منال بيدار.. شابة مغربية تتصدى للتصحر والجفاف وتعمل لرفع الوعي البيئي لدى الشباب

“أدركتُ أن هذه ليس مشكلة مؤقتة، بل ستكون أبدية إذا لم نجد حلولا لها”، هكذا وصفت الناشطة المغربية في مجال البيئة، منال بيدار قضية الجفاف والتصحر التي لا تواجه بلدها فحسب وإنما العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وصلت بيدار إلى هذه النتيجة وهي في سن 13 عاما عندما كانت تعكف على تنفيذ مشروع مدرسي يركز على قضايا البيئة، وعندها قررت أن تكون “ناشطة مناخية للحد من آثار تغير المناخ وأزمة الجفاف والتصحر في المغرب وفي العالم بأسره”، كما قالت في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة.
وعبر جهودها ونشاطها، اختيرت بيدار ابنة مدينة أغادير كواحدة من “أبطال الأرض”، وهي حملة تابعة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وتدعم الأفراد الشباب ومنظماتهم ذات التأثير الإيجابي في مكافحة التصحر وتدهور الأرض والجفاف.
وتهدف الحملة إلى إشراك الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما كعوامل تغيير من أجل الإدارة المستدامة للأراضي وتنفيذ الاتفاقية. ومن خلال مشاركة إنجازاتهم، يمكن لأولئك الشباب، ومنهم منال بيدار، أن يكونوا مصدر إلهام للتغيير، وتوحيد أقرانهم، وتوفير الإرشاد وإثبات القوة التحويلية للعمل الجماعي.

تهديد اقتصادي

وبحسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أدى الجفاف المستمر في المغرب إلى ارتفاع قياسي في درجات الحرارة وزيادة التبخر، مما أدى إلى انخفاض كبير في منسوب المياه في الخزانات الرئيسية مثل سد المسيرة.
ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن 93 بالمائة من الأراضي في المغرب هي أراضٍ جافة، لاسيما أن 19 بالمائة منها تعاني من تدهور شديد، وهو ما يتسبب في خسائر تقدر بـحوالي 117.5 مليون دولار سنويا.
وشددت الناشطة البيئية المغربية على أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني بشكل كبير من تأثير الجفاف والتصحر.
وأعطت مثالا عن التبعات الاقتصادية للجفاف والتصحر على قطاع الزراعة وخصوصا، شجرة الأركان التي يستخرج منها واحد من أندر الزيوت في العالم.
وتغطي أشجار الأركان الثمينة حوالي 800 ألف هكتار في أغادير. وتعتبر مهمة للاقتصاد والبيئة والتراث الثقافي للمدينة.

مبادرات عديدة

الإنجازات والمبادرات التي تساهم فيها الناشطة المغربية في مجال البيئة عديدة، فبعد أن سلكت طريق العمل البيئي، التحقت بمبادرة “الحكومة الموازية للشباب” التي تضم شبابا من المجتمع المدني في المغرب.
وقالت بيدار: “اقترحت تأسيس مبادرة أخرى داخل تلك المبادرة وهي الحكومات الجهوية للشباب”.


وتعمل تلك المبادرة على الربط بين صناع القرار داخل السلطات المحلية في بلدها بالشباب على صعيد كل ما يتعلق بالقضايا البيئية المختلفة، فضلا عن تمكين الشباب المحلي من خلال تزويدهم بما يحتاجونه من معارف وإشراكهم في المبادرات البيئية.
ومن المبادرات التي قادتها بيدار أيضا، “الشبكة الدولية للمياه والشباب، والتي تُعنى بكيفية مساهمة الشباب في السياسات البيئية المتعلقة بالمياه”.
وأوضحت بيدار كذلك أنها قادت حملات استراتيجية لتجمع الشباب التابع لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
وقالت إنها ساهمت من خلال تلك المبادرة في “بناء قدرات الشباب في العالم”، وتوضيح المشاكل البيئية بشكل مبسط لهم وخصوصا من لا يملكون المعرفة الكافية.

رسائل لمؤتمر الأطراف

تعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إحدى الاتفاقيات الثلاث الرئيسية المعروفة باسم اتفاقيات ريو – إلى جانب اتفاق باريس للمناخ واتفاقية التنوع البيولوجي.
وتزامنا مع الذكرى الثلاثين للاتفاقية، ينعقد مؤتمر الأطراف الـ 16 لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية.
وسيكون مؤتمر الأطراف السادس عشر حدثا تاريخيا لتسريع العمل بشأن مرونة الأراضي والجفاف، وسيغير قواعد التحول الأخضر في المملكة العربية السعودية والمنطقة وخارجها.
ومن بين الرسائل التي ترغب منال بيدار في حملها إلى المؤتمر الذي تعتزم المشاركة فيه، “أن يدعم السياسيون وصناع القرار الشباب. فنحن نشكل 60 في المائة من عدد سكان المنطقة، وهذا عدد كبير”.
وقالت إن الرسالة الأخرى هي “أن يستمع صناع القرار إلى الشباب ويدعموا مبادراتهم. فنحن لسنا المستقبل فقط، ولكننا الحاضر أيضا”، مشيرة إلى أنه في كثير من الأحيان يصعب على أولئك الشباب إيصال أصواتهم.
وأكدت أن الشباب قادرون بما لديهم من إمكانات وطاقة ومعرفة اكتسبوها عبر المبادرات التي يقومون بها ومشاركتهم في المجتمع المدني، على المساهمة في التصدي للجفاف والتصحر وغيرها من القضايا البيئية الأخرى.
جدير بالذكر أن تدهور الأراضي في العالم يهدد الأمن الغذائي ويزيد من مخاطر الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات، حيث يفقد العالم كل ثانية ما يعادل أربعة ملاعب كرة قدم من الأراضي الصحية، أي ما يساوي 100 مليون هكتار سنويا. كما تعتبر ظاهرة التصحر والجفاف من أهم أسباب الهجرة القسرية، حيث يتعرض عشرات الملايين من الأشخاص لخطر النزوح كل عام.

<خالد هريدي –

أخبار الأمم المتحدة

Top