مهرجان كناوة موسيقى العالم في نسخته الـ 19

تنعقد الدورة 19 من مهرجان كناوة موسيقى العالم من 12 إلى 15 ماي 2016 بالصويرة، وستشكل مناسبة للاحتفاء برواد وكبار رجالات هذا الفن الذين كان لهم الفضل في إرساء أسس فن كناوة كما ستمثل هذه التظاهرة فرصة لإبراز مواهب شابة من الجيل الصاعد. وعلى غرار الدورات السابقة، سيعرف المهرجان تنظيم وصلات للمزج الموسيقي فيزيون وإقامات فنية علاوة على برمجة متميزة وكذا تنظيم منتدى حقوق الإنسان الذي أضحى موعدا أساسيا للمهرجان، وهي مواعيد مفتوحة في وجه العموم..
وحسب المنظمين، يعود مهرجان كناوة موسيقى العالم أكثر قوة وتألقا هذه السنة من ذي قبل، فمهرجان مدينة الرياح سيشكل  هذه الدورة مناسبة لتكريم رواد هذا الفن وأبناء المدينة الموهوبين والذين غادروها في سن مبكرة، على غرار محمود غينيا. كما سيتم تكريم دودو ندياي روز، الفنان الذي لازال صدى طبله يتردد في سماء الصويرة منذ أول مشاركة له في هذا المهرجان منذ خمسة عشر سنة خلت حينما أقام أول حفل له بالمغرب.
وسيختتم المهرجان بحفل تكريمي للراحل الطيب الصديقي الذي عايش وساهم في ميلاد مجموعات أحدثت ثورة في تاريخ الموسيقى المغربية
سنوات السبعينات على غرار ناس الغيوان ولمشاهب وجيل جيلالة. وسيسير هذا الحفل محمد الدرهم، أحد مؤسسي إحدى هذه المجموعات
الأسطورية، والذي سينضم إليه كل من نبيل الخالدي وعمر السيد والمعلم مصطفى باقبو.

> كيف واكبتم تطور المهرجان؟ وهل كنتم تتوقعون هذا النجاح قبل عشرين عاما؟
< قال عالم فرنسي بأن «التطور مرتبط بالحدث. الحدث يصنع التطور والحدث يصنع التحول ». كنا نؤمن بأنها فكرة قوية ولو أن ثلة قليلة من أصحاب القرار من وضعوا ثقتهم في المشروع في بدايته. ولنبدي جدية المشروع، كان علينا أن
نبذل جهودا مضنية وأن نعمل على جذب اهتمام وسائل الإعلام المغربية والأجنبية وإبراز التأثير الاقتصادي وأخيرا ضمان الإقبال الشعبي.
يبدو أننا سبقنا عصرنا، لكن لا يهم. فنحن نصبو إلى أن نكون فاعلين في التغيير وننخرط في مشروع مستدام ونحقق نتائج ملموسة ونؤمن بأفكارنا وبلدنا وبالمستقبل.
> ما هي الأسباب التي حالت دون وضع الثقة في هذا المشروع الثقافي؟
> لأن الأمر يتعلق بالصويرة، المدينة المنسية، وكناوة، الفن الذي كانت تروج عنه صورة مختزلة. لاسيما أنه لطالما ظل
العمل الثقافي بعيدا عن كونه رافعة حقيقية للتنمية. فالثقافة هي «قوة ناعمة » تساهم في بلورة معالم بيئة ملائمة لتحقيق عدة أهداف.
واليوم، برهنا على أن الثقافة يمكن أن تشكل رافعة للسياسات الحضرية ولإعادة ترتيب المجالات الترابية.
الثقافة مشروع سياسي حقيقي!  يتعين دمجها بشكل عميق وشمولي. كما تضطلع الثقافة بدور مهم في التعليم والسياحة والدبلوماسية والتواصل.
> بعد مرور 19 عاما، هل أضحى تنظيم هذا الحدث أصعب أم أسهل؟
< أعود إلى سؤالكم الأول لأقول بأن تحقيق التطور يستوجب السعي لإنجاز شيء لم يتم تحقيقه من قبل. ذلك هو النهج
الذي نتبعه في تدبير وتصور هذا المهرجان. إذ نهمل على أن تكون كل نسخة من المهرجان أقوى من سابقتها مع الاحتفاظ بقدرتنا على مفاجأة الجمهور وإثارة فضوله حتى نكسب وفاءه. فنحن نسعى لتأسيس عمل مستدام.
ولأجيب على سؤالكم، أقول أن تنظيم هذا المهرجان لم يعد أصعب، لكنه ليس أسهل أيضا إذ نتقدم في بعض الجوانب ونتراجع في أخرى. نحن متفائلون لأننا أنجزنا المهم هذه السنة من خلال انخراط المجلس البلدي للمدينة ومشاركة أقوى لجميع الفاعلين المعنيين: المدينة والجهة ومجلس العمالة والمجلس الإقليمي للسياحة.
ولأول مرة وقعت المدينة اتفاقية تمتد على ثلاث سنوات مع وكالة  A3 Communication .  وبصفتنا المنتج، سيمنحنا ذلك إطار عمل وفرصة للانخراط في رؤية بعيدة المدى. ولضمان استدامة وجودة مهرجان بهذا الحجم، من المهم إشراك جميع المعنيين. إنه عمل يتطلب استثمارات هامة ومهنية وتخطيطا جادا. وقد مكننا إطار العمل هذا من توقيع اتفاقية تمتد على ثلاث سنوات مع شركاء رئيسيين مثل اتصالات المغرب والمكتب الشريف للفوسفاط وأولماس للمياه المعدنية. آمل أن نتمكن من القيام بذلك مع جميع شركائنا مهما بلغ حجم مساهمتهم. لا يزال الكثير من الناس يعتقدون بأن الثقافة شيء بسيط وسهل ويمكن الارتجال فيه… بينما لابد من توفر الرؤية والتدبير المبكر للأمور إذا أردنا تحقيق عمل نوعي. لقد واجهنا تحديا كبيرا في البداية تمثل في ضعف الإمكانيات والحضور الكبير للجمهور.
حاولنا تجاوز هذا العائق من خلال رفع الجودة وتقليص عدد الحضور. وصدقوني لم يكن الأمر يسيرا بتاتا. ويتمثل تحدينا التالي في إدراج المهرجان ضمن التراث العالمي لليونيسكو.
> ما مدى أهمية مكانة إفريقيا في هذا المهرجان؟
< دافعنا دوما عن الجذور الإفريقية للمغرب من خلال هذه الثقافة. قبل عشرين عاما، لم نؤخذ على محمل الجد ولم تكن كلمات كناوة والصويرة وأفريقيا تحدث أي صدى. أما اليوم، فجاءت الأحداث لتؤكد معنى ما نقوم به. وهذا ما جعلنا نخصص هذه النسخة لمنتدانا الذي ننظمه بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لإفريقيا وذلك للسنة الثالثة على التوالي.
إنه أكثر من مهرجان لاستعراض الموسيقى… إنه مهرجان لخلق الموسيقى…
هذا المهرجان هو بمثابة مختبر حقيقي للمزج الموسيقي ونحن متشبثون بمواصلة هذا النهج. كما نعمل على حماية هذه الخصوصية والأصالة التي تميز هذا المهرجان وتمنحه معنى ومصداقية. فنجوم المهرجان هم «كناوة » بالدرجة الأولى.
> خسر فن كناوة أحد نجومه هذه السنة. كيف يمكن تنظيم المهرجان دون محمود غينيا؟
< سيكون الأمر صعبا علينا وعلى عائلته والجمهور. لقد كان محمود الأب الروحي للمهرجان وأيقونة فن كناوة ووجها
بارزا لمدينة الصويرة. كان محمود يجلب جمهورا غفيرا وله مكانة مميزة في المهرجان حيث كان يحظى ببرمجة خاصة.
المحافظة على التراث أصبحت ضرورة قصوى… ويتعين على الجميع أن يعيها وأن تتضافر كل الجهود في هذا الاتجاه.
يتعين على جميع الأطراف أن تعي بها وأن تتظافر الجهود في هذا الاتجاه.

***

الصويرة ومهرجان كناوة وموسيقى العالم

قبل 19 سنة، كانت انطلاقة مهرجان طمح إلى أن يكون الناطق الرسمي و المحافظ على التقليد و الذاكرة والموسيقى الكناوية. وقبل 19 سنة، أعطى فريق شغوف يحمل أفكارا شبه طوباوية، انطلاقة حدث مائة في المائة صويري ومغربي و إفريقي خاصة. وقبل 19 سنة، بدأ «مْعلمو كناوة » مرحلة جديدة في حياتهم، مرحلة ذات بعد دولي أكيد.
 قبل 19 سنة، قام مهرجان كناوة وموسيقى العالم بأولى خطواته في الصويرة، وكله أمل أن يستقطب أكبر عدد من الجمهور. و في ظرف 19 سنة، أثبت هذا الموعد الفريد من نوعه أنه، بالفعل، من المواعيد المهمة في الساحة الوطنية والدولية. و هذه نبدة عن هذه الدورة المخصصة للحكمة، والذاكرة والشباب.

الصويرة، منبع موسيقى كناوة

نشأ مهرجان كناوة وموسيقى العالم من فكرة جنونية تهم خلق موعد سنوي مجاني للموسيقى الشعبية، تكون فيه موسيقي كناوة النجم الذي يأتي العالم للاستمتاع به! وهي فكرة انطلقت في 1998 ، كنوع من المجازفة، أخذت مسارا طويلا منذ ذلك الحين. و باعتماده على قيم الحرية وحسن الضيافة والأخوة و الكونية ، استطاع المهرجان أن يحيي الذاكرة، و التراث و الموسيقي الكناوية التي تتقادف صداها أسوار الصويرة، وكذا في عدد من المدن الأخرى. وهكذا، استعادت المدينة نشاطها و قوتها و سحرها بفعل المهرجان، حيث جلب إليها عددا كبيرا من الزوار من داخل المغرب و خارجه. إنها تسحر الموسيقيين وعشاق الموسيقى، ليجد الكل نفسه في الصويرة مع مهرجان رفيع المستوى. بالإضافة إلى كون هذه التظاهرة توحد الجميع حول الموسيقى، فهي أعطت للمعلمين مكانتهم الحقيقية ضمن الفنانين. و خلال بضع سنوات، أصبح أسياد هذا التراث الإفريقي أيقونات حقيقية تثير غبطة موسيقى العالم.

مهرجان في قلب إفريقيا
وبقلب إفريقي

هذه المدينة، التي سميت في الماضي «ميناء تومبوكتو » احتضنت مهرجانا رائدا أبرز قوة إفريقيا. واليوم، حيث المغرب يتوجه أكثر إلى إفريقيا، فإن مهرجان كناوة يساهم في السياسة الاقتصادية للبلاد. وبالإضافة إلى البرمجة الإفريقية، التي تأتي بنجوم من إفريقيا كل سنة و تتيح المزج والإقامات الموسيقية، أنشأ المهرجان منتدى المواطن، الذي ينظم بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الانسان، لمناقشة أكبر القضايا ولتبادل الأفكار وتحقيق التقدم. ويعد المهرجان أيضا مأوى للجاز، تلك الموسيقى ذات الجدور الإفريقية. لقد عرف المهرجان كيف يستقطب نجوم عالميين وأسماء وازنة في عالم الجاز الذين عشقوا «الكمبري ،»
وموسيقى كناوة. وهكذا عاد الفنان الكبير «ماركوس ميللر »، عازف آلة «الباص »، حاملا معه «الكمبري » و مستلهما من موسيقى كناوة التي أصبح يعيد استعمالها في حفلاته، أو خلال تسجيلاته في الاستوديو. ومن «ديديي لوكوود » إلى «آيو »، مرورا ب « ابراهيم معلوف »، و «ماسيو باركر »، أو أيضا «ريشارد بونا » وغيرهم… يتوافد على المهرجان الموسيقيون العالميون، بعضهم أحس بسحر الموسيقى بمجرد أن وطأت قدماه حلبة المهرجان، وبعضهم الآخر أحس بانطباع خاص لحظة حفل ما، فيما شكل للأغلبية شغفا دائما.

الشباب قبل كل شيء

بقدر ما يتركز تفكير المهرجان حول الموسيقى و ذاكرتها و تقاليدها و رواد كناوة و وزنهم، فإنه يهتم بالشباب و طاقاته الإبداعية. فمن أجل جمهور شاب حاضر باستمرار ، تم التفكير في الموسيقى من أجل هذه الأجيال الجديدة، لضمان استمرارية هذا التراث ونقله عبر الأجيال وهذا النقل شكل حافزا دائما للمهرجان. إن المهرجان من خلال إحداثه لمدرسة و تيار حقيقيين و يتطوران باستمرار وردوا الإعتبار ل «معلمي » كناوة أعاد الثقة لهذه الموسيقى التي تبناها أخيرا الشباب وتماها معها.
وتتميز هذه السنة أيضا بإنشاء آلية لتمكين « 3 معلمين » من ولوج الخشبة في إقامة فنية محلية، من صنع الصويرة، تحتإشراف عبد السلام عليكان، سترفع الستار عن مواهب جديدة، ثم مشروع « مبادرة أولاد موكادور للموسيقى أوما »، حيث ينهل الإبداع من الصويرة.

الدورة 19 حافلة بالحكمة

إن المهرجان الذي خلد ميلاده 18 في جو احتفالي كبير، السنة الماضية، أصبح يحقق النجاح على أكثر من صعيد. فبعد عصر العقل يأتي عصر الوعي. إذ ستفتتح هذه الدورة بتكريم أحد المعلمين الذين ساهموا في صنع الصورة التي اكتسبها المهرجان اليوم، وهو الراحل «لمعلم محمود غينيا ». كما سيكرم أيضا الفنان الكبير «دودو نداي روز »، ساحر الطبل السينغالي، الذي توفي في نفس السنة. وهو تكريم سيقوم به أطفال الراحلين الذين تعهدوا بحمل المشعل.  وما بين المزج والإقامات الفنية، ستتم المحافظة على المواعيد الرئيسية للمهرجان . وستكون إفريقيا حاضرة، بل ستكون قاطرة المهرجان بأسماء تشرف عالم الموسيقى .فبعد كل هؤلاء النجوم العالميين الذين ولجوها، تواصل منصة مولاي الحسن تألقها مع «راندي ويستون »، و »جمال الدين تاكوما»، و «كريستيان سكوت »، و «الثلاثي جيف بلارد »، و «حسن حكمون ». أما «بليتز ذي أمباسادور » سيمثل «الهيب هوب فانكي وجازي » من غانا، ممزوجا بإيقاعات النيويوركية، فيما ستأتي «سونغوي بلوز » بالطاقة الموسيقية لِالي، قبل أن تقوم فتيات برشلونة من فرقة « لاس ميغاس » بسحر الجمهور، و تبدع فرقة هوبا هوبا سبيريت المغربية بنشر عدوى طاقتها البديعة. و الحفلات تقام بساحة مولاي الحسن إلى الشاطئ مرورا بالحفلات الحميمية المسائية بدار لوبان. و ستتخلل أيام المهرجان «شجرة الكلام » و «منتدى المواطن » المنظم بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان. إلى جانب برنامج موسيقي موجه لتبادل المعارف، سيتوج بتكريم الفنان الراحل الطيب الصديقي وبتنظيم معرض الفنان حسن حجاج.
إذن تستعد الصويرة لاستقبال جمهورها الوفي بحفلات في الهواء الطلق، مجانية ومفتوحة للجميع.

Related posts

Top