> إعداد: عبد السلام دخان
اتسمت المحاضرة التي قدمها الأكاديمي محمد أبطوي (أستاذ تاريخ وفلسفة العلوم، جامعة محمد الخامس بالرباط) بمسرح دار الثقافة بالقصر الكبير مؤخرا بالعلمية والدقة، وهي المحاضرة المنظمة من لدن رابطة الإبداع الثقافي بالقصر الكبير وموسومة ب”تاريخ العلوم: المبحث الأكاديمي ومنهجيته وبعض نتائجه الكبرى”.
اللقاء الذي أداره الأستاذ محمد الفاهم اتسم بالكلمة الدالة التي قدمها الباحث نور الدين البكرواي الذي رصد بعض منعطفات تاريخ العلوم وإشكالاته وقدرته على الانفتاح على مختلف العلوم سواء منها الحقة أو الإنسانية. وقدم في الآن نفسه الأستاذ محمد أبطوي المتوج إلى جانب الباحث سليم حسني بجائزة الملك عبد الله للترجمة في مجال “العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى” عن ترجمتهما إلى اللغة الإنجليزية لكتابهما “متن المظفر الإسفزاري في علمي الأثقال والحيل .. تحقيق نقدي ودراسة تاريخية لنصوص جديدة في تقليد الميكانيكا العربية” تصورا لتاريخ العلوم من خلال استعراض بعض نتائجه الكبرى التي تبين بصفة ملموسة طريقة اشتغال مؤرخي العلم. ومن بين الأسئلة التي أجاب عليها بدقة: ما هو تاريخ العلوم؟ ما هو ميدان الدراسة الذي ينصب عليه؟ ما هي منهجيته العامة؟ ما طبيعة علاقته بفلسفة العلوم؟ ما هي بعض أبرز نتائجه؟
وذلك أن هذه المحاضرة كانت تهدف بالأساس إلى الاستعانة بتاريخ العلوم كمدخل للتذكير بقيم البحث الأكاديمي من جدية في البحث، وصرامة في المنهج ورصانة في الأحكام، والتجديد في الرؤى والمواضيع. مما سمح بالتفكير حول تاريخ العلوم، وحول هذا المبحث الهام في الخطاب النقدي، و حول العلم للتعريف به وتوضيح مراميه، في سياق حملة من التوعية والترويج تهدف في نهاية المطاف إلى خلق مدرسة مغربية في تاريخ العلوم.
وأكد الباحث محمد ابطوي على أهمية تاريخ العلوم (history of science) بوصفه مبحثا أساسيا من المباحث التي تروم انتاج خطاب نقدي حول العلم مثل فلسفة العلوم وسوسيولوجيا العلوم، ويهدف إلى دراسة البعد التاريخي للمعرفة العلمية في ميادين العلوم الدقيقة. ويعرف هذا المبحث- تبعا لتصور محمد أبطوي- تطورا كبيرا ولا تخلو كل جامعة هامة في مشارق الأرض ومغاربها من شعبة لتاريخ العلوم، كما أن مؤسسات البحث العلمي حول العالم تحتوي كلها على فرق بحث في تاريخ العلوم. وتعود أهمية هذا المبحث الأكاديمي إلى دوره في الإعلاء من شأن العوامل التاريخية في نشأة وتطور المفاهيم والنظريات العلمية. ومن أجل استحضار البعد التاريخي للمعرفة العلمية، يعتمد مؤرخو العلوم على منهجية شديدة الدقة تجمع بين المعطيات التاريخية والتحليل النظري والمفاهيمي والتأويل الفكري والفلسفي. وبسبب دقته وتشعّب مراميه، يثير تاريخ العلوم اهتماما شديدا في أوساط الدراسات الأكاديمية، والكلاسيكية منها خاصة، ويعدّ رافعة أساسية لنشر الثقافة العلمية في الأوساط التربوية والثقافية وفي وسائل الإعلام.
وساهمت هذه المحاضرة في إعطاء لمحة مركّزة حول تاريخ العلوم ومختلف مباحثه وذكر بعض نتائجه الهامة، بقصد تقريب هذا المبحث الأكاديمي إلى الجمهور المثقف ببلادنا، في إطار سعي أوسع يرمي إلى خلق مدرسة مغربية في تاريخ العلوم. كما قدم الباحث بعض نتائج البحث التي توصل إليها مؤرخو العلوم وضمنها بعض النتائج التي حصّلها المحاضر من خلال أبحاثه في تاريخ العلوم العربية والغربية طيلة مدة تناهز ربع قرن والمنشورة في كتب ومقالات بالعربية والفرنسية والإنجليزية في المغرب وبالخارج.
واستند المحاضر محمد أبطوي في محاضرته إلى عرض بيانات بالاعتماد على برنامج Power Point لتقديم صور ونماذج من كتب تاريخ العلوم والمخطوطات العلمية وصور بعض العلماء ومجموعة من الصيغ العلمية المشهورة في تاريخ العلوم.
منهجية تاريخ العلوم وبعض نتائجه الكبرى
الوسوم