نساء ورجال يدقون ناقوس الخطر بخصوص تفشي ظاهرة التحرش الجنسي بشوارع الدار البيضاء

يعتبر الجنس في مختلف الثقافات موضوعا مركبا ومثيرا للجدل، حيث تتعدد حوله النقاشات وتتداخل فيه العديد من المرجعيات، الدينية، العلمية، الاجتماعية، والقانونية. ولا تُثير كلمة “الجنس” فقط الجدل بمجرد ذكرها، بل يزداد تعقيد الموضوع عند التعمق في معانيه ومظاهره، ما يؤدي إلى مواجهة العديد من التحديات والإشكاليات.

الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته؛ وسلوكه يخضع لأنماط وقواعد محددة تكرر باستمرار، مما يؤدي إلى نشوء القوانين التي تحكم هذا السلوك. ومن ضمن هذه السلوكيات الجنس الذي يجب ممارسته في إطار قوانين وأعراف تحافظ على التوازن المجتمعي. لكن مع تطور الثقافة البشرية ظهرت سلوكيات منحرفة تتعارض مع القيم الأخلاقية والإنسانية، أحد أبرز هذه السلوكيات هو التحرش الجنسي.

سلوك عدواني

تعتبر كثير من النساء البيضاويات أن التحرش أصبح سلوكا عدوانيا يتمثل في التمييز بين الجنسين، واستخدام القوة أو السلطة ضد الآخر. هذا السلوك المخالف للقيم المجتمعية والتشريعات الإنسانية جرى التعامل معه على مر التاريخ كجريمة تستوجب المكافحة، حتى وإن لم يُطلق عليه مصطلح “تحرش” بشكل صريح في الأزمنة القديمة. لقد تمثل التحرش، سواء في الماضي أو الحاضر، شكلًا من أشكال الهيمنة والاعتداء الذي يسعى للسيطرة على الآخر وإخضاعه، وهو ما يعكس تراجعًا عن القيم الإنسانية الأساسية التي ترتكز على الاحترام والمساواة.

واعتبرت العديد من النساء أن التحرش الجنسي في المغرب يمثل قضية اجتماعية بارزة ومثيرة للقلق، حيث يعد من المشكلات التي تواجه النساء بشكل كبير في الحياة اليومية. فرغم الجهود المبذولة على مستوى التشريعات والحملات التوعوية، إلا أن الظاهرة لا تزال متفشية، مما يثير التساؤلات حول أسباب استمرارها والسبل الكفيلة بمكافحتها

ووفق ما رصدته بيان اليوم من مواقف، تظهر أصوات الرجال والنساء على حد سواء  لتؤكد على أهمية التصدي لهذا الانتهاك الخطير.

فالعديد من الرجال يرون أن التحرش الجنسي هو سلوك غير مقبول، ويجب أن يُدان بشدة، حيث يؤكد أحمد ج لبيان اليوم أن “التحرش ليس دليلاًعلى الرجولة، بل هو تعبير عن ضعف وفشل في احترام الآخرين.”

ويشير اسماعيل. ش إلى ضرورة تغيير ثقافة الصمت المحيطة بالتحرش، حيث يعبر عن موقفهم بوضوح بالقول: “يجب أن نتحدث بصوت عالٍ ضد هذا السلوك، فالصمت لن يحل المشكلة، بل سيزيد من تفشيها.”

أما بالنسبة للنساء، فهن يعبرن عن مشاعرهن بألم وحاجة ملحة للتغيير. تقول سميرة .غ في حديث للجريدة: “التحرش الجنسي لا يؤثر فقط على الفرد، بل يمتد تأثيره إلى العائلات والمجتمعات ككل. أريد أن أعيش في عالم يشعر فيه أبنائي بالأمان والاحترام.”

وتشدد فدوى .إ على أهمية تعزيز الوعي والتثقيف منذ الصغر، حيث تعقول في تصريحها: “علينا أن نعلم أطفالنا أن الاحترام هو أساس أي علاقة، وأن لا يتسامحوا مع أي شكل من أشكال التحرش.”

المواجهة قبل تفشي الظاهرة

ويتفق الجميع على أن مواجهة التحرش تحتاج إلى تضافر الجهود من كلا الجنسين، حيث يقول أحد الرجال: “كل واحد منا لديه مسؤولية لنشر الوعي وتعزيز قيم الاحترام. يجب أن نتحد كمجتمع لننشر ثقافة الرفض لهذا السلوك.” وفي نفس السياق، تؤكد النساء أن التعزيز المجتمعي هو المفتاح، حيث تُعبر إحدى الناشطات: “عندما يتحدث الجميع ضد التحرش، يصبح لدينا صوت أقوى، ويمكننا تغيير الواقع.”

إن هذا الحوار المفتوح بين الرجال والنساء هو الخطوة الأولى نحو تغييرلثقافة السائدة، وتعزيز القيم الإنسانية التي تقوم على الاحترام والمساواة. في النهاية، التحرش الجنسي هو مسؤولية مشتركة، ويجب على كل فرد في المجتمع أن يكون جزءًا من الحل، لخلق بيئة آمنة

بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي والمساواة، عدت، في تصريح لبيان اليوم، التصفير بمثابة “حلّ فعلي ولكن محدود التأثير في الزمان، مثل بقية الحملات التي أطلقتها جمعيات نسائيّة”، مضيفة أن العودة إلى استخدام الصفارات هي إعادة النقاش بخصوص التحرش الجنسي إلى عمق المجتمع والإعلام والفضاء العمومي بشكل عام”، مسجلةً “الحاجة إلى بدائل أخرى تبتكرها الفعاليات النسوية بخصوص حماية المرأة من التحرش في الفضاءات المغلقة والخاصة”.

عبدو في تصريحها  لفتت إلى “أهميّة دخول الدولة بمؤسّساتها على المستوى البعيد للقضاء على سلوك التحرش الذي يضايق النساء في مختلف الفضاءات”، مبرزةً أن “الحملات رغم طرافتها وأهميتها لم تجد آذاناً صاغية على مستوى المجتمع، وهو ما يحتم الدخول في رهان رسمي وسياسي تقول من خلاله الدولة كفى من هذه الممارسات والنزول بثقلها لكي تحفظ أمن النساء في كل الأماكن التي ترتادها في المجتمع”.

 

وذكرت رئيسة جمعية التحدي والمساواة أن الأخيرة دعمت اللجوء إلى التصفير، مشددة على ضرورة تعاطي المحيط بإيجابية معه، معولةً بشكل أساسي، وقبل اللجوء إلى الصفارات، “على المدرسة لنسف التصورات الخاطئة السائدة بخصوص اعتبار المضايقة في الشارع سلوكاً عاديا، وكذلك على مؤسسات التنشئة كلها، فضلاً عن دور وزارة الأسرة التي يتعين أن تقوم بعدة حملات داخل المرافق التي تمولها، خصوصا مراكز التعاون الوطني وغيرها، لأجل أن نحظى بمجتمع أقلّ تحرّشا، أو بلا تحرّش إن استطعنا إلى ذلك سبيلا”.

المختص في علم النفس الاجتماعي محسن بنزاكور، قلل، من جهته، من فعالية هذا الحل معتبرا الصفارة حلا “ترقيعيا”، داعيا إلى بناء “مجتمع لا ينظر إلى الجسد على أنه ملك يمكن أن يمارس عليه الجنس حتى في الشارع العام”.

وأضاف محسن بنزاكور، في تصريح للجريدة، إن “هذه حلول ترقيعية، فاحتمالية أن يجتمع الناس حول متحرش في الشارع لتخليص المتحرش بها منه غير مؤكدة”، شرحا موقفه “في بعض الحالات، عوض أن يتدخل الناس من أجل تخليص المتحرش بها يخرجون هواتفهم للتصوير”، متسائلا: “هل نمتلك الشهامة والقدرة على التدخل ومد يد المساعدة لمن هو في حالة خطر”.

إشكالية الطابو تعوق محاربة الظاهرة

لا يزال التحرش الجنسي في المغرب موضوعا لا تسلط عليه الأضواء بالقدر الكافي لكونه إشكالية تندرج ضمن الطابوهات.

فالعديد من النساء اللواتي يتعرضن للتحرش أو العنف الجنسي في الأماكن العامة يحاولن عدم إثارة الموضوع لأسباب تتعلق أغلبها بالخوف من الخروج عن التقاليد والأعراف التي تعتبر الضحايا هارا على الأسرة.

ففي الأماكن المفتوحة مثل الشوارع، ووسائل النقل العامة، والأسواق، وحتى المؤسسات التعليمية، تتعرض النساء لمضايقات جنسية تترك آثارا نفسية واجتماعية جسيمة دون أن يجرأن على المتابعة. ويظل التحرش اللفظي الذي يشمل التعليقات الجنسية المهينة أو التلميحات غير اللائقة، بينما يشمل اللمس غير المرغوب فيه ملامسة جسد المرأة دون موافقتها، خصوصًا في الأماكن المكتظة. المطاردة والملاحقة هي نوع آخر من العنف الجنسي الذي يجعل المرأة تشعر بالخوف والتهديد في الأماكن العامة.

و تعددت الأسباب التي تسهم في انتشار العنف الجنسي ضد المرأة ، من بينها التطبيع الثقافي لسلوكيات التحرش، حيث يتم تبرير أو التغاضي عن هذه الأفعال في بعض الثقافات، وضعف القوانين والردع الذي يجعل المعتدين يعتقدون أنهم لن يتعرضوا للعقاب. بالإضافة إلى ذلك، الافتقار إلى الرقابة والأمان مثل غياب كاميرات المراقبة أو نقص رجال الأمن يزيد من احتمالية وقوع الاعتداءات.

 هذا العنف الجنسي لا يقتصر فقط على الأذى الجسدي، بل يؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية للمرأة، مما يؤدي إلى القلق، الاكتئاب، وحتى الصدمات النفسية. كما يمكن أن يؤدي إلى عزلة اجتماعية بسبب الخوف المستمر من الخروج أو المشاركة لأنشطة اليومية. إلى جانب ذلك، يقيد العنف الجنسي حرية المرأة في التنقل، إذ تصبح النساء أكثر حذرًا وخوفًا من ارتياد الأماكن العامة. من أجل مواجهة هذه الظاهرة، يتطلب الأمر تعزيز القوانين وتطبيقها بصرامة، بالإضافة إلى نشر الوعي المجتمعي حول حقوق المرأة وأهمية حمايتها من العنف بجميع أشكاله.

بين النص القانوني وتحديات الواقع

  ينص الفصل 485 من القانون الجنائي الخاص بجريمة هتك العرض بالعنف  على أنه “يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات من هتك، أو حاول هتك عرض أي شخص، ذكرا كان أو أنثى، مع استعمال العنف”.

كما أشار إلى الفصل 1.1.503 من القانون رقم 103.13 الخاص بـ”محاربة العنف ضد النساء”، الذي ينص بدوره على أنه “يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي، ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2000 درهم إلى 10 آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أمعن في مضايقة الغير في الحالات التالية: الفضاءات العمومية أو غيرها بأفعال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية”.

وعلى  الرغم من  أن المشرع المغربي لم يُعرف جريمة “هتك العرض” بالتفصيل، لكن العمل القضائي المتواتر من خلال تطبيقات الفصلين 485 و484 من القانون الجنائي أجمع على أن هذه الجريمة تتحقق بمجرد “الاستهداف الجنسي” لجسم الضحية دون توفر فعل الاغتصاب الكامل بالضرورة، مشيرا إلى أن جريمة التحرش الجنسي تتحقق بالمضايقة، أي افتراض وجود مسافة بين الضحية والفاعل وعدم المساس بجسدها

ولا يزال التحرش الجنسي ظاهرة مستمرة تثير تساؤلات حول أسباب استمرارها. فعلى الرغم من وجود قانون جنائي  يعاقب على هذا السلوك،إلا أن التطبيق الفعلي لهذا القانون على أرض الواقع يواجه عدة تحديات.

يُجرم القانون الجنائي المغربي التحرش في الأماكن العامة وأماكن العمل وحتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويفرض عقوبات تشمل السجن والغرامات. ومع ذلك، لا يزال كثير من الضحايا يترددون في الإبلاغ عن المتحرشين، خوفًا من الوصم الاجتماعي أو بسبب نقص الثقة في النظام القانوني. هذا التردد يعكس ضعف وعي المجتمع بأهمية تطبيق هذه القوانين بصرامة، إضافة إلى التأثير السلبي للعادات والتقاليد التي قد تلقي باللوم على المرأة نفسها بدلًا من الجاني.

**********************

أكثر من ثلث تلاميذ الابتدائي يتعرضون للتحرش الجنسي بالمدارس

معطيات مثيرة للقلق حول انتشار العنف بشتى أنواعه داخل فضاءات للمؤسسات التعليمية المغربية تلك التي تضمنها تقرير حديث للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.

أبرز تقرير صادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تعرض أكثر من ثلث التلاميذ والتلميذات بالمرحلة الابتدائية للتحرش الجنسي، ووقوع أكثر من عشر التلميذات المغاربة بالمرحلتين الإعدادية والتأهيلية ضحايا “لعلاقات جنسية قسرية”، مبرزا سيادة ضروب مختلفة من العنف الرقمي بين المتمدرسين؛ على رأسها نشر الصور الحميمية على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأفاد التقرير الذي يحمل عنوان “المساواة بين الجنسين.. في ومن خلال المنظومة التربوية”، بأن 30.3 في المائة من التلميذات و37,9 في المائة من التلاميذ المتابعين دراستهم بالمرحلة الابتدائية قد أبلغوا عن تعرضهم للتحرش الجنسي.

وأشار التقرير الصادر عن المؤسسة الدستورية سالفة الذكر إلى أن البنات في المرحلة الثانوية التأهيلية والمرحلة الثانوية الإعدادية هنّ الأكثر تعرضا للعنف الجنسي، طبقا لبحث سابق كانت أجرته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2019 حول العنف ضد النساء، أفاد بوقوع “14,6 في المائة و10,4 في المائة منهن، على التوالي، ضحايا علاقات جنسية قسرية”؛ وهي المعطيات “المثيرة للقلق” التي دفعت المجلس إلى أن ينبّه إلى “الحاجة الملحة لاتخاذ تدابير الحماية البنات من العنف الجنسي في الوسط المدرسي”.

 أورد التقرير أن غالبية حالات العنف الجنسي صدرت عن الأولاد، سواء في المرحلة الثانوية والابتدائية، حسب تصريحات الضحايا؛ فبخصوص المدارس الابتدائية ذكر التقرير”66,3 في المائة من التلامذة الذين تعرضوا للتحرش يُصنفون ولدا أو أكثر من مدرستهم كمرتكب للتحرش، في حين يُصنِّفُ 22,1 في المائة منهم بنتاً واحدة أو أكثر من مدرستهم كمرتكبة لهذا النوع من التحرش”. وتبدو ذات النسب تقريبا مخيمة على المؤسسات الإعدادية والتأهيلية، التي أفاد “70 في المائة من تلامذتها أن مرتكب التحرش هو ولد واحد أو أكثر من نفس مدرستهم، بينما صرح 18 في المائة منهم فقط بأن بنتاً واحدة أو أكثر من نفس مدرستهم مرتكبة لهذا النوع من التحرش”.

وواصل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تسليط الضوء على معطيات أخرى لا تقل “إثارة للقلق” عمّا سلف موردا أن “المدرسين يتم ذكرهم كمرتكبين للتحرش بنسبة لا يستهان بها، حيث أبلغ 5.1 في المائة من تلامذة المدارس الابتدائية و18.7 في المائة من تلامذة المدارس الثانوية أنهم كانوا شهودا على تحرش جنسي ارتكبه أحد المدرسين ضد تلامذة آخرين، مشددا على أن “هذه الخلاصة مثيرة للقلق؛ لأن المدرسين يلعبون دورا أساسيا في خلق بيئة تعليمية آمنة ومحترمة”.

وأشار المجلس ذاته إلى تعدد أشكال العنف الجنسي بالوسط المدرسي، إذ بالإضافة إلى السلوكيات الصريحة جنسيا تحضر “التعليقات والنكت والتصرفات والمواقف والوضعيات التي تتضمن تلميحات ذات طبيعة جنسية” مُبرزا أنه “رغم أن هذه الأشكال من التحرش قد تبدو طفيفة وغير مباشرة، فإنها تتسبب في القدر نفسه من الضرر، حيث تساهم في تأجيج مناخ غير صحي ومنحرف”.

التقرير المستند بشكل رئيسي إلى “تقييم العنف في الوسط المدرسي”، أنجزته الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس بناء على دراسات ميدانية همّت 287 مؤسسة تعليمية مغربية، قدّم أيضا مُفصّلة بخصوص العنف الجسدي داخل المؤسسات التعليمية المغربية، مُسجّلا أن الأولاد هم الأكثر عرضة لأعمال هذا العنف بطريقة متكررة، سواء في المرحلة الابتدائية أو الثانوية”.

بخصوص المرحلة الابتدائية، أفاد التقرير ذاته بأنه خلال هذه المرحلة يكون الأولاد أكثر عرضة من البنات للعنف الجسدي المتكرر، حيث أكدت نسبة 9,2 في المائة من التلميذات تعرضهن للضرب أربع مرات أو أكثر. مقابل 13,2 في المائة من التلاميذ، فيما أفادت 87 في المائة من التلميذات أنهن كُن ضحايا لإلقاء أشياء عليهم بقصد إيذائهن، مقارنة بـ10,2 في المائة من التلاميذ.

المنحى ذاته يبصم عليه العنف الجسدي بالمرحلة الثانوية، أكد المجلس، الذي أبرز أن التلاميذ أفادوا أيضا بتعرضهم للدفع والضرب خمس مرات أو أكثر مقارنة بالتلميذات؛ فقد “أكد 8.3 في المائة من الأولاد أنهم تعرضوا للدفع خمس مرات أو أكثر»، مقارنة بـ5,1 في المائة من البنات، وصرح 5,6 في المائة من الأولاد بأنهم كانوا ضحايا للضرب «خمس مرات أو أكثر مقابل 2,2 في المائة من البنات”.

وبخصوص الجنس الأكثر ارتكابا للعنف الجسدي داخل المدرسة المغربية، ذكر التقرير ذاته أن “حوالي 44,4 في المائة من الأولاد و32 في المائة من البنات في المرحلة الابتدائية من ضحايا العنف الجسدي صرحوا بأن مرتكبي العنف ضدهم مجموعة من الأولاد أو ولد من نفس المؤسسة”، لافتا إلى أنه بالمقابل ذكر 5.9 في المائة من الأولاد و23,3 في المائة البنات فقط أن مُعنفيهم هم مجموعة من البنات أو بنت من المؤسسة نفسها.

ولم يفت المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أن يلفت أيضا إلى “نسب تعنيف الأساتذة والأستاذات لتلامذتهم”، موضحا أن “المعطيات تكشف أنه تتم الإشارة إلى أطر هيئة التدريس كمرتكبين للعنف الجسدي؛ إذ أبلغ 56,6 في المائة من التلامذة عن تعرضهم للضرب في المدرسة من طرفهم”.

بخصوص العنف اللفظي، الذي لم يفصله المجلس عن الصور النمطية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، أفاد التقرير، استنادا إلى التقييم سالف الذكر، بأن “العنف اللفظي يؤثر على التلامذة من كلا الجنسين، على الرغم من أن دوافع وأنواع الاعتداء تختلف بينهما بشكل طفيف”.

في هذا السياق، أوردت بيانات التقرير أن نحو 10,3 في المائة من تلميذات المرحلة الابتدائية أبلغن عن تعرضهن في كثير من الأحيان للسب والشتم؛ بينما ارتفعت نسبة التلاميذ الذين أبلغوا عن تعرّضهم لهذه الأشكال من العنف اللفظي لتصل إلى نحو 12,4 في المائة.

شكل آخر من أشكال العنف اللفظي توقف عنده التقرير، هو السخرية، مشيرا إلى أن الأسباب التي أبلغ عنها ضحايا هذه الظاهرة بالمدارس الابتدائية ترتبط “بالعمل المنجز بشكل جيد وبالمظهر الجسدي وبطريقة اللباس أو تصفيف الشعر؛ غير أن تباين أسباب السخرية هذه، حسب النوع الاجتماعي، يبقى بسيطا”. ويتعرّض تلامذة المستوى الثانوي، بدورهم، بشكل متكرر للسخرية والشتائم والتنابز بالألقاب”، حسب المصدر عينه.

وحسب المصدر ذاته، فغن غالبية مرتكبي العنف اللفظي في المرحلة الابتدائية هم من الأولاد؛ فقد أفاد بأن حوالي 50 في المائة من التلامذة سبق أن تعرّضوا للسخرية من ولد بمفرده أو مجموعة من الأولاد من نفس مدرستهم؛ “في حين أكد 29 في المائة أن مرتكبة الفعل فتاة أو مجموعة من الفتيات من المدرسة نفسها”.

أما بخصوص الإعداديات والثانويات، يظل التلاميذ الذكور، سواء فرادى أو جماعات، المرتكبين الرئيسيين لشتى أشكال العنف اللفظي، مثل الشتائم والسخرية، وفقا للمصدر عينه، الذي ذكر أن 55,5 في المائة من التلامذة قالوا إنهم تعرضوا للسخرية من لدن تلميذ بمفرده، بينما صرّح 40,8 في المائة بأنهم تعرضوا لذلك من طرف مجموعة من التلامذة” لافتا إلى أن 33,5 في المائة منهم صرّحوا بأن مرتكب هذا النوع من العنف في حقهم كان مدرسا.

وفي معطى يكشف “أهمية الاعتراف بأن البنات والأولاد يمكن أن يكونوا ضحايا أو مرتكبين للفعل على حد سواء”، ذكر المجلس أن 45.1 في المائة من البنات و13.3 في المائة من الأولاد في الوسط المدرسي الابتدائي تعرّضن للسخرية من تلميذة أو مجموعة من التلميذات، لافتا إلى أنه من جهة أخرى “أفادت 41.5 في المائة من البنات أنهن وقعن ضحية للسخرية من قبل ولد بمفرده أو من قبل مجموعة من الأولاد، مقارنة بـ58.1 في المائة من الأولاد”.

ووقف تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين البحث العلمي عند اتساع نطاق العنف الرقمي بجميع أشكاله في المدارس، راصدا وتطور التوزيع غير الرضائي للمحتوى الحميمي الصور أو مقاطع بشكل مثيرا للقلق؛ “حيث أفاد حوالي 8.6 في المائة من التلامذة بأنهم وقعوا ضحايا لهذا النوع من العنف مع تسجيل ارتفاع طفيف في صفوف الأولاد (10.3 في المائة) مقارنة بالبنات (6,7 في المائة)”، وفقا للمصدر ذاته.

وأورد التقرير ذاته أن حوالي 10.5 في المائة من تلامذة المدارس الابتدائية بأنهم تلقوا رسائل مزعجة أو مسيئة أو مهينة عبر الإنترنيت، بينما “أكد حوالي 9,6 في المائة أنهم تلقوها عبر الهاتف”، أضاف المجلس.

ولاحظ المجلس ذاته أن الإهانات والسخرية على الشبكات الاجتماعية غدت أمرا شائعا بين تلامذة المدارس الثانوية، حيث تنتشر هذه الممارسات بسبة عالية جدا في صفوفهم، كاشفا أن “22,1 في المائة من تلامذة المدارس الثانوية أفادوا بأنهم وقعوا ضحايا لهذا النوع من العنف الرقمي مرة واحدة على الأقل؛ “فيما أكد 5.7 في المائة من الأولاد أنهم تعرضوا للسخرية أو الإهانة خمس مرات أو أكثر على شبكة التواصل الاجتماعي”.

ايناس اتويرسي (صحافية متدربة)

Top