نحو دليل لمكافحة الرشوة الجنسية

على خلفية قضية الجنس مقابل النقط التي تفجرت مؤخرا داخل مؤسسة جامعية وأدت إلى اعتقال وتوقيع الجزاءات على مقترفيها، أصدرت منظمة «ترانسبرانسي المغرب» دليلا لمكافحة الرشوة الجنسية والذي أعدته بشراكة مع الجمعية الدولية للقاضيات، ومنظمة الشفافية الدولية، واتحاد قاضيات المغرب، ضمنته نصائح وإرشادات عملية حول القوانين الجاري بها العمل والسبل القانونية المتوفرة من أجل حماية النساء ضحايا هذا النوع من الفساد، ووضع حد للإفلات من العقاب.
 وتراهن «ترانسبارنسي المغرب»، وفق ما تضمنته ديباجة هذا الدليل، على كسر جدار الصمت من طرف ضحايا الرشوة الجنسية، والعمل على إرساء آليات تسمح للضحايا بالبوح وفضح هذه الجريمة، معتبرة أن هذا النهج هو الكفيل بجعل التغيير ممكنا داخل المجتمع، ووضع حد لسلوك المضايقة والإغواء، ما يسمح للنساء بالدفاع عن أنفسهن، منبهة إلى أن الأمر يرتبط اساسا بالوعي والتنبيه ومساعدة الأشخاص نساء ورجالا والأشخاص الذاتيين إدارات وشركات غير حكومية في مجال مكافحة الرشوة الجنسية.
وتوضح ترانسبارنسي، وفقا للتوزيع الموضوعي لفقرات الدليل، أن الرشوة الجنسية هيسوء استخدام شخص ما للسلطة التي تخولها له وظيفته، بحيث يتمثل هذا الاستخدام السيء للسلطة في جعل خدمة يفترض أنها مجانية، مطية لتلبية رغبة جنسية.
وأكدت منظمة ترانسبارنسي في التقديم الذي تصدر هذا الدليل، على معاناة النساء من الفساد بشكل أكبر من الرجال، حيث يعانين من أشكال معينة من الفساد أي الرشوة الجنسية.
واستطردت الجمعية، مدققة، أن مثل هذه الممارسات يمكن لأي شخص أن يكون ضحية لها، غير أن الشائع هو كون الضحايا من النساء في الغالب، إذ أنه في السياق الحالي، تقع النساء من دون شك ضحايا لهذا الابتزاز، نظرا لعدة أسباب، منها انتماؤهن لفئة هشة، منبهة إلى أنه بغض النظر عن الجنس، يمتنع الضحايا عن التبليغ عن هذا النوع من الحالات بسبب طابع الطابو الذي يكتسيه هذا الموضوع يداخل المجتمع، والخوف من وصمة العار ومن الانتقام.
ولفتت في هذا الصدد إلى أن طابع الصمت الذي يحيط بالرشوة الجنسية يمكن تفسيره بعدة أسباب، منها خوف الضحايا من التعرض للوصم ومن تحميلهن المسؤولية لأنهن مستفزات بسبب لباسهن أو سلوكهن المثير أو يمكن أن يعتبرن متواطئات في الرشوة الجنسية
واستطردت الجمعية أن الجانب الجنسي من الرشوة لايزال غير معروف ويصعب تحديده والتصدي له، لأنه نادرا ما يتم الكشف عنه وتناوله من قبل الهيئات المتعارف عليها في مجال المراقبة ومكافحة الفساد.
وأشارت، في هذا الصدد، إلى أن الرشوة الجنسية لا يتم فضحها وقلما تكون موضوعا للشكايات نظرا لخشية الضحايا من الوصم، أو لأن العديد منه النساء يجهلن سبل الانتصاف المتاحة، منبهة فيما يتعلق بالإطار القانوني وآليات مكافحة الفساد بأنها لا تتناول تحديدا الرشوة الجنسية ولا تأخذ النوع الاجتماعي بعين الاعتبار، وهذا النقص في الوضوح يجعل القانون عرضة لمختلف التأويلات.

وأوضحت «ترانسبارني المغرب» أنه، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية، فإن الرشوة الجنسية تنتشر في القطاعين العام والخاص كليهما، حيث يلاحظ على هذا المستوى وضع عقبات إضافية تجعل من الصعب على المرأة الوصول إلى المؤسسات، لاسيما السياسية منها، وإلى الخدمات الأساسية «الصحة، التعليم، العدالة» ومراكز القرار والحصول على قرض أو رخصة أو تصريح أو موافقة
كما تكون النساء ضحايا لأشكال معينة من الفساد في أماكن العمل التوظيف أو الترقية، وفي المؤسسات التعليمية خاصة الجامعة الحصول على نقط جيدة
وأشارت إلى أنه على مستوى الوظيفة العمومية وأيضا في القطاع الخاص يكون الفساد المرتبط بالجنس حاضرا أيضا على مستوى التنقيل والترقية، ونتيجة لذلك فقط يطلب إطار فاسد حظوة جنسية من إحدى مرؤوساته مقابل منحها منصبا أعلى من الذي تشغله.
ويقدم الدليل مختلف المقتضيات القانونية التي تمكن من معاقبة مقترفي هذا النوع الخاص من جرائم الفساد، والضمانات التي توفرها لحماية الضحايا، كما يقترح الدليل المسارات التي على الضحايا اتباعها للانتصاف، والتي تتوزع على ثلاثة مسارات، الأول منها يتعلق بسلك المسار الإداري بتوجيه تظلم مباشر للإدارة المعنية أو التوجه للسلطة الإدارية التي يقع تحت نفوذها مرتكب الانتهاك أو إساءة المعاملة. فيما يتمثل المسار الثاني بسلك المسار القضائي. حيث يمكن للضحية تقديم تظلم مباشرة أو عن طريق محام إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية عندما يتعلق الأمر يجرم ارتكبه موظف. أو اختيار سلك المسار الجمعوي بحيث تقوم منظمات المجتمع المدني المنخرطة في مناهضة الفساد أو التمييز أو العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالاستماع للضحايا ومواكبتهم في التدابير التي يودون اتخاذها.

 فنن العفاني

Related posts

Top