريح بالقول: “…. إن الممارسات التي يفترض بأنها ممارسات دينية والتي تضطهد النساء هي في الواقع جزء من تقاليد قبلية أبوية لا بد من القضاء عليها عبر التعليم، إضافة إلى برامج محو الأمية التي يجب أن ترتكز جهودها على النساء….”، وأضافت بالقول وضمن كتابها (يقظة إيران) “…. طوال السنوات الماضية ومنذ اليوم الذي عزلت فيه من منصبي كقاضية وأنا أردد نفس المعزوفة: إن تفسير الإسلام بطريقة تنسجم مع المساواة والديمقراطية يشكل التعبير الحقيقي والسليم عن الإيمان، فليس الدين هو الذي يكبل النساء بقدر ما هي الأوامر الانتقالية لأولئك الذين يريدون إبقائهن معزولات عن العالم الخارجي….”.

من الزنزانة إلى نوبل

فبينما كان الحاضرون يتهامسون فيما بينهم لمعرفة أصول هذه المرأة المسلمة كان مزاج شيرين في الحضور يزداد استرخاء دون نسيانها للحظة التاريخية المنتظرة القادمة..، وأخذت تسير إلى المنصة في جو من الاسترخاء والثقة بالنفس وتبدأ باعتلاء المنبر وتسرد الكلمات الأولى من خطابها الذي ألقته باللغة الفارسية بهدوء تام حتى أمكن للجميع رؤية سبابتها وهي تتبع السطور من الصفوف العليا إلى السفلى وتبدأ بالقول: “….. حضرات أعضاء نوبل النرويجية الكرام… إن شرف هذه الجائزة سيكون له أثر إيجابي وعميق على المحاولات الإنسانية الحقيقية لشعوب إيران والمنطقة، وسيبلغ هذا الأثر كل محب للحرّية وساع إلى السلام رجلاً كان أم امرأة، إنني أعي مثلكم بأن هذا اليوم يصادف الذكرى الخامسة والخمسين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يبدأ بالاعتراف بالكرامة المتأصلة والحقوق المتساوية التي لا يمكن إنكارها لجميع بني البشر…، إنها ذاتها الحقوق التي تُنتهك في كثير من بقاع العالم وعلى رأسها فلسطين والعراق وأفغانستان التي قادت الولايات المتحدة الأمريكية عليها حربا ضروسا تحت مُسمّى الإرهاب الدولي الذي يذهب ضحيته المئات من الضحايا الأبرياء كل يوم…، يجب علينا أن نتحلّى بمسؤولياتنا تجاه إقرار وحماية حقوق الإنسان العالمية وأن نبتعد عن إيجاد المُبررات التي من شأنها أن تقيّد هذه الحرّيات والحقوق….، إن المخاوف تتعاظم حول انتهاك حقوق الإنسان التي تخترقها الديمقراطيات الغربية والدول التي شاركت في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان…”.

وأضافت بالقول “… إن الشعب الإيراني كغيره من شعوب المنطقة يناضل ضد النزاعات المتوالية بين التقليد والحداثة لأكثر من مئة عام رغم أن هناك العديدين ممّن يتشبثون بالتقاليد القديمة ويحاولون رؤية العالم بأعين أسلافهم دون إلحاق بركب التطوْر والحضارة…، إن حقوق الإنسان أيها السادة وإن لم تتجلى في قوانين منظمة وتوضع موضع التنفيذ والمسؤولية ستجعل المواطنين أمام خيار واحد ألا وهو الانتقال إلى الثورة ضد الاستبداد والقمع والظلم…، يجب علينا أن نحرّر القرن العشرين من دائرة العنف والإرهاب والحروب التي يعيشها وأخذ يتسّم بها وأن نتجنب تكرار ما حدث في الماضي ونسير فيه إلى فهم جميع حقوق الإنسان ووضعها قيد الممارسة بغض النظر عن العرق والجنس والمعتقد والجنسية أو الوضع الاجتماعي، وحتى ذلك اليوم أتمنى لكم التوفيق مع أمنياتي بتحقيق السلام والعدالة والديمقراطية وتثبيت دعائم حقوق الإنسان على هذه الأرض المُباركة……”.

بين الايجاب والسلب

كان خبر فوز شيرين عبادي بجائزة نوبل للسلام هو أول خبر سار في زمن صعب كما عبر عنه اتحاد الكتّاب الإيرانيين حيث أورد بيانه الذي صدر عقب فوزرها بالجائزة: “…بعد أعوام من استماعنا للأخبار المتعلقة بقتل وحبس وتهجير زملائنا من الكتّاب، سمعنا هذه المرة خبرا يبعث على السرور كثيرا، خبر طنّ في آذان العالم، خبر مشفوع بالشوق والحنان والفرح والتضحية، إن السيدة شيرين عبادي الكاتبة والمحامية الإيرانية المناضلة والناشطة والمثابرة من أجل حقوق الإنسان وحرية الرأي قد فازت بجائزة نوبل للسلام، إنه لخبر مُفرح في خضم توتر مُدمر يهز منطقة الشرق الأوسط ويضفي الغمامة على أفق حياة شعوب هذه البقعة من العالم ومستقبلها وفي خضم صراع بين جهتين: قوى عسكرية أجنبية غازية من جهة، وقوة قمعية ضاغطة لديكتاتوريات محلية من جهة ثانية، لكن مثل هذا المديح وهذا التفاوت صورة لم تبد واضحة على الدوائر السياسية الرسمية التي تجاهلت جرائدها ومحطات إذاعاتها تناول الخبر وذكره مُعتبرة إياه تدخلا من قبل الغرب في الشؤون الإيرانية، واستنادا إليهم ما كان لعبادي أن تنال جائزة نوبل لولا موافقة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبرها مصدر الشرور في العالم، وبالتالي تم اعتبارها أداة في يد الأجانب وخائنة ومسلمة عاصية…..”.

 أما شيرين عبادي فقد خرجت لتقول أمام حشد كبير كان في استقبالها بمطار مهرباد بطهران: “…إن الخوف هو حالة مثل غيرها كالجوع مثلا، إنه ينتاب المرء كثيرا لكنني تعلمت كيف أتعامل معه، إن كل من يناضل في سبيل حقوق الإنسان في إيران سيعيش الخوف، لكن ينبغي عليكم أن تتغلبوا على خوفكم، أن تمضوا نحو المستقبل بثبات وقوة وعزيمة، إن وجودكم هنا الآن يشكل لي أملا في المستقبل، إن هذه الجائزة ليست لي بقدر ما هي لجميع من يعملون في إيران لأجل حقوق الإنسان والديمقراطية واستمرار مهمتي في إخبار العالم بأن أبناء شعبي ينبذون الحرب والعنف ويطالبون بحقوقهم على نحو مسالم، ينبغي علينا الاستمرار بهذا النهج ……..”، وختمت قائلة: “… إنني أقول للعالم الذي منحني جائزة نوبل للسلام وأنا مسلمة أنتمي إلى بلد مسلم أننا شعب مسالم ننبذ العنف والإرهاب ونرغب في العيش بسلام مع الأديان الأخرى، كما أدعو السلطات الإيرانية إلى تحرير السجناء السياسيين حتى يعيش شعبنا مُوحدا وحرّا…”.

النضال السلمي وحده يجدي

يروي الكاتب الإيراني (فرج سر كوجي) الذي نال عدّة جوائز وتعرض بدوره للخطف على يد المخابرات الإيرانية بمطار طهران أبريل 1990 ووضع في السجن واصفا شيرين عبادي بالقول: “…كل من يعرف تلك المرأة قصيرة القامة يصفها بأنها شجاعة وذات صوت محترف، تمتلئ بالمثابرة والذكاء وتتحلى بالقوة والعزيمة، ولا شك أنها احتاجت إلى شجاعتها وقوتها في مواجهة رجال الدين ووصلت إلى ما وصلت إليه الآن، كانت تشعر مثلي وتخاف من القتل، لكنهم لم يستطيعوا قتلي وقتلها وقتل صوتها رغم وضعها لفترة قصيرة في زنزانتها الصغيرة المظلمة… لقد استطاعت شيرين عبادي أن تصل بحقوق الإنسان إلى المنصة الدولية، وينبغي أن لا ننسى بأنها لا تدافع عن قضيتها فقط وعن قضية شعبها بقدر ما تدافع عن قضايا المجتمع في أرجاء المعمورة وسارت في طريقها لتحمي حقوق الإنسان، وهي الطريق التي ستبقى طويلة أمامها وأمام المناضلين من أمثالها ليقتربوا من تحقيق أهدافهم ورسائلهم النبيلة لفرض الديمقراطية الحقيقية وإقرار العدالة الاجتماعية والمساواة في المجتمع بين الرجل والمرأة والغني والفقير، لن يكون هذا ممكنا دون خلع السلطة الحاكمة وديكتاتوريتها من خلال الشعب نفسه الذي عليه أن يثور ثورة أخرى لتحقيق مطالبه وحقوقه…. ثورة سلمية بعيدا عن العنف والدماء التي لا نحتاجها ولا نريدها بعد أن دفعنا من أجلها وقدمنا لها الكثير من الأرواح…”.

أما عبادي نفسها فتروي مسارها النضالي والجهود السلمية التي خاضتها لتحقيق المطالب الاجتماعية في إيران بعد تأكيدها على أن مثل هذه الجهود هي الفرصة الواقعية الوحيدة لإحداث التغيير، قائلة: “….ينبغي إتمام جميع الإصلاحات على نحو سلمي، فقد انتهى زمن الحقد والعنف، فالنضال يجب أن يتم داخل البلاد والمجتمع بعيدا عن أي تدخل أجنبي الذي سوف يؤدي إلى تفاقم الصراع لأجل الحرّية..”، رافضة بذلك وبشدّة جميع محاولات إدخالها المعترك السياسي بعد أن فضلت الإقامة بعاصمة الضباب لندن، وفي هذا الصدد تقول: “….أتمنى أن لا أصبح أبدا طرفا في الشجارات السياسية والصراعات على السلطة أو جزءا من الحكومة، فالمناضل لأجل حقوق الإنسان ينبغي عليه أن ينتقل ويقيم بين الشعب وأن يكون حياديا على الدوام، ولم أخض معركتي إلا لتحقيق دعائم هذه الحقوق والتي منحتني نوبل المزيد من الطاقة لأجلها ولمتابعة الطريق بمزيد من القوة والعزم، فأنا إنسانة متفائلة جدا وأعتقد بأن الأمور ستتحسّن قليلا يوما بعد يوم بمزيد من الصبر فقط….”.

محاولات وقناعات

وختمت كلماتها بالقول انطلاقا من قناعاتها ومواقفها التي التزمت بالاستمرار بها رغم إقامتها خارج إيران ورغم حصولها على جائزة نوبل للسلام: “….إن دعواتي وقناعاتي بإلغاء عقوبتي الرجم وقطع اليد في بلادي إيران سوف تشكل مؤشرا على إرساء الديمقراطية، كما أن تغيير سن الزواج للإناث حتى سن الخامسة عشر هو قرار أساسي كونه يمس بحرية وحياة الشعب وأمنه، إننا نؤمن بأن إيران لن تتطور ولن تتمكن من البقاء إلا إذا دعت سريعا إلى الإصلاحات الجذرية، والأهم هو أن يتم إصلاح قانون الانتخابات بالمصادقة على مشروع تعديل قانون الانتخابات حتى يتمكن الناس من انتخاب ممثليهم في البرلمان بحرية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال ضرورة الفصل بين الدين والسياسية لأن هناك عددا من (آيات الله) التي توافق على هذا التوجه…”، كما عارضت عبادي ومن خلال حملاتها المتوالية التهديدات والمضايقات الغربية على بلادها وكذلك التدخل السافر للقوة للدولة الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني: “…. إن حملتي لتعزيز حقوق الإنسان هي ذات وجوه متعددة وأتوجه بها إلى كل أنحاء العالم حيث الدول التي تحاول انتهاك ومضايقة بلادنا وشعبنا والتي لا نريدها حتما ولا نريد تدخلها بحجة حماية حقوق الإنسان التي تنتهكها بنفسها ولا زالت تنتهكها بحجة محاربة الإرهاب الذي صنعته بنفسها، فكيف لدول تريد التدخل في بلادنا بحجة حمايتنا وحماية حقوقنا تدعم (إسرائيل) التي تنتهك يوميا حق الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه ووطنه في ظلّ حالة من الصراع غير المتكافئ حيث السلاح والقوة والغطرسة التي تصب حممها ضد الأطفال والحجارة…. دعونا نميّز أخطاء الأفراد عن الحضارات الدينية التي ينتمون إليها، فإذا قام فرد أو مجموعة بارتكاب جريمة وتدعونها إرهابية فلا يجب أن نعتبر ذلك أن الإسلام هو دين الإرهاب وأن المقاومة إرهاب كذلك، دعونا نتذكر أن الأديان والحضارات لا تتصادم بقدر ما تتصادم المصالح الخاصة للأشخاص فقط، دعونا نتعايش بسلام معا لأن هناك الكثير من الخصائص المشتركة بيننا، دعونا نمتنع عن الترويج الأعمى للعنف والحرب ونحاول بدل ذلك إحلال السلم والسلام….”.

هكذا بقيت شيرين عبادي تردّد كلماتها بخصوص إقرار الحق والعدالة والديمقراطية والمحافظة على حقوق الإنسان والمرأة خاصة في مسقط رأسها إيران حسب ما أوردته في كتابها الشهير (يقظة إيران) الذي قالت فيه: “…. لقد تبيّن لنا  كيف أن النظام القديم أمر بأن تنزع النساء الحجاب عن وجوههن بالقوة، وكيف أن الحكومة الثورية الجديدة أمرت بأن ترتدي النساء الحجاب من جديد، فالممارسات التي يفترض بأنها ممارسات دينية وتضطهد النساء هي في الواقع جزء من تقاليد قبلية أبوية لا بد من القضاء عليها عبر الوسائل المختلفة التي تركز على تنمية النساء وتعليمهن في ظلّ الحياة المأساوية للمرأة وفي ظلّ المحاكم الدينية التي تعتبر أن قتل المرأة تعد نصف جريمة قياسا بقتل الرجل الذي تعدّ حينها جريمة كاملة، إن الديمقراطيات تتعثر وتتراجع حينما تحجب الحقوق القانونية لنصف العالم ألا وهو المرأة، وبالتالي يجب أن نسير نحو إقرار المساواة لها وإقرار حقوقها أينما وجدت وأينما حلت وارتحلت وليس فقط في بلدي ومسقط رأسي إيران…”.

 سلسلة من إعداد وتقديم: معادي أسعد صوالحة