نساء البرلمان

ضيع مجلس النواب، أثناء تجديد هيكلته الداخلية، فرصة مواتية للاحتفال، بشكل عملي، بالمرأة المغربية، وأصر على جعل مختلف هيئاته التسييرية ذكورية. إن جلسة انتخاب هيئات مجلس النواب، جاءت في خضم تخليد المغرب لليوم الوطني للمرأة، وفي سياق ذكرى إقرار مدونة الأسرة، ومع ذلك لم ينتبه أعضاء مؤسستنا التشريعية إلى واجب استحضار دلالة المناسبتين.
بغض النظر عن أي مبرر يمكن عرضه هنا، فإن الأساسي أن برلمانيينا أضاعوا الفرصة، ولم يستطيعوا  عبر قائمة نواب الرئيس والمحاسبين والأمناء، وأيضا من خلال رؤساء اللجان النيابية الدائمة، وحتى على مستوى رؤساء الفرق، أن يجدوا المكان ولو لنائبة برلمانية واحدة (باستثناء رئيسة فريق واحدة)، لتكون في موقع التسيير، وهذا يكشف فعلا عن عقلية ماضوية، مع الأسف، تفتقر إلى الذكاء، ولإلى حسن استيعاب المعنى.
لقد ترأست نائبات لجنا برلمانية، وفرقا، ومنهن من كن عضوات في مكتب مجلس النواب وترأسن الجلسات العامة، ولم يكن أداؤهن أضعف من أداء زملائهم النواب، كما أن نائبات من فرق مختلفة أبرزن مستوى جيدا في الأداء العام وفي حيوية الممارسة، وبالتالي فإن (البروفيل) موجود.
من جهة أخرى، فإن عددا من المراقبين لشأننا البرلماني، يسجلون أن مهزلة الترحال مثلا تبقى ذكورية بشكل كبير، فضلا على أن ظاهرة الغياب هي، بصفة عامة، أقل لدى النائبات منها لدى النواب، وفقط بالاحتكام إلى هذين الالتزامين الأخلاقيين الجوهريين، فإن نائباتنا يستحقن تولي مسؤولية التسيير في المجلس الموقر.
وبالرغم من أننا نقترب من انتخابات 2012، وبالتالي حاجة بلادنا  لمحاربة العزوف، وتعبئة النساء والشباب للمشاركة في التصويت والترشيح، فإن مؤسستنا التشريعية اختارت أن تصم آذانها، وتنسى دورها في تطوير المشاركة السياسية للمرأة، وفي إحداث التراكمات الايجابية على هذا الصعيد انسجاما مع قيم المجتمع الديمقراطي الحداثي التي يرددها الكثيرون، كما لو أنها مجرد أقوال فقط  وليست أفعال ملموسة والتزامات على الدولة وعلى مختلف مؤسساتها وعلى الهيئات السياسية.
إن مجلس النواب اختار هذه المرة أيضا التضحية بعضواته، وعمد إلى جعلهن خلف الرجال، ولم ير فائدة من جعل ولو واحدة منهن في مكتب الغرفة الأولى، وفي المقابل قدمت للمغاربة فرجة خلفت الحزن والأسى لدينا، وكان أبطالها (رجال صناديد)  تحولوا إلى بضاعة في سوق الترحال…
الصورة مسيئة حقا…
وعنوانها، أن برلماننا أضاع فرصة أخرى…

Top