مواصلة عملية إيواء الأشخاص في وضعية الشارع خلال حالة الطوارئ الصحية

في إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوضع الطارئ المرتبط بالحد ومنع انتشار فيروس كورونا المستجد، تم إطلاق وتنزيل المبادرة الوطنية لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع، حيث سجلت لأول مرة مبادرة غير مسبوقة من هذا الحجم والتي تم في إطارها تخصيص فضاءات معينة، مثل القاعات المغطاة أو فضاءات بعض مراكز ومؤسسات الإيواء الموجودة على مستوى عدد من المدن، من بينها مدن وجدة، انزكان، أكادير، طنجة، الدار البيضاء، الرباط، القنيطرة، وزان…. ، والتي تم تأهيلها بشكل يلائم الظرفية لتتمكن من استقبال آلاف الأشخاص الذين كانوا في وضعية الشارع، عبر تجهيزها بالأسرة والأغطية ومستلزمات إعداد الوجبات.
هذه المبادرة الأولى من نوعها من هذا الحجم، والتي تعد محصلة عمل جماعي حيث يتم تنزيلها بمبادرة من وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة وبتعاون تام مع وزارة الداخلية من خلال الولاة والعمال بالجهات الإثنى عشر ومختلف أقاليم المملكة، وبتنسيق وتشارك مع منظمات المجتمع المدني، (هذه المبادرة) مكنت من إيواء أكثر من ثلاثة آلاف و500 مائة شخص وإرجاع ما يفوق من 260 آخر إلى أسرهم.
عن مضمون هذه المبادرة، والمقاربة المعتمدة في تنزيلها والآفاق المستقبلية بشأنها، تقدم جريدة بيان اليوم، في الصفحة الثالثة من هذا العدد، بعضا من ملامح المبادرة من خلال المسؤولين عنها.

هل سيتم الاستمرار في تنزيل هذه المقاربة ما بعد كورونا

يبدو أن مبادرة إيواء الأشخاص في وضعية الشارع، التي تم تنزيلها بعدد من المدن، باتت محورا لمطلب رفعه عدد من الفاعلين المنتمين للمجتمع المدني والتعاون الوطني، بالإبقاء عليها واستمرارها بالاحتفاظ بهؤلاء الأشخاص ومواكبتهم من أجل إعادة إدماجهم في النسيج الاجتماعي، حيث سجلت في هذا الصدد مبادرة السادة عمال بعض الأقاليم بالاستجابة لهذا المقترح، والاتجاه إلى إقرار منظومة متكاملة للإبقاء على المبادرة، بعد انتهاء حالة الحجر الصحي الإلزامي، بحيث لا يعود بعد هذه الفترة اي فرد من هؤلاء إلى حياة الشارع.
وأفاد محمد الفرحي، أحد أطر مؤسسة التعاون الوطني بمدينة وزان، مكلف بالجانب الاجتماعي، في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة بيان اليوم، أن الاقتراح الذي يرفعه المتطوعون الذين ينشطون داخل هيئات المجتمع المدني، يطرح تدبير عملية الإيواء لهذه الفئة وفق مقاربة جديدة تحرص على العمل لإعادة هؤلاء الأشخاص، الأصحاء منهم إلى الحياة العادية وإدماجهم في النسيج الاجتماعي وإحالة المرضى العقليين على البنيات الاستشفائية المكلفة بهذا النوع من العلاجات.
وأوضح أن هذه المقاربة في بعض المدن خاصة التي جاءت بطلب من الفاعلين والمتطوعين المنتمين للمجتمع المدني والتي انخرطت في تنفيذ المبادرة الوطنية لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع والتي تعد الأولى من نوعها بهذا الحجم، حيث شملت عددا من المدن، يتم تنزيلها بتنسيق بين مؤسسة التعاون الوطني  والسلطات المحلية والجماعات الترابية وجمعيات المجتمع المدني الشريكة، إذ مكنت لحدود يوم من إيواء أكثر من ثلاثة آلاف شخص وذلك منذ الشروع في تنفيذ الإجراءات المصاحبة لحالة الحجر الصحي الإلزامي التي اتخذت للحيلولة دون انتشار وباء فيروس كورونا المستجد.
وقال محمد الفرحي، وهو أحد المتطوعين في تأطير تنزيل هذه العملية بالمدينة التي تشهد في الأيام العادية وجود أعداد من الأشخاص في وضعية الشارع، بينهم أفراد يعانون أمراض نفسية وبعضهم مصابون بأمراض عقلية، (قال) في رد على سؤال لجريدة بيان اليوم حول مضمون المبادرة، على أن الأمر يرتبط بمبادرة تم إطلاقها بارتباط بتنزيل الإجراءات الاحترازية لحماية فئة الأشخاص في وضعية الشارع من خطر تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث تميزت العملية بانخراط كبير لمختلف الفاعلين المعنيين، والذي أبدوا روحا تضامنية وتكافلية عالية تجسد القيم  المغربية الأصيلة .
وأوضح أنه على مستوى مدينة وزان “تمر العملية بشكل جيد، ويشارك في تنزيلها ميدانيا عدد من المتطوعين المنتمين للمجتمع المدني، وتحظى بتتبع من عامل إقليم وزان بشكل شخصي، مهدي شلبي، كما تحظى بدعم عدد من المؤسسات والمقاولات محليا ، والتي تزود القائمين على تدبير المبادرة بالحاجيات الضرورية ، خاصة على مستوى إطعام هؤلاء الأشخاص، ومواد النظافة والوقاية ، مستطردا بالقول” رغم ان الأيام الاولى كانت صعبة ،وهذا امر عادي ومتوقع بالنظر للأوضاع النفسية وكذا الهشاشة الحادة التي تعاني منها هذه الفئة”.
وأشار، مجددا التأكيد على أن العملية تمر بشكل سلس وبمواكبة وتنسيق حثيث من السلطات المحلية، حيث حضي مقر الحجر الصحي الالزامي لهذه الفئة من الاشخاص بزيارة عامل إقليم وزان، مهدي شلبي،الذي وقف على كيفية سير العملية وتنزيلها كمبادرة وطنية تترجم احتضان الوطن لجميع أبنائه خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة”.
وكشف المتحدث في سؤال لبيان اليوم بخصوص الأصوات التي ارتفعت من داخل الفاعلين المدنيين للإبقاء على هذه المبادرة وجعلها دائمة طول السنة ،بالقول “على أن عامل إقليم وزان أبدى موافقته الأولية للالتماس الذي تقدم به الفاعلون المنتمون سواء للتعاون الوطني او المتطوعون المنتمون للمجتمع المدني،المشاركون في تنفيذ هذه المبادرة في الميدان، بالإبقاء والاستمرار في هذا العمل بالاحتفاظ بصفة دائمة بهؤلاء الاشخاص الذين كانوا يعيشون في وضعية الشارع،ومواكبتهم من أجل إعادة إدماجهم في النسيج الاجتماعي”.
وبشأن يوميات الحجر، أفاد الفرحي، أن “البداية شهدت نشوب نزاعات لكن مع مرور الأيام تمكنا من تذويبها وخلق جو مغاير بإطلاق جلسات جماعية للاستماع للأشخاص في وضعية الشارع ، واستثمار نقط القوة لدى كل مقيم لخلق الروح الجماعية ، وانتقلنا بعدها لمرحلة التنشيط الاجتماعي ودفع الاشخاص في وضعية الشارع إلى التعبير عن أنفسهم “
وأضاف المتحدث، على أنه طبقا للتعليمات التي أعلنت عنها السلطات العمومية، فإنه يتم الحرص على الوقاية داخل هذا الفضاء الرعاية حيث يتم إجراء عمليات تطهير وتعقيم لكل الفضاء، كما يتم الحرص على توفير مختلف الخدمات الضرورية.

أسئلة لجميلة المصلي 

1-انطلق مع بداية حالة الطوارئ الصحية المرتبطة بمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، تنزيل المبادرة الوطنية لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع، ما هي الحصيلة المحققة لحدود اليوم، خاصة من حيث عدد الأشخاص المستفيدين؟
مباشرة بعد إعلان المغرب تطبيق الإجراءات الاحترازية لمحاصرة انتشار وباء كورونا المستجد، بادرت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية التي تناسب مجال تدخلها وفي مستوياته المختلفة. وفيما يتعلق بالمبادرة الوطنية لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع، فقد تضافرت جهود عدة جهات في ذلك بشكل فعال، وهي التعاون الوطني والسلطات المحلية والجماعات الترابية والمجتمع المدني والمحسنين. و‏تم إلى حدود 30 مارس 2020 إيواء 3473 شخص بدون مأوى والتكفل بهم في المراكز المخصصة لذلك، وإرجاع 260 شخص إلى أسرهم. ‏

2-مبادرة من هذا الحجم تحتاج توفير إمكانيات للاستجابة لمتطلبات أشخاص كانوا يعيشون أوضاعا صعبة، هل تم رصد ميزانية خاصة لذلك أم تم ترك الأمر للسلطات على المستوى المحلي أو للفاعلين والمتطوعين المكلفين بتأطير ومواكبة هؤلاء الأشخاص؟
من أجل مواجهة النفقات الطارئة المتعلقة بهذه العملية تم توقيع اتفاقية شراكة بهذا الخصوص بين الوزارة والتعاون الوطني بغلاف مالي يناهز 25 مليون درهم كموارد مالية إضافية.
وفي انتظار ذلك تمت تعبئة جميع المتدخلين المعنيين من أجل المساهمة في تحمل تكاليف هذه العملية، ونؤكد على أهمية دور السلطات المحلية، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الجماعات الترابية، ومنسقيات ومندوبيات التعاون الوطني والمصالح الخارجية لوزارة الصحة، المتطوعين والمحسنين والقطاع الخاص والجمعيات الشريكة.
3-ظهرت مع دخول التنزيل العملي للمبادرة أسبوعها الثاني، نداءات خاصة من طرف المتطوعين والأطر المنتمية للتعاون الوطني بالإبقاء على المبادرة بعد انتهاء حالة الحجر الصحي الإلزامي، ما هو رد وزارتكم على هذه النداءات؟ وهل أعددتم بشكل مسبق تصورا بشأن مقاربة هذا الملف؟
الوزارة بصدد إعداد تصور لما بعد الحجر الصحي، حيث تم إعداد استمارات بهذا الخصوص سيتم ملؤها بالنسبة لكل شخص تم إيوائه. وبعد تجميع وتحليل المعطيات المتعلقة بهذه العملية سيتم إعداد برنامج عمل لمواكبة هؤلاء الأشخاص بعد الحجر الصحي. وهذه العملية ستشرف عليها وكالة التنمية الاجتماعية.
وهذا المشروع بالطبع تواجهه إكراهات، لكن الرهان الآن منصب على وضع برنامج عمل المواكبة لهؤلاء الأشخاص لما بعد الجائحة، علما أن عددا من بين هؤلاء الأشخاص الذين يتم إيواءهم حاليا لديهم أسر يمكن إرجاعهم إليها للتكفل بهم، غير أن منع السفر بين المدن في ظل الطوارئ الصحية اضطرهم للبقاء في الشارع بدون مأوى، وإلحاقهم بمراكز الإيواء في ظل المبادرة الوطنية لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع.
وهذه مناسبة أيضا لتقديم التحية لكل من ساهم ويساهم في إنجاح هذه المبادرة من السلطات المحلية، ومسؤولي وأطر ومستخدمي التعاون الوطني والجماعات الترابية والمجتمع المدني الشريك والمحسنون.

* وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة

Related posts

Top