من ضمن القوانين الواردة في المخطط التشريعي التي ناقشها البرلمان بعد افتتاح (دورة أكتوبر 2015) قانون تنظيم حق الإضراب، الذي اعتبره جلالة الملك بعد افتتاح هذه الدورة التشريعية للبرلمان من القوانين التي يجب الإسراع بالمصادقة عليها، ويحظى هذا القانون باهتمام كبير من طرف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ومن كافة الهيئات ذات العلاقة بالمجال الحقوقي من قضاة ومحامين ومن جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان ومن مثقفين ومن جمعيات المجتمع المدني ومن نسبة كبيرة من المواطنين، وتتزامن فترة مناقشة هذا القانون مع وجود ملفين أساسين لا يقلان عنه أهمية ويتعلق الأمر بالملف المطلبي للطبقة العاملة وضمنه الوضعية التي توجد عليها صناديق التقاعد، بالإضافة إلى قانون النقابات الذي سيطرح هو الآخر على البرلمان وهو ما يتطلب أن يأخذ النقاش بعداً شموليا يتجه نحو التوافق على الملفات الأربعة.
وقبل التطرق إلى تقنين حق الإضراب، يجب أن نتوقف عند الأسباب التي تؤدي إلى خوض الإضرابات، وبإزالتها نتجنب أغلبها مثل ما حصل في المحطات السابقة المماثلة، حيث يجب على الحكومة أن تقوم بمجهود كبير من أجل الوصول إلى حل توافقي حول مطالب الطبقة العاملة مثل ما حصل على عهد الحكومات السابقة منذ مرحلة حكومة عبد اللطيف الفيلالي، حيث كان الوضع آنذاك جد معقد، وكانت وجهة نظر الحكومة وأرباب العمل متباعدة مع النقابات، وهو ما تطلب إجراء سلسلة طويلة من اللقاءات استمرت لمدة شهرين من 3 يونيو إلى فاتح غشت ،1996 حيث تم التوقيع على التصريح المشترك والذي تطلب ما يناهز 71 ساعة من جلسات الحوار و136 ساعة لصياغة التصريح، مما ساهم في توفير الشروط لمجيء حكومة التناوب التوافقي، وما حصل مع حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي عند إبرام اتفاق 23 أبريل 2000 المعروف باتفاق 19 محرم حيث استمرت جلسات الحوار المتتالية أيام 21 – 22 – 23 أبريل وما حصل مع حكومة ادريس جطو عند إبرام اتفاق 30 أبريل 2003 حيث تطلب شهرا كاملا من جلسات الحوار في لجان موضوعاتية من بداية شهر أبريل إلى نهايته، وأهم حدث عرفه هذا الاتفاق هو التوافق على مدونة الشغل، وما حصل مع حكومة عباس الفاسي عند إبرام اتفاق 26 أبريل 2011 الذي تطلب وقتا طويلا من المفاوضات الماراطونية، وإذا كانت المحطة الراهنة لا تقل أهمية عن المحطات السابقة، بل على العكس من ذلك يجب أن تكون هذه المحطة أحسن من سابقاتها بحكم التطورات التي عرفها الوضع الوطني والدولي وهو ما يتطلب من الحكومة الحالية برئاسة عبد الإله بنكيران اعتماد مبدأ التوافق والحفاظ على التراكمات التي تحققت على عهد الحكومات السابقة بفضل نضالات الطبقة العاملة والتعجيل بفتح الحوار والمفاوضة الجماعية بهدف إيجاد الحلول للمطالب المطروحة، خاصة وأن المركزيات النقابية أكدت خلال جلسات الحوار السابقة استعدادها لبذل كافة الجهود من أجل الوصول إلى حل توافقي علما أن هذه المطالب لا تؤدي إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية للأجراء فقط بقدر ما تزيل الاختلالات القائمة حول هذه القضايا والمتمثلة في:
أولا: تحسين الدخل
ثانيا: احترام حق الانتماء النقابي
ثالثا: تطبيق تشريع الشغل
رابعا: إصلاح وضعية صناديق التقاعد
خامسا: تقوية وتعميم الحماية الاجتماعية
سادسا: تسوية نزاعات الشغل وإزالة التوترات الاجتماعية
سابعا: تقوية المفاوضة الجماعية واتفاقيات الشغل الجماعية
ثامنا: توفير الشغل
أولا : تحسين الدخل
لا تكمن أهمية هذا المطلب في الزيادة في الأجور ومراجعة الضريبة على الدخل والزيادة في التعويضات العائلية لكي تتم الملاءمة مع وضعية الأسعار والأجور فقط، بل تكمن أهميته أكثر في أن تضع الحكومة خارطة طريق واضحة تأخذ بعين الاعتبار التوازنات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وهو ما يستدعي التحلي بالجرأة والنزاهة والشفافية وهي ملزمة بذلك من موقع مسؤوليتها.
ثانيا: احترام حق الانتماء النقابي
يعد هذا المطلب من أولى الأولويات بالنسبة للنقابات إذ لا يعقل أن تستمر وضعية التضييق على الحريات النقابية مما يشكل خطرا واستفزازا وظلما لا يمكن القبول به لكونه يتناقض مع منطق الظرفية التي يمر منها المغرب، حيث يلاحظ أنه كلما تكون مكتب نقابي في هاته المقاولة أو تلك إلا ويتعرض العمال للطرد الفردي والجماعي مما يستدعي اتخاذ التدابير لحماية هذا الحق الدستوري، علما بأن جل نزاعات الشغل التي تحدث يكون سببها عدم احترام حق الانتماء النقابي كحق دستوري مع المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 وإلغاء المادة 288 من القانون الجنائي.
ثالثا: تطبيق تشريع الشغل
وهو ما يستدعي التعجيل بإيجاد الحلول لبعض المطالب والحقوق التي تهم فئات الموظفين الذين يعانون من الحيف وبالأخص مشكل الترقية والتعويض على المناطق النائية مع وضع برنامج عمل لمراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية في شموليته بما يحقق التوازن المطلوب والعمل على تطبيق قانون الشغل بجميع المقاولات والمؤسسات بالقطاع الخاص، لأنه بالرجوع إلى الواقع يتبين أن نسبة كبيرة من نزاعات الشغل تحدث بسبب عدم احترام تشريع الشغل والمتمثل في:
– عدم توفير بطاقات الشغل.
– عدم توفير بيانات الأجر.
– عدم احترام الحد الأدنى القانوني للأجر.
– عدم احترام ساعات العمل القانونية.
– عدم توفير شروط العمل الضرورية والصحية.
– انتهاك حقوق المرأة العاملة.
– تشغيل الأطفال دون السن القانوني وفي ظروف مزرية.
– عدم ترسيم العمال المؤقتين الذين يعملون باستمرار.
وهو ما تعرفه جل المقاولات والمؤسسات مع ضرورة هيكلة القطاع غير المهيكل لما يشكله من ضرر على حقوق العمال وعلى الاقتصاد الوطني وعلى المقاولات المهيكلة.
رابعا: إصلاح وضعية صناديق التقاعد
ليس من المستحيل التوافق على ما يجب القيام به لإصلاح وضعية صناديق التقاعد وهو ما يتطلب اعتماد نظرة موضوعية تأخذ بعين الاعتبار الوضعية الاجتماعية والنفسية للمتقاعدين، دون المساس بالحقوق المكتسبة مع مراعاة التوازنات المالية لصناديق التقاعد.
خامسا: تقوية وتعميم الحماية الاجتماعية
ومن الأسباب التي تؤدي إلى نزاعات الشغل عدم تعميم الحماية الاجتماعية على الأجراء فنسبة كبيرة من المقاولات لا تصرح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو تتلاعب في التصريحات، مما يحرم عددا كبيرا من العمال من التغطية الاجتماعية والصحية مع تمديد التغطية الاجتماعية لتشمل قطاع المهن الحرة من مختلف مكوناتها من تجار صغار ومتوسطين وحرفيين بكل مكونات هذا القطاع والعاملين لحسابهم الخاص.
سادسا: تسوية نزاعات الشغل وإزالة التوترات الاجتماعية
لقد ظل حق الإضراب والاحتجاج في المغرب يمارس بكيفية عادية وطبيعية رغم المغالطات التي ظلت تقوم بها بعض الجهات بهدف المس بهذا الحق الدستوري، والدليل على ذلك العديد من الإضرابات بما فيها الإضرابات العامة والمسيرات الاحتجاجية والتضامنية الكبيرة والضخمة التي نظمت بمدينة الرباط والدار البيضاء وبمختلف المدن المغربية خلال المراحل السابقة ومثل إضراب 29 أكتوبر 2014 والعديد من الإضرابات القطاعية أو على مستوى المقاولات، وهو ما يعد مصدر افتخار واعتزاز يبرز قوة ومكانة المغرب والمغاربة، وبالنسبة للانفلاتات التي وقعت في بعض المراحل مثل إضراب 20 يونيو 1981 و14 دجنبر 1990 فإن الطبقة العاملة لا مسؤولية لها في ذلك لكونها تعود إما لأخطاء من طرف بعض الجهات الحكومية أو لأسباب لا علاقة للطبقة العاملة بها والتي تعود إلى غياب العدالة الاجتماعية.
كما يتطلب أن يتم التعامل مع نزاعات الشغل باعتبارها أمرا عادياً وطبيعيا يحدث في كل المجتمعات مع الابتعاد عن التهويل والتضخيم، وتبعا لما أشرنا إليه سابقا فإن جل الإضرابات التي تتم بالقطاع الخاص يعود سببها إلى عدم تطبيق تشريع الشغل وإلى التضييق على حق الانتماء النقابي وهو ما توصل إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي في التقرير الذي أصدره في الموضوع علما أن نسبة الإضرابات عرفت تراجعا كبيرا خلال المراحل الأخيرة، والمطلوب هو احترام تشريع الشغل في القطاعين العام والخاص.
سابعا: تقوية المفاوضة الجماعية واتفاقيات الشغل الجماعية
من الضروري وضع برنامج لتفعيل المفاوضة الجماعية وتقوية اتفاقيات الشغل الجماعية وتقوية العلاقات المهنية تطبيقا لما نصت عليه المادة الثامنة من الدستور وفق منظور شمولي على أن تكون الحكومة سباقة إلى احترام دوريات الحوار الثلاثي الأطراف، وأن تفعل ما جاءت به الاتفاقية الدولية رقم 151 حول الحوار والمفاوضة الجماعية على مستوى قطاعات الوظيفة العمومية وأن تعمل أيضا على اعتماد الحوار والمفاوضة الجماعية على مستوى الجهات والأقاليم تفعيلا لما جاء يه دستور فاتح يوليوز 2011 حول الجهوية الموسعة، وأيضا على مستوى القطاعات المهنية وعلى مستوى المقاولات بهدف تعميم اتفاقيات الشغل الجماعية لما تلعبه من دور أساسي في تحقيق السلم الاجتماعي وتقوية العلاقات المهنية علما بأن الاتفاقات السابقة الأربعة تضمنت عدة مواد تتعلق بأليات الحوار والمفاوضة الجماعية واتفاقيات الشغل الجماعية.
ثامنا: توفير الشغل
كل ما أشرنا إليه إذا ما تم سيساعد على توفير مناخ اجتماعي سليم يؤدي إلى توفير الشغل وتقليص معدل البطالة خاصة وسط الشباب وذوي الكفاءات، كما يتطلب تكامل الجهود بين القطاع العام والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص مع الاهتمام بالتكوين والتكوين المستمر وتكثيف المشاورات واللقاءات على المستوى الوطني والقطاعي وعلى مستوى الجهات والأقاليم وذلك بتفعيل الهيآت والمؤسسات الاستشارية ذات العلاقة بالموضوع.
توفير شروط التوافق على قانون ممارسة حق الإضراب:
إذا تمت الاستجابة للمطالب التي أشرنا إليها وبذلك ستتم معالجة الاختلالات القائمة، فإن ذلك سيساعد على توفير شروط التوافق على مشروع قانون ممارسة حق الإضراب، وقصد إخراج هذا القانون يتطلب التوافق عليه من طرف الحكومة وأرباب العمل والنقابات قبل استئناف مناقشته في البرلمان وإمكانية التوافق تزداد قوة إذا تم الانطلاق من الاعتبارات التالية:
1 – الخطاب الملكي عند افتتاح البرلمان حيث أكد جلالة الملك على التوافق مرتين، مرة وهو يتكلم عن التوافق بشكل عام في القضايا المطروحة ومرة عندما تكلم عن هذا القانون.
2 – كون القانون الاجتماعي بطبيعته يخضع إلى مبدأ التوافق لكونه في حد ذاته يشكل تراكم الاتفاقات.
3 – انطلاقا مما تضمنته الاتفاقات الأربعة فاتح غشت 1996 و23 أبريل 2000 المعروف باتفاق 19 محرم و30 أبريل 2003 و26 أبريل 2011 حيث تم الاتفاق على ضرورة التوافق على كل القضايا التي لها طابع اقتصادي أو اجتماعي.
وعندما نقوم باستعراض المراحل التي مرت منها عملية تنظيم ممارسة حق الإضراب فأهم ما حصل على المستوى الإداري خلال مرحلة الاستعمار هو إصدار ظهير 19 يناير 1946 حول المصالحة والتحكيم والذي نظم هذا الحق بشكل جزئي، حيث تنص المادة الأولى من هذا الظهير على ضرورة أن لا يتم خوض الإضراب أو إغلاق المقاولة من طرف المشغل إلا بعد المرور عبر مرحلة الصلح، وفي مرحلة الاستقلال تم إصدار المرسوم رقم 2/57/1465 بتاريخ 5 فبراير 1958 والذي نصت المادة 5 منه على منع الموظفين من ممارسة حق الإضراب، غير أن الحركة النقابية رفضت العمل بهذين القانونين منذ فترة الستينيات لكونهما يتناقضان مع ما جاء به دستور 1962.
وعلى مستوى القضاء وقع تطور على مستوى مرحلتين، المرحلة الأولى تمتد إلى 1990 حيث كانت جل الأحكام لا تتماشى مع ما جاء به دستور 1962 والمثال على ذلك الحكم الصادر في حق المرحوم محمد الحيحي من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 17 أبريل 1961 والذي تعرض للطرد من طرف وزارة التربية الوطنية والشبيبة والرياضة على إثر مشاركته في الإضراب يوم 25/03/1961 والحكم الصادر عن المجلس الأعلى في حق الأخ ادريس نداء بتاريخ 25 ماي 1984 والذي تم طرده من العمل من قطاع البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية على إثر مشاركته في إضراب 20 يونيو 1981 الذي دعت إليه الكنفيدرالية الديمقراطية للشغل، ويمكن الرجوع إلى العديد من الأحكام التي كانت تصدر في حق العمال خلال هذه المرحلة.
وأمام تنامي وتيرة الإضرابات والاحتجاجات واهتمام الهيآت الحقوقية وأمام التطورات المتسارعة التي عرفها المجال الاجتماعي وكثرة الملفات التي أصبحت تحال على القضاء فإن الأحكام التي أصبحت تصدر فيما بعد أكثر تفهما نسبيا لممارسة حق الإضراب، وبالرجوع إلى ما جاء في كتاب”إشكالية تنظيم وتقنين ممارسة حق الإضراب بين القانون الدولي والتشريعات الوطنية” الصادر سنة 2012 للدكتور الحاج الكوري أستاذ التعليم العالي والدكتور أحمد بوهرو مدير الشغل بوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية يمكن الوقوف على ذلك.
ومن الضروري أثناء مناقشة مشروع القانون أن يتم الانطلاق مما تحقق من تراكمات وأن يكون هذا القانون مرنا يحدد المبادئ العامة المتوافق عليها والتي تكرست على أرض الواقع من خلال الممارسة الفعلية في الميدان، خاصة وأن النقابات واعية بضرورة دعم الاقتصاد الوطني ودعم المقاولة ولا تلجأ للإضراب إلا عند الضرورة القصوى، ولا ينبغي أن يكون تقنين الإضراب وسيلة لضرب هذا الحق بل يجب اعتماد نفس الأسلوب الذي تم عند التوافق على مدونة الشغل، ومثل ما حصل عند القيام بالإصلاحات التي عرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومدونة التغطية الصحية ونفس المنطق الذي تضمنته الاتفاقات الأربعة السابقة.
وفي انتظار أن تتقدم الحكومة بمشروعها الجديد، يمكن الوقوف على بعض النقط التي كانت محط خلاف في المشاريع السابقة والتي تتمثل في :
– الحد الأدنى من العمل أثناء الإضراب
– مهلة الإخطار
– مكان الإضراب
– طريقة الإخبار بالإضراب
الحد الأدنى من العمل أثناء الإضراب :
فمن خلال الممارسة عل أرض الواقع لم تعد هذه المسألة تطرح أي مشكل لأن النقابات عندما تلجأ للإضراب تكلف عادة من يستمر في العمل إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك، كما هو الشأن بالنسبة للمستعجلات في قطاع الصحة وكما هو الشأن في الحلات التي يتطلب معها الحفاظ على الآلات التي لا يمكن أن تتوقف بكيفية فورية أو عندما تكون المواد الأولية تتعرض للضرر عند التوقف الفوري، وكما هو الشأن بالنسبة للحراسة أو في كل الحالات التي يتطلب معها استمرار العمل بالنسبة لبعض الأجراء حسب طبيعة القطاع ونوعية العمل.
مهلة الإخطار
بالنسبة لمهلة الإخطار يمكن الفصل بين نوعين من الأسباب المؤدية للإضراب فعندما يكون سبب الإضراب يعود إلى التضييق على الحريات النقابية وعدم تطبيق قانون الشغل أو الطرد الجماعي من العمل أو التأخير في أداء الأجور وغيرها من الحالات التي تكون المسؤولية فيها تعود إلى المشغل، ففي هذه الحالة لا يمكن معها اعتماد مهلة الإخطار بل على العكس من ذلك يمكن المطالبة بتأدية أجور أيام الإضراب، وفي الحالات التي يكون سبب الإضراب يدخل في إطار المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية للعمال فيما هو فوق القانون أي ما يدخل في إطار اتفاقيات الشغل الجماعية فإنه يمكن اعتماد مهلة إخطار تحدد عن طريق التوافق بين الأطراف الثلاثة.
مكان الإضراب
هناك الحالات التي يمكن أن يكون الإضراب فيها داخل العمل لمدة ساعة أو ساعتين أو أقل أو أكثر وفي هذه الحالة لا يمكن الالتحاق بمقر النقابة لأن عامل الزمان لا يسمح بذلك، وهناك الحالات التي يمكن أن يكون الإضراب لمدة يوم أو يومين أو أكثر وفي هذه الحالات مقر النقابة لا يتسع لجميع المنخرطين وهو ما يعني أن منع الإضراب داخل أماكن العمل لا معنى له بل طرحه للنقاش في حد ذاته مجانب للصواب مع احترام حرية العمل وعدم المساس بالمؤسسة أو المرفق.
طريقة الإخبار بالإضراب
عادة يتم الإخبار بخوض الإضراب بواسطة البيان الذي يصدر عن النقابة أو بواسطة مذكرة أو برقية والنقابة تكون أكثر حرصا على الإخبار بالإضراب لأنها تريد بذلك الضغط على إدارة المؤسسة المعنية أو القطاع المعني لكي يعمل على فتح الحوار وهذه المسألة لا تطرح أدنى مشكل في الغالب الأعم، إلا في بعض الحالات التي قد تكون هناك أسباب أخرى وراء سوء التفاهم الذي يحدث وأكتفي بهذه الأمثلة فقط حول ممارسة حق الإضراب من طرف الأجراء مع العلم أن الإضراب يعني فئات أخرى مثل التجار والحرفيين وأرباب العمل وغيرهم من المهنيين لا بد من أخذها بعين الاعتبار عند مناقشة مشروع القانون.
وإذا ما وقع التوافق على هذا القانون وهو أمر ممكن مثل ما حصل على مدونة الشغل سنة 2003 سيشكل ذلك حدثا كبيرا وهو ما يتطلب بذل كافة الجهود من أجل تحقيق ذلك، مع العلم أن هذا القانون ظل معلقا ولم يخرج إلى الوجود منذ صدور دساتير 1962 و1970 و 1972 و 1992 و 1996 حيث نصت كلها في المادة 14 على أن (حق الإضراب مضمون وسيبين القانون التنظيمي الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق)، كما أن دستور فاتح يوليوز 2011 في المادة 29 جاء فيه ما كانت تنص عليه المادة 14 من الدساتير السابقة.
وقبل بداية العمل بهذا القانون يتطلب إحداث قضاء اجتماعي متخصص على غرار القضاء الإداري والتجاري، كما يتطلب أن يتوفر جهاز تفتيش الشغل على نظام أساسي يمكن العاملين به من الصلاحيات التي تجعلهم قادرين على تطبيق القانون وعلى مواكبة ما يتطلب القيام به اتجاه تطبيق هذا القانون عند بداية العمل به.
ضرورة إبرام اتفاق اجتماعيجديد ومهيكل
على أن تنتهي بابرام اتفاق اجتماعي جديد ومهيكل ووضع خارطة طريق للآفاق المستقبلية وتفعيل الآليات والهيئات المهنية والاستشارية الخاصة بكل المجالات التي أشرنا إليها مما سيساعد على إيجاد الحلول لكل القضايا بكيفية مستمرة حتى لا تتراكم، وبالموازاة مع مناقشة القانون المالي لسنة 2016 يطلب من الحكومة أن تفتح الحوار مع النقابات بهدف استشارتها في القانون المالي قبل المصادقة عليه وقصد إيجاد الحلول لهذه الملفات الأربعة المتمثلة في : الملف المطلبي للطبقة العاملة – صناديق التقاعد – قانون الإضراب – قانون النقابات كل ذلك سيضمن لنا أن نحقق التراكم المطلوب وأن نحتفل بفاتح ماي لسنة 2016 في وضع أحسن وأن تمر الانتخابات البرلمانية القادمة والمغرب قد حقق تقدما كبيرا في مستوى دستور فاتح يوليوز 2011 وهو ما يعد نجاحا كبيرا للجميع حكومة وأرباب عمل ونقابات.
بقلم: عبد الرحيم الرماح