نحن وموريتانيا

اهتمت عديد كتابات وتحاليل في الفترة الأخيرة بما سمي توترا خفيا في أجواء العلاقات بين المغرب وموريتانيا…
وفي حين لم تقدم الرباط على أي رد فعل لحد الآن، ولم تكشف عن أي موقف توضيحي لما يجري، ربما لتفادي صب الزيت على النار، ومن أجل تفويت الفرصة على من يسعى لجعل التوتر المذكور واقعا حقيقيا وغير قابل للاحتواء، فإن السلطات الموريتانية، من جهتها، قامت مؤخرا بطرد مراسل وكالة المغرب العربي للأنباء من نواكشوط، بطريقة نددت بها كل المنظمات المهنية في المغرب وموريتانيا وعبر العالم، واعتبر الأمر، برأي المراقبين، أبعد من تضييق على حرية الصحافة، وإنما هو بمثابة رسالة سياسية وديبلوماسية موريتانية في اتجاه الرباط.
إن السياق الإقليمي، وخصوصا سقوط نظام القذافي، جعل نظام نواكشوط الذي كان رئيسه قد قاد آخر محاولة إفريقية لإنقاذ الديكتاتور الليبي يلتقي مع النظام الجزائري الذي قيل وكتب في حق موقفه من الثورة الليبية الكثير، وبدا جليا للكل أن مصالح ومواقف الأنظمة المانعة لكل تغيير ديمقراطي في المنطقة تلتقي وتتحالف اليوم، ضدا على تطلعات شعوبها إلى الحرية والعدالة والديمقراطية.
ثم إن محطة ترشح المغرب للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن كانت بدورها المناسبة السانحة للحلف الجزائري الموريتاني كي يعلن عن عدائه غير المفهوم للمغرب، وذلك من خلال تعمد جر نواكشوط للترشح لمنافسة الرباط على ذات المقعد، لكن الفوز الواضح للمملكة ومن الدور الأول، جعل الحلف المذكور يخسر هذا الشوط، دون أن يتعظ، مع ذلك، ويستوعب العبرة.
وجاء تبادل الزيارات واتفاقيات التعاون الثنائي لاحقا ليكشف عن خط عدائي واضح للمغرب بدأ يتكرس على محور نواكشوط الجزائر، قبل أن يتوج القرار المتعلق بصحفي لاماب هذه اللعبة السخيفة، ويفضح خلفيتها.
يعرف المتخصصون أن من مصلحة نواكشوط تمتين علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الرباط، كما يعرفون أن كل تجاوز للمملكة لن يجعل أية شراكة اقتصادية في المنطقة المغاربية ناجعة وذات مردودية، ومن ثم، فإن الانجرار الأعمى ضمن طابور المناورات الجزائرية الباتولوجية يمثل خطوات ينقصها الذكاء من الجانب الموريتاني.
ومن جهة أخرى، فإن تورط الديبلوماسية الجزائرية في هذا السيناريو الجديد يضع استفهامات كبيرة حول مصداقية ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات في المجال الفلاحي في الشهور الأخيرة بين الجزائر والرباط، وما قيل عن انفراج محتمل في العلاقات الثنائية..
تأمل كثير من المواقف الرزينة ألا يكون التوتر المتحدث عنه اليوم بين موريتانيا والمغرب سوى لحظة عابرة، تعود بعدها الأمور إلى طبيعتها، خاصة أن المغرب أكد دائما حرصه واهتمامه باستقرار البلد الجار، وانشغاله بضرورة تعزيز التعاون معه في مختلف المجالات، ضمن رؤية واضحة تقوم على التعاون المغاربي، وعلى المواجهة المشتركة لكل التحديات الأمنية والإستراتيجية والتنموية المطروحة على المنطقة.
[email protected]

Top