نزهة الوفي: الطريق لا يزال طويلا أمامنا لتنفيذ برتوكول ناغويا على الصعيد الوطني

احتضنت مدينة الرباط، خلال الأسبوع الماضي، أشغال ورشة تقديم نتائج مشروع “التنوع البيولوجي وتثمين الموارد الجينية” الذي تشرف عليه كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، بدعم من برنامج التعاون المغربي الألماني “الحكامة البيئية والمناخية”.
ويأتي هذا المشروع في إطار تنفيذ المغرب لمقتضيات بروتوكول ناغويا والذي تم إطلاقه منذ سنة 2013 من طرف كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة بدعم من برنامج التعاون المغربي الألماني “الحكامة البيئية والمناخية”.
ويتعلق بروتوكول ناغويا بالحصول على الموارد الجينية وتقاسم المنافع الناتج عن استعمالها لا سيما في المواد التجميلية والطبية.
وقالت نزهة الوفي، كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، في كلمة بالمناسبة إن المغرب يعتبر مركزا هاما للتنوع الوراثي للعديد من الأصناف المزروعة والبرية حيث أن 20 في المائة من أنواع النباتات الموجودة في المغرب متوطنة. كما يتوفر المغرب على 400 صنف تستعمل في المجالات الطبية والعطرية مما يجعل المملكة وجهة مفضلة للعديد من المختبرات الدولية ومعاهد البحث العلمي المتخصصة في التجميل والصيدلة وغيرها من المجالات.
وأكدت الوفي أن استعمال الموارد الوراثية يتم في مجمله في اتجاه جنوب- شمال أي من الدول الغنية بالتنوع البيولوجي إلى الدول الأكثر تطورا تكنولوجيا دون حصول الدول الموردة لمواردها الوراثية وتنوعها البيولوجي على أي تقاسم للمنافع لا ماديا ولا اجتماعيا.
ويعزى هذا الاختلال، حسب كاتبة الدولة، إلى الترسانة القانونية غير المكتملة لضمان الحماية الفعالة لموارد المغرب البيولوجية والوراثية، مشيرة إلى أن بروتوكول ناغويا يمنح للمغرب فرصة من أجل ضمان الحماية الفعالة لموارده الوراثية وللمعارف التقليدية الناتجة عن استعمال هذه الموارد مثل الأركان.
وسجلت أنه منذ التوقيع على بروتوكول ناغويا سنة 2012 ونشره في الجريدة الرسمية سنة 2013 شرعت كتابة الدولة في تنفيذ مقتضياته وذلك في إطار مشروع “التنوع البيولوجي وتثمين الموارد الوراثية ” كجزء من برنامج التعاون المغربي الألماني “الحكامة البيئية والمناخية”.
وأضافت أن من نتائج تنفيذ مقتضيات البروتوكول بالمغرب صياغة مشروع قانون ذي صلة وتقديمه إلى الأمانة العامة للحكومة، وتعزيز قدرات الجهات الفاعلة على الصعيدين الإقليمي والوطني، وتعزيز البحث-التنمية لتثمين الموارد الوراثية المعروفة وطنيا، مشيرة إلى أنه بفضل الدعم الذي قدمه التعاون التقني، وخصوصا الثنائي مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي سيتم إنشاء آليات حكامة بين مختلف المؤسسات الوطنية المعنية ووضع آليات فعالة لتنفيذ إجراءات تشريعية ومؤسساتية خاصة بهذا البروتوكول، وتعزيز قدرات الجهات الفاعلة المحلية وكذا المنتخبين والمجتمع المدني والفاعلين الخواص على المستوى الترابي.
الوفي التي أقرت بأن “الطريق لا يزال طويلا أمامنا لتنفيذ برتوكول ناغويا على الصعيد الوطني”، دعت جميع المتدخلين والشركاء في هذا المجال إلى دعم الجهود المبذولة من أجل “وضع هيكلة مؤسساتية تمكننا من تثمين الموارد الوراثية التي حبانا الله بها على الصعيد الوطني مع الحد من استنزافها واستعمالها من طرف الآخرين عبر تقاسم المنافع الناتجة عن استعمالها”.
من جهته قال منسق قطاع البيئة والمناخ التابع للوكالة الألمانية للتعاون الدولي، ميكايل كايو، إن المغرب يعتبر بلدا غنيا بالتنوع البيولوجي والموارد الجينية حيث أن الكثير من المستثمرين على الصعيد الدولي يهتمون بتثمين هذه الموارد.
وأشار كايو إلى أن بروتوكول ناغويا اتفاق لتقاسم المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية بطريقة عادلة ومنصفة، بما في ذلك الوصول الملائم إلى الموارد الجينية ونقل التكنولوجيا الملائمة ذات الصلة، مع مراعاة جميع الحقوق على هذه الموارد.
وتم خلال هذه هذه الورشة عرض المؤشرات الرئيسية للمشروع وتقديم تقرير عن مستوى التقدم في إنجاز مشروع قانون بروتوكول ناغويا ونصوصه التطبيقية، وعن بناء قدرات الجهات الفاعلة الوطنية، وكذا عن الدروس المستخلصة من التفاوض حول عقود الحصول على الموارد الجينية للنباتات والحيوانات المتعددة الاستعمالات. وشارك في هذه الورشة ممثلو القطاعات الوزارية والمعاهد العلمية والجهات الفاعلة بجهتي سوس-ماسة وبني ملال – خنيفرة والمجتمع المدني وكذا القطاع الخاص.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة المغربية انضمت إلى الجهود العالمية للحفاظ على التنوع البيولوجي، ولاسيما اتفاقية التنوع البيولوجي سنة 1992 وبروتوكول ناغويا. ويهدف هذا البروتوكول إلى مواجهة الاستحواذ والاستغلال غير الشرعي وغير العادل للموارد الجينية وما يرتبط بها من معارف تقليدية، عن طريق استحداث آليات للحصول على الموارد الجينية والمعارف التقليدية المرتبطة بها والتقاسم العادل والمنصف للمنافع النقدية وغير النقدية المتولدة عن استخدام هذه الموارد.

***

ما هو بروتوكول “ناغويا” لاستعمال الموارد الجينية؟

تم اعتماد هذا البرتوكول الخاص باستعمال الموارد الوراثية من طرف مؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي بتاريخ 29 أكتوبر 2010 في ناغويا باليابان. ويضع هذا البروتوكول إطارا هاما للحصول على الموارد الوراثية عن طريق الموافقة المسبقة من طرف الدول الموردة لهذه الموارد الوراثية مع تثمين المعارف التقليدية الناتجة عن استخدامها، وذلك بهدف ضمان تقاسم المنافع الناتجة عن استعمالها من طرف الدول الأخرى.
ونقصد بالموارد الجينية أو الوراثية كل النباتات والحيوانات والكائنات ذات القيمة الفعلية أو المحتملة، التي تستخدم من أجل تطوير منتجات جديدة في الصناعة الطبية والتجميلية إلخ.
وتكمن أهمية هذا النظام في كون الموارد الجينية مادة خام جد مهمة بالنسبة للبحث العلمي ولعدد كبير من القطاعات الصناعية خاصة منها الصيدلية والتجميلية.
كما أن أهم الاستثمارات تمت في أنشطة التنقيب البيولوجي لاستكشاف تطبيقات جديدة للموارد الجينية. كل هذه الأنشطة تتم في معظم الأحيان في البلدان النامية التي تمثل أكبر مستودعات للتنوع البيولوجي.
لماذا هذه الآلية؟

هناك أسباب عديدة دفعت المنظومة الدولية للتفكير في وضع هذه الآلية أو برتوكول ناغويا خاصة الدول النامية وذلك قبل الصياغة النهائية للاتفاقية الدولية حول للتنوع البيولوجي. ونذكر من بينها:
• الابتكارات في مجال التكنولوجيا الحيوية وغيرها من التطبيقات الصناعية الناتجة عن استخدام الموارد الجينية تبقى حكرا على البلدان الصناعية.
• عدم استفادة الدول النامية من هذه الابتكارات ومختلف الآثار الناتجة عن استخدام الموارد الجينية.
• من أجل التوفيق بين المصالح الصناعية، مصدرا للتثمين الاقتصادي للموارد الجينية، وأهداف الإنصاف والعدالة الاجتماعية لصالح هؤلاء، أو تلك التي تحافظ على منشأ المعارف المرتبطة بتلك الموارد.
ما هي هذه الآلية؟ وإلى ماذا تهدف؟

هذا النظام هو تفعيل للهدف الثالث للاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي أي التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية. أما الهدفين الآخرين فهما: المحافظة على التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكوناته.
والهدف من هذا النظام هو تسهيل الحصول على الموارد الجينية (داخل الوضع الطبيعي وخارجه)، من جهة، وتشجيع التقاسم المنصف للمنافع (النقدية وغير النقدية) الناشئة عن استخدام الموارد الجينية، من جهة ثانية.
ما هي خلفيات هذا النظام؟

المغزى من هذا النظام يتمثل في السعي نحو الحفاظ والاعتراف بقيمة التنوع البيولوجي بما في ذلك الاستخدام المستدام لمكوناته.
كما يهدف إلى خلق مناخ من الشفافية والثقة المتبادلة بين مستخدمي وموردي الموارد الجينية، وكذا تشجيع البحوث الابتكارية بشأن الموارد الجينية لفائدة الأجيال الحاضرة والمستقبلية.
والأهم من كل هذا التأكد من أن موردي الموارد الجينية حصلوا على منافع نقدية وغير نقدية عادلة ومنصفة الناشئة عن استخدام هذه الموارد.
أهمية الحصول على الموارد الجينية وتقاسم المنافع بالنسبة للبلدان النامية

الحصول على الموارد الجينية وتقاسم المنافع قد يولد منافع اقتصادية، وتقاسم تلك المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية بصفة أكثر عدلا وإنصافا يمكن أن يسهم في التنمية المستدامة من منظور أوسع. ويمكن إعادة استثمار تداعيات هذا التقسيم في الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفقر، مع تشجيع السكان المستفيدين من الحفاظ على التنوع البيولوجي.
وتجدر الإشارة إلى أن الحصول على الموارد الجينية يخضع للموافقة المسبقة عن علم من الطرف المتعاقد الذي يوفر هذه الموارد ما لم يقرر هذا الطرف خلاف ذلك.
وتشتمل المبادئ الأساسية لنظام الموافقة المسبقة على عدة مباديء قانونية وشروط والتزامات بين المتعاقدين حول تقاسم المنافع التي قد تكون نقدية أو غير نقدية.

Related posts

Top