واصل منتدى حقوق الإنسان السابع، المنظم في موضوع “حتمية المساواة”، في إطار الدورة الواحدة والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة (21-22-23 يونيو الجاري) أشغاله، السبت الماضي بمناقشة الدينامية التي تعرفها العديد من المجتمعات في مجال المساواة بين الجنسين وتمكين حقوق النساء من جهة، وكذا السبل الكفيلة بإصلاح الخلل وتقويم الاعوجاجات.
ففي الجلسة الأولى لهذا المنتدى المنظم، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تحدثت الوزيرة الفرنسية السابقة مريم الخمري عن المبادرات التي تم القيام بها في فرنسا من أجل النهوض بحقوق النساء، ومن ضمنها عقود الثقة بعدم الاعتقال والطرد بالنسبة للنساء المعنفات والمدمنات والمعرضات للتحرش والاغتصاب والاتجار بالبشر، مشيرة إلى أنها شاركت في تشخيص مسرحية جريئة رفقة وزيرات أخريات من أجل التحسيس بقضايا هؤلاء النسوة.
وأبرزت أمينة نياندو، الصحافية والخبيرة في مجال النوع والإعلام والمسؤولة عن خلية التواصل بالجمعية الوطنية للنيجر، أن الجهود التي يتم القيام بها في بلدها من أجل تغيير الأحكام المسبقة عن المرأة تتم مواجهتها إعلاميا بدراسات وحملات توعية ما حفز على وضع ميثاق لتحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام وإنشاء مرصد المرأة ووسائل الإعلام وتوقيع اتفاقيات تعاون لوضع برامج وصفحات وأوقات محددة سلفا بأسعار تفضيلية للنساء في الحملات الانتخابية على سبيل المثال وتثمين عملهن.
وقدمت السيدة رقية بلوط، الإطار السابق بوزارة المالية والنائبة الجماعية إلى جانب نساء أخريات حاليا، شهادة حول قضية نساء أ راضي الجموع (السلاليات) الفلاحية أو الرعوية في إطار حركة المطالبة بتغيير القوانين العرفية (1919) والتي كرسها الاستعمار الفرنسي باعتبارها أعرافا، موضحة التغيير الذي حصل بفضل تضافر الإرادات إلى غاية صدور دورية سنة 2012 تعترف لهؤلاء النسوة بحقوقهن.
وتقاسمت السيدة حياة لحبايلي، رئيسة جمعية بدائل مواطنة والمنسقة الوطنية لمجموعة عمل الجمعيات من أجل الميزانية القائمة على النوع – المغرب، تجربتين رائدتين لمكونات الحركة النسائية تتمثلان في تشجيع المشاركة السياسية للنساء والولوج إلى مراكز القرار، وكذا تأهيل النساء من أجل الولوج إلى الفضاء العام برمته، معتبرة أن وجود نساء في جماعة قروية صغيرة يحدث تغييرا مجتمعيا غير مرئي ولكنه لا يستهان به.
وفي الجلسة الثانية التي تناولت سبل الإصلاح، دعت السيدة غيثة لحلو، مديرة المدرسة المركزية بالدار البيضاء، النخب إلى الاضطلاع بمسؤولياتها في إطلاق مشاريع جريئة تخلخل الأسس العتيقة، وتسهم في تغيير المفاهيم الموروثة، خاصة أن الدراسات تثبت أن نسبة لا بأس بها من المواطنين على استعداد للتحاور والإنصات.
أما مباركة بوعيدة كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، فقد أكدت على توفر الإرادة السياسية في الإصلاح، وعلى كون التغيير يبدأ مما هو بيداغوجي أولا من خلال مكافحة الهشاشة والفقر مشددة على أن الاشتغال في المجتمع المدني وفي السياسة ضروريان للنهوض بقضية المرأة والمساواة ومكافحة التمييز ضدها.
وشددت بوعيدة، نائبة رئيس منتدى البرلمانيين الدوليين من أجل الديموقراطية، على أهمية التكوين ومواكبة الأحزاب وتأطيرها معربة عن اعتقادها بأنه لا فائدة كبرى ترجى من العمل على المستوى الوطني إذا لم ينعكس ذلك على المستوى المحلي.
وقدمت ليلى الرحيوي، ممثلة مكتب الأمم المتحدة للمرأة بالمنطقة المغاربية، خمس حتميات للمساواة بين الجنسين تتمثل في الإطار المعياري (أولوية المعايير الدولية على المعايير المحلية)، وحتمية المشاركة (مشاركة جميع القطاعات المؤسساتية والمجتمع المدني)، وإرساء نظام عدالة شفاف ومستقل وسهل الولوج، وإصلاح ثقافي يسهل تواصل المواطنين في ما بينهم، وميزانية كافية ومحايدة.
يشار إلى أن المفكر محمد علي بنمخلوف، أستاذ الفلسفة بجامعة باريس وعضو المعهد الجامعي الفرنسي، قدم عرضا تركيبيا مسهبا لأشغال المنتدى ولمجموع المداخلات التي ألقيت على مدى يومين، مشيرا بالخصوص إلى أن حقوق المرأة، مرآة المجتمع الحقيقية، تنتزع ولا تعطى، وإلى أن نظام الكوطا آلية تحتاج إلى إجراءات مواكبة لها .
وقسم بنمخلوف الاعتداءات التي تطال النساء بالخصوص إلى اعتداءات مصغرة (ميكرو) من قبيل الاعتداءات اللفظية واعتداءات كبيرة (ماكرو)، وإلى العنف المفاهيمي من قبيل الاعتقاد أن النساء، والرجال أيضا، شريحة مجتمعية، مشددا على التفكير في علاقة ما هو خاص بما هو عام وسياسي أيضا، وعلى الحوار العمومي وأرشفة إعلام النساء على غرار ما فعلت الباحثة السوسيولوجية الأمريكية الراحلة أنيستون بيكر في كتابها “أصوات مقاومة”.
وفي الختام، أعلن إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن إسدال الستارعلى أشغال المنتدى السابع لحقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، معلنا أن دورته القادمة ستتمحورحول التربية والتعليم.
منتدى حقوق الإنسان “حتمية المساواة” لمهرجان كناوة 21 بالصويرة.. دينامية المجتمعات وسبل الإصلاح

الوسوم