أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أول أمس الثلاثاء، أن الرهان معقود اليوم على الرقمنة لتقريب مختلف الخدمات القنصلية من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتخفيف العبئ على القنصليات.
وأبرز بوريطة، في معرض جوابه عن سؤال محوري، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، حول “الخدمات القنصلية”، جهود الوزارة من أجل رقمنة مختلف الخدمات القنصلية تخفيفا للعبء على القنصليات، مشيرا بشكل أساسي إلى منصة “consulat.ma” والدليل القنصلي الذي تم إعداده بسبع لغات ويضم تفاصيل الوثائق التي يحتاجها أي مغربي، بالإضافة إلى حل مشكل عقود الإزدياد، حيث تمت رقمنة مليون و300 ألف نسخة عقد الازدياد، وهو “ورش كبير مستمر”.
وأضاف بوريطة أنه تمت، الأسبوع الماضي، تجربة التمبر الإلكتروني “e-Timbre”، مبرزا أن الشروع في هذه التجربة، التي تعد ثمرة تعاون مع وزارة المالية، هم خمس دول “وسيتم تعميمها لأنها تسهل عملية الدفع”.
ولفت الوزير إلى تدابير تعتمد الرقمنة تم وضعها منذ وقت طويل، وتتعلق بأخذ المواعيد عن بعد في أوروبا كلها وأمريكا الشمالية، إلى جانب مراكز الاتصال التي تشتغل منذ خمس سنوات، وتستقبل تقريبا 25 ألف إلى 30 ألف مكالمة يوميا للحصول على معلومات، مضيفا بخصوص موضوع التأشيرة، أنه منذ يناير الماضي “بلغنا 70 ألف فيزا إلكترونية ق د مت”، مما خفف العبء بشكل كبير على القنصليات.
واستطرد المسؤول الحكومي قائلا: إن الرقمنة ستكون هي الم كم ل لتواجد القنصليات بشكل أكبر”، مشيرا إلى أنه تم فتح 57 قنصلية، كما افاد أنه ستتم إعادة فتح قنصلية بطرابلس وبنغازي لتوفير الخدمات للمغاربة المقيمن في ليبيا.
وشدد بوريطة على أن قطاع الجالية المغربية في شقه القنصلي يحظى بعناية خاصة من جلالة الملك محمد السادس “مبرزا أن التعليمات السامية لجلالة الملك واضحة “من أجل العمل على أن تكون الخدمات المقدمة للجالية في المستوى، وذلك على مستويات متعددة”.
وإلى جانب الرقمنة، أكد بوريطة أن تجويد الخدمات القنصلية يعتمد كذلك على تقريب القنصليات كأداة للخدمات من المغاربة، والاشتغال على التقطيع القنصلي لتقريب بعض القنصليات وتخفيف الضغط على أخرى.
وفي سياق ذي صلة، توقف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عند ظروف استقبال الجالية المغربية، موضحا أن العمل جار من أجل “اقتناء بنايات لتكون ملكا للدولة المغربية وتهيئتها لتكون في مستوى بلد الإقامة التي يتواجد بها المواطن المغربي”، مشيرا إلى أنه تم إصلاح تسع قنصليات.
وبخصوص العنصر البشري، قال السيد بوريطة “نعمل على أن يكون التخصص القنصلي جزءا من التكوين كما هو الحال بالنسبة لمن هو متخصص في العمل متعدد الأطراف أو ثنائي الأطراف أو الدبلوماسية الاقتصادية”، مؤكدا على تشجيع الشباب للإقبال على العمل القنصلي.
الكفاءات المغربية في الخارج
وفي سياق متصل، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة إن الكفاءات المغربية في الخارج تعد رافعة للتنمية في المغرب.
وأبرز بوريطة، في معرض جوابه عن سؤال شفوي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، حول “سياسة استقطاب الكفاءات المغربية من دول المهجر”، تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار، أن الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ 69 لثورة الملك والشعب، “دعا إلى القطيعة مع كل ما هو موسمي من مبادرات، وتحدث عن رؤية واضحة ومهيكلة لوضع آليات لمواكبة ودعم والاستفادة من خبرات الجالية المغربية”.
وأضاف أنه تفاعلا مع مضامين الخطاب الملكي، “ع قد اجتماع اللجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، برئاسة رئيس الحكومة، تم على إثره خلق فريق عمل خاص بالكفاءات، من المفروض أن يقدم، قبل نهاية فبراير المقبل، خلاصات تتعلق بكيفية التعرف على الكفاءات وخلق آلية الربط بينها وبين الحاجيات في المغرب، إلى جانب خلق التشبيك وحكامة إدارية مختلفة”.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن “العمل متواصل لتنزيل التوجهيات الملكية السامية”، منوها إلى أن بعض التجارب السابقة التي استهدفت مغاربة العالم، وإن أثمرت نتائج إلا أنها “تظل غير كافية”.
وفي معرض جوابه عن سؤال شفوي آخر حول “خلق آليات حقيقية للتواصل مع مغاربة العالم للاستثمار في المغرب”، تقدم به الفريق الاشتراكي، أوضح السيد بوريطة، أن هذا الموضوع أخذ حيزا في الخطاب الملكي السامي لـ20 غشت، م ذك را بأنه “تم إنشاء فريق عمل أوكل التنسيق فيه إلى الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية واتحاد مقاولات المغرب و المجموعة المهنية لبنوك المغرب، من أجل الاشتغال على اقتراحات لتنزيل التعليمات الملكية السامية واستثمار مختلف المبادرات المماثلة السابقة”.
وسجل الوزير أن 10 في المائة من تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ت وج ه للاستثمار، و2 في المائة منها فقط ت وج ه إلى الاستثمار المنتج، معتبرا أن هذا الإشكال “يجب أن ي حل على المستوى التشريعي بوضع تدابير على مستوى مدونة الاستثمار، إلى جانب التواصل مع المستثمر المغربي في الخارج ومواكبته”.
الجانب الثقافي
من جهة أخرى، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن الجانب الثقافي يعد عنصرا أساسيا في الحفاظ على الهوية المغربية للجالية المقيمة بالخارج.
وقال بوريطة في معرض رده على سؤال تقدمت به مجموعة العدالة الاجتماعية بمجلس المستشارين خلال جلسة الأسئلة الشفوية، إن “تطور البنية السوسيو ديمغرافية للجالية”، و”تطور محيط دول الاستقبال” و”التدخل في الهوية المغربية في الخارج سواء لأسباب دينية أو اجتماعية أو غيرها”، عناصر تستدعي تعزيز وصون هذا الجانب.
وأبرز أن عمل الوزارة في هذا المجال يهم بلدان الاستقبال من خلال تجربة المراكز الثقافية على غرار مراكز مونريال وهولندا ومركز باريس الذي سيتم افتتاحه قريبا، فضلا عن البرامج الثقافية التي تعنى بالهوية المغربية والتي يتم تنفيذها بشراكة مع مراكز في بلد الاستقبال.
وأشار بوريطة في هذا السياق، إلى رافد آخر لتعزيز وصون هوية الجالية المغربية، والمتمثل في العرض التعليمي سواء في إطار نظامي من خلال اتفاقيات مع عدد من البلدان لإيفاد أساتذة للتدريس أو في إطار غير نظامي مع مجموعة من الجمعيات منوها إلى أن التأطير الديني يعد بدوره عنصرا أساسيا في هذا المضمار إلى جانب الأنشطة الثقافية التي تنظم في بلدان الاستقبال.
علاوة على ذلك، يضيف الوزير، هناك تدابير تتخذ على المستوى الوطني سواء في إطار عملية “مرحبا” أو من خلال المخيمات والجامعات الصيفية وغيرها من الأنشطة الثقافية.
وخلص بوريطة إلى التأكيد على ضرورة مواءمة وتكييف العرض المقدم للجالية في ضوء التطور السوسيو ديمغرافي الذي تعرفه والوضع في بلدان الإقامة الموسوم بتنامي بعض النزعات المتطرفة، “وذلك بتوظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة ووسائل مختلفة لرفع هذا التحدي الأساسي”.