نبيل بنعبدالله يؤكد أن حزب التقدم والاشتراكية مطالب بالحفاظ على هويته ومرجعيته الفكرية واستقلالية قراره

قال محمد نبيل بنعبد الله “إن حزب التقدم والاشتراكية، لا يمكن أن يستمر، وأن يقوم بأدواره الحقيقية، دون الحفاظ على استقلالية قراراته، وهي مسألة حيوية وأساسية في المغرب، لأن استقلالية القرار أصبحت مفقودة لدى الكثير من الأحزاب السياسية في بلادنا”.
وأضاف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي كان يعرض مضامين الوثيقة الداخلية التي يطرحها الحزب للنقاش في أفق المؤتمر الوطني الحادي عشر، وذلك خلال اللقاء الذي نظمه الفرع الإقليمي بالرباط مساء يوم الخميس الماضي، بالمقر المركزي للحزب، (أضاف) أن فقدان استقلالية القرار الحزبي يؤدي مباشرة إلى فقدان الثقة في العمل السياسي وفي عمل الأحزاب السياسية، وإلى فقدان الثقة في المؤسسات بشكل عام، مشيرا إلى أن الحديث عن استرجاع هذه الثقة لا يستقيم دون حفاظ الأحزاب السياسية على استقلالية قرارها.
ولذلك، يضيف الأمين العام، فإن المؤتمر الوطني القادم غير مرتبط فقط بمن سيكون غدا على مستوى تحمل المسؤولية في الهياكل الحزبية ، بل بماهية المشروع الحزبي، وبمن يضمن المحافظة عليه، ليس على مستوى الكلام فقط، بل على مستوى الممارسة، خاصة في ظل هذا الوضع الذي تعرفه بلادنا، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية، وهو مقبل على أن يعيش نوعا من التحول ، يتعين عليه أن يكون حريصا على استقلالية قراره، “وهي مسألة جوهرية وأساسية” يقول بنعبد الله.
ومن ثمة، يضيف محمد نبيل بنعبد الله أنه لا يمكن الذهاب إلى المؤتمر الوطني الحادي عشر، بمقاربة كلاسيكية قائمة على عقد الجموع العامة للفروع وانتخاب مناديب المؤتمر، وبشكل لا يأخذ بعين الاعتبار التحولات التي تعرفها البنية التنظيمية للحزب والمحيط العام الذي يعيش فيه، وبالتالي، يضيف الأمين العام، أطلق الديوان السياسي للحزب هذا النقاش التفاعلي للإنصات إلى مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية في مختلف الهياكل التنظيمية على المستوى المركزي وعلى مستوى الفروع المحلية والإقليمية وكذا المنظمات الموازية والقطاعات السوسيو مهنية.
وأوضح محمد نبيل بنعبد الله أن الديوان السياسي لما وضع الوثيقة المدخلية للنقاش، أكد على أنه لا يمكن أن نناقش الحزب اليوم، ونفصله عن تاريخه وماضيه وعن هويته ومرجعيته الفكرية التي ينتمي إليها، مشيرا إلى أنه إذا كان هناك من يسعى إلى عكس ذلك، فإن ذلك، يعني في نظره، نهاية حزب التقدم والاشتراكية ولو بقي يحمل نفس الاسم.
وقال الأمين العام في السياق ذاته “إذا لم نعرف كيف نحافظ على هوية الحزب وعلى مبادئه التأسيسية ومنطلقاته الفكرية، سنصبح كأي حزب عاد، لأن هناك الكثير من الأحزاب التي يمكنها العيش دون هوية، لكن حزب التقدم والاشتراكية لا يمكنه ذلك”، مشيرا إلى أن ما يميز الحزب هو مرجعيته وهويته الفكرية.
وبحسب زعيم التقدميين المغاربة، فإن النقاش يمكن أن ينصب حول قضايا فكرية من قبيل الاشتراكية اليوم ومدى نسبتها في تشكيل هوية الحزب؟ وهل لازالت الحاجة إلى التأكيد على المرجعية اليسارية في الخطاب الحزبي؟ وكيف يمكن تكييف الخطاب الحزبي مع التحولات التي يعرفها المجتمع؟ لكن عكس نقاش من هذا القبيل، يضيف الأمين العام، “سنحكم على الحزب بالاضمحلال وسيصبح بدون قيمة حقيقية”، مشيرا إلى أنه منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم، فإن حزب التقدم والاشتراكية، وحتى لما كانت له تمثيلية انتخابية متواضعة جدا، كان حضوره السياسي أقوى بكثير من حضوره الانتخابي وحضوره الجماهيري.
وعزا نبيل بنعبد الله، قوة الحضور السياسي للحزب رغم تواضع وزنه الانتخابي إلى مرجعيته الفكرية ووزنه السياسي والمواقف التي يتخذها. وفي نظره، إذا فقد الحزب هذه الميزة سيفقد حقيقة دوره في المجتمع المغربي، وذهب إلى اعتبار أنمن يعتقد أن إعادة النظر في هوية الحزب ستجعله يحصل على مكاسب انتخابية، فهو خاطئ، لأن ذلك التوجه هو حكر على كائنات حزبية لا يمكن منافستها على هذا المستوى.
وشدد الأمين العام على أن حزب التقدم والاشتراكية حامل لمشروع مجتمعي، لا يتمثل فقط ذلك المشروع الاشتراكي اليساري الذي يبقى حاضرا، بل يتمثل في مشروع مغرب اليوم، وكيف يتعين أن يكون؟ وهنا يضيف المتحدث، يبرز دور حزب التقدم والاشتراكية، كقوة سياسية لها مصداقية ولها تاريخ ومرجعية معبرة عن هذا المشروع السياسي، خاصة في ظل ما تعرفه الساحة السياسية من سبات وصفه ب”العميق” وفي ظل التراجع عن التعبير الصريح عن المواقف القوية والواضحة بخصوص المشروع الديمقراطي.
وذكر محمد نبيل بنعبد الله أن المشروع السياسي الذي يحمله حزب التقدم والاشتراكية يتطلع إلى الديمقراطية كأفق وكأسلوب لتدبير الشأن العام على جميع المستويات، وبمختلف المضامين الديمقراطية، وفي مقدمتها، يضيف المتحدث، الديمقراطية السياسية التي تتضمن مؤسسات قائمة الذات وفق ما جاء في الدستور الذي أقره المغاربة سنة 2011، مؤسسات تقوم بدورها الحقيقي، وهي غير موجودة اليوم، وهو ما يستوجب في نظر بنعبد الله، مواصلة النضال من أجل تحقيق ذلك، كما يتطلب القدرة على بلورة المواقف الصريحة والمعبرة على هذا المشروع السياسي في إطار الاحترام التام والتشبث بالمؤسسات المتمثلة في الملكية والوحدة الترابية والدين الإسلامي كدين رسمي للدولة، وأيضا الاختيار الديمقراطي كثابت من ثوابت الدستور.
ولبلوغ هذا الهدف والمتمثل في البناء الديمقراطي والمؤسساتي، يتعين في نظر الأمين العام، أن يكون هناك مناضلون ومناضلات قادرون على حمل هذا المشروع، وعلى تجميع أكبر عدد من المغاربة، والنضال من أجل تحقيق الديمقراطية السياسية والمؤسساتية، وهي الديمقراطية التي تفرز حكومة حقيقية وبرلمان حقيقي، ومؤسسات منتخبة جهويا ومحليا تضطلع بأدوارها على جميع المستويات. ديمقراطية تسمح بتواجد أحزاب حقيقية تلعب دورها الحقيقي، ومستقلة في قراراتها، ولها مصداقية ويثق فيها المواطنون، خاصة في ظل مناخ دولي يتميز بتراجع الديمقراطية التمثيلية، وبروز أشكال تعبيرية جديدة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، جعل الكثير من الناس يعتقدون أنهم ليسوا في حاجة إلى الأحزاب السياسية.
وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في السياق ذاته، وفي الشق المتعلق بالجانب الاقتصادي على ضرورة محاربة الكثير من المظاهر السلبية والمشاكل التي تعيق تطور المجتمع، من قبيل مشكل الشفافية، ودولة الحق والقانون في المجال الاقتصادي ومحاربة كافة أشكال الريع، والقطاع الغير مهيكل، بالإضافة استمرار مظاهر الفقر واتساع الفوارق بين الفئات الاجتماعية، وبين المجالات والجهات، مشيرا إلى أن كل ذلك يبرز أن هناك ضرورة لحزب التقدم والاشتراكية يتعين الحفاظ عليه، وتجسيده ليكون حاضرا في الساحة وأن يقنع المغاربة بضرورة الانخراط في هذا التوجه.
وبحسب محمد نبيل بنعبد الله، هناك مسألة وصفها ب “الجوهرية” يتعين التأكيد عليها، وهي مسألة الحريات الجماعية والفردية، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية، هو القوة السياسية الوحيدة التي تطرح هذه المسألة بقوة، لإيمانه بأن الديمقراطية لا تستقيم، دون حريات جماعية وفردية بجميع أنواعها، معتبرا هذه المسألة معركة يتعين على مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية أخذها على عاتقهم، وأن يكونوا في طليعة من يدافع ويناضل من أجل ذلك.
من جانب آخر، تطرق الأمين العام في معرض مداخلته إلى الجوانب المتعلقة بالتنظيم والتواصل والموارد البشرية، مؤكدا في هذا السياق على أن التنظيم كفلسفة تنبني على المشاركة المتنوعة للمناضلين والمناضلات في اتخاذ القرار وبلورته على المستوى الجماهيري، وهو ما يستلزم الانفتاح على الطاقات من الشباب والنساء وتقوية الديمقراطية الداخلية في علاقتها باتخاذ القرار على المستوى المركزي.
وقد تميز هذا اللقاء، الذي أدراه سعيد أقداد، الكاتب الإقليمي لفرع الرباط، وبحضور النائبة البرلمانية نادية التهامي عضو الديوان السياسي للحزب والمكلفة بتتبع جهة الرباط سلا القنيطرة، (تميز) بمشاركة مكثفة للرفيقات والرفاق أعضاء الحزب بالرباط اللذين أثروا النقاش حول الوثيقة، من خلال بلورة مجموعة من المقترحات ذات الصلة بالجوانب السياسية والتنظيمية والتواصلية والتي تروم المساهمة في التفكير الجماعي حول القضايا التي تستأثر باهتمام حزب التقدم والاشتراكية في أفق المؤتمر الوطني الحادي عشر.

< محمد حجيوي
< تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top