نتائج أولية للانتخابات البرلمانية في لبنان تظهر تراجع حلفاء حزب الله

وجهت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في لبنان صفعة لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، مع خسارة حلفائه عددا من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ عامين.
وأعلنت وزارة الداخلية تباعا الاثنين النتائج النهائية لـ99 مقعدا من إجمالي 128، على أن يستكمل الثلاثاء إعلان النتائج.
وتعكس النتائج الأولية فوز مرشحين معارضين ومستقل ين بعدد من مقاعد البرلمان المقبل الذي تنتظره تحديات عدة. وسيضم على الأرجح كتلا متنافسة لا تحظى أي منها منفردة بأكثرية مطلقة، بعدما كان حزب الله وحلفاؤه يحظون بأكثرية في المجلس المنتهية ولايته.
وأظهرت النتائج احفتاظ حزب الله وحليفته أمل، الحركة الشيعية التي يتزعمها رئيس البرلمان المنتهية ولايته نبيه بري، بكامل المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعدا).
ولم يتمكن حليفه المسيحي التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون من الاحتفاظ بكامل مقاعده، بعدما كان يملك أكثرية مسيحية في البرلمان.
كما فشل نواب سابقون مقربون من حزب الله وداعمته دمشق في الاحتفاظ بمقاعدهم على غرار نائب الحزب القومي السوري الاجتماعي أسعد حردان عن المقعد الأرثوذكسي في إحدى دوائر الجنوب والذي يشغله منذ عام 1992، والنائب الدرزي طلال أرسلان في دائرة عاليه في محافظة جبل لبنان.
في المقابل، ضمن حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، خصم حزب الله اللدود والذي تربطه علاقات جيدة بالمملكة العربية السعودية، فوزه بأكثر من عشرين مقعدا، وفق نتائج أولية لماكينته الانتخابية.وكانت القوات فازت لوحدها بـ15 مقعدا في انتخابات 2018، مقابل 21 للتيار الوطني الحر.
وقال مسؤول الإعلام الخارجي في الحزب مارك سعد لفرانس برس “تظهر النتائج أن اللبنانيين اختاروا كسر الحلقة التي أرساها حزب الله والتيار الوطني الحر، وتغيير الطريقة التي تدار بها الأمور”.
وأضاف “يمكننا القول إن اللبنانيين عاقبوا الأحزاب الحاكمة وانحازوا لنا للتعبير عن رغبتهم في بداية جديدة في الحكم”.
ومن شأن توسع كتلة القوات أن يخلط الأوراق عشية استحقاقات عدة، أولها انتخاب رئيس للبرلمان الجديد ثم تكليف رئيس للحكومة وصولا إلى الانتخابات الرئاسية بعد أشهر، بالنظر إلى خصومتها الشديدة مع حزب الله وحلفائه.
ومساء الاثنين، وجه حزب الله تحذيرات لخصومه السياسيين في البرلمان الجديد بعد نشر النتائج الجزئية.
وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة التابعة للحزب محمد رعد “نتقبلكم خصوما في المجلس النيابي، ولكن لن نتقبلكم دروعا للإسرائيلي ومن وراء الإسرائيلي”، في إشارة ضمنية إلى غريمه حزب القوات اللبنانية.
وأضاف لقناة المنار التابعة لحزب الله “انتبهوا لخطابكم وسلوككم ومستقبل بلدكم”، وأضاف “لا تكونوا وقودا لحرب أهلية”.
وكتب الباحث والأستاذ الجامعي زياد ماجد “مهام المجلس النيابي الجديد فيها انتخاب رئيس جمهورية، وفيها موافقة على خطط إنقاذ اقتصادي واتفاقات مع مؤسسات دولية… وهذه كلها ستجري وسط انقسامات عميقة، ومستوى تمثيلي منخفض”.
والانتخابات هي الأولى بعد انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850 وبعد احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة، وانفجار مروع في 4 غشت 2020 في مرفأ بيروت أودى بأكثر من مئتي شخص ودم ر أحياء من العاصمة.
وحصدت أحزاب ومجموعات معارضة أفرزتها التظاهرات الشعبية مقاعد في دوائر عدة، أبرزها في دائرة الجنوب الثالثة التي عادة ما تكون كل ها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه.
وتمكن في هذه الدائرة المرشح المستقل الياس جرادة، وهو طبيب عيون معروف في منطقته، من الفوز بمقعد، وكذلك فعل فراس حمدان، وهو محام شارك في الدفاع عن ناشطين ضد السلطة أوقفتهم قوات الأمن خلال الاحتجاجات وأصيب بجروح خطرة خلال مشاركته في واحدة من تلك التظاهرات.
وتمكن ثلاثة مرشحين من لائحة المعارضة في دائرة جبل لبنان الرابعة، وأربعة مرشحين في دائرتي بيروت الأولى والثانية من الفوز بمقاعد نيابية.
كما فاز مرشحون مستقلون، بينهم نواب في المجلس المنتهية ولايته بمقاعد في دوائر عدة.
ويمكن للفائزين المعارضين والمستقلين أن يشكلوا كتلة برلمانية موحدة، تكرس نهجا مختلفا في العمل البرلماني، بمعزل عن القوى السياسية التقليدية في بلد يقوم نظامه السياسي على محاصصة طائفية وتغليب منطق الصفقات.
وقال الناشط السياسي المعارض جيلبير ضومط على صفحته على فيسبوك “نتيجة هذه الانتخابات بداية لترجمة ثورة 17 أكتوبر.. فلنترجم نشوة الفرح لوضع الأسس الجديدة لبناء الدولة وتحقيق تغيير جذري بأدائها وتظهير نموذج حديث لمعنى المسؤولية السياسية”.
وجرت الانتخابات وسط انهيار اقتصادي بات معه أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة.
كما أتت بعد نحو عامين على انفجار الرابع من غشت 2020 الذي دمر جزءا كبيرا من بيروت وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبب بإصابة أكثر من 6500 آخرين.
ونفى وزير الداخلية بسام المولوي خلال إعلان النتائج الرسمية حصول أي تجاوزات خلال الانتخابات أو “تلاعب” أثناء احتساب الأصوات، موضحا أن “الشوائب التي اعترت الانتخابات قليلة جدا”.
وتعد نسبة الاقتراع التي بلغت 41 في المئة ثالث أدنى نسبة مسجلة في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990).
ويقول الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار لوكالة فرانس برس “أعتقد أن الامتناع عن التصويت مرتبط جزئيا بالإحباط من الطبقة السياسية والشعور بأنه لن يحصل أي تغيير كبير في الوضع الاقتصادي”.
ويرتبط كذلك بامتناع مناصري رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري عن الإقبال على صناديق الاقتراع، وفق بيطار، بعدما أعلن قبل أشهر عزوفه وتياره السياسي الأكثر تمثيلا على الساحة السنية، عن خوض الاستحقاق.

<أ.ف.ب

Related posts

Top